بدأت الولايات المتحدة الجمعة، إجراءات شطب الحوثيّين من لائحة الإرهاب، ما من شأنه أن يزيل عقبة تقول المنظّمات الإنسانيّة إنّها تضرّ بتقديم مساعدات ضروريّة، في وقت رحّب الطرفان المتحاربان بحذر بمسعى الرئيس الأميركي جو بايدن لتحقيق السلام.

وأودت الحرب الطاحنة المستمرّة منذ ستّ سنوات في اليمن بعشرات آلاف الأشخاص وشرّدت الملايين، ما تسبّب بأسوأ كارثة إنسانيّة في العالم وفق الأمم المتحدة. 

وقال متحدّث باسم وزارة الخارجيّة الأميركيّة الجمعة، "أبلغنا الكونغرس رسميًا" بنيّة وزير الخارجيّة أنتوني بلينكن شطب الحوثيّين من لائحة الإرهاب.

وتأتي هذه الخطوة التي ستدخل قريبًا حيّز التنفيذ، غداة إعلان بايدن إنهاء الدعم الأميركي للعمليّات الهجوميّة التي تقودها السعوديّة في اليمن.

وأضاف المتحدّث "هذا القرار لا علاقة له بنظرتنا إلى الحوثيّين وسلوكهم المستهجن، بما في ذلك الهجمات على المدنيّين وخطف مواطنين أميركيّين".

وتابع "أكّدنا التزامنا مساعدة السعوديّة في الدفاع عن أراضيها ضدّ هجمات جديدة"، مشدّدًا على أنّ "تحرّكنا هذا ناجم فقط عن العواقب الإنسانيّة لهذا التصنيف الذي قامت به الإدارة السابقة في الدقائق الأخيرة".

وأشار إلى أنّ "الأمم المتحدة والمنظّمات الإنسانيّة أوضحت منذ ذلك الحين أنّ (إدراج الحوثيّين على لائحة المنظّمات الإرهابيّة) سيؤدّي إلى تسريع أسوأ أزمة إنسانيّة في العالم".

وأعلن وزير الخارجيّة الأميركي السابق مايك بومبيو قرار إدراج الحوثيّين على لائحة الإرهاب قبل أيّام من مغادرته منصبه الشهر الماضي، مبرّرًا ذلك بصلتهم بإيران، العدوّ اللدود للرئيس السابق دونالد ترامب، وكذلك بهجوم سقط فيه قتلى على المطار في عدن، ثاني أكبر مدن اليمن في 30 كانون الأوّل/ديسمبر.

 "ارتياح عميق" 

وقال المتحدّث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيان إنّ "شطب هذا التصنيف سيمنح ارتياحًا عميقًا لملايين اليمنيّين الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانيّة والواردات التجاريّة لتلبية احتياجاتهم الأساسيّة".

وتؤكّد منظّمات العمل الإغاثي أن لا خيار لديها سوى التعامل مع الحوثيين الذين يشكّلون حكومة أمر واقع في مناطق واسعة من اليمن، بما في ذلك العاصمة صنعاء، وأنّ إدراجهم على لائحة الإرهاب سيعرّض المنظّمات لخطر ملاحقات في الولايات المتحدة. 

وتقول الأمم المتحدة إنّ أكثر من ثلاثة ملايين شخص نزحوا، وإنّ نحو 80 بالمئة من عدد السكّان البالغ 29 مليون نسمة بحاجةٍ إلى نوع من المساعدة الإنسانيّة.

وأعلن بايدن الخميس، سحب الدعم العسكري للعمليّات التي تقودها السعوديّة، في أوّل خطاب له حول السياسة الخارجيّة لإدارته منذ انتهاء ولاية ترامب.

وأكّد أنّ إدارته "تعزّز جهودها الدبلوماسيّة لإنهاء الحرب في اليمن" التي "تسبّبت بكارثة إنسانيّة واستراتيجيّة".

وشدّد بايدن على "هذه الحرب يجب أن تنتهي"، معلنًا إنهاء "كلّ الدعم الأميركي للعمليّات الهجوميّة في الحرب في اليمن، بما في ذلك مبيعات الأسلحة".

ورحّبت الحكومة اليمنيّة المعترف بها دوليًا والمدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية، بتصريحاته وشدّدت على "أهمّية دعم الجهود الدبلوماسيّة لحلّ الأزمة".

واعتبرت إيران أنّ القرار الأميركي يساعد في "تصحيح أخطاء الماضي"، مؤكّدةً أنّها تدعم "كلّ جهود المجتمع الدولي لمساعدة اليمن".

لكنّ المتحدّث باسم وزارة الخارجيّة الإيرانيّة سعيد خطيب زادة أكّد أنّ القرار "لا يستطيع وحده أن يحلّ المشكلة في اليمن".

 "بداية جيدة" 

كما رحّب الحوثيّون بقرار إدارة بايدن.

وقال عبدالإله حجر، مستشار رئيس "المجلس السياسي الأعلى للحوثيين"، لوكالة فرانس برس، إنّ "إلغاء التصنيف خطوة متقدّمة في اتجاه السلام".

ورأى أنّ "الإدارة (الأميركيّة) الجديدة بدأت بداية جيّدة، لأنّها أوفت بما كانت تعِد به، وهذه بادرة جيّدة". لكنّه أشار إلى أنّ "مصداقية هذه القرارات لن تتحقق إلا إذا ثبتت في الواقع وشعر بها الشعب اليمني في فك الحصار وإيقاف الحرب".

بدورها أكدت السعودية أنها "تتطلع إلى استمرار وتعزيز التعاون والتنسيق مع الولايات المتحدة" وترحّب بما أعلنه بايدن "حيال التزام الولايات المتحدة بالتعاون مع المملكة للدفاع عن سيادتها والتصدّي للتهديدات التي تستهدفها"، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية في بيان رسمي.

لكن بالنسبة إلى اليمنيّين، فإنّ الحلّ الفعلي يبقى بعيد المنال.

وقالت ربّة المنزل هدى ابراهيم (38 عامًا)، من مدينة الحديدة الساحلية، "لن تتوقف الحرب. لا أحد يريد إيقافها. هذه مجرّد دعاية أو تصريح وراءه غرض سياسي".

وأضافت "أنا لست متفائلة ولا أصدّق أيّ أخبار بشأن وقف الحرب. كيف ستتوقف وأصوات الاشتباكات لا تهدأ حتى لليلة واحدة؟".

أ ف ب