يتوقّع أن يختتم المدّعون الديمقراطيون، الخميس، مرافعاتهم في إطار محاكمة الرئيس الأميركي السابق أمام مجلس الشيوخ، غداة عرضهم مشاهد مروّعة تظهر إجلاء سياسيين مخضرمين لحمايتهم من الاعتداء الذي استهدف مقر الكونغرس.

وسيعرض المدّعون الديمقراطيون الخميس لليوم الثاني حججا تدعم الاتهام الذي وجّهوه لترامب بأنه حرّض على اقتحام الكونغرس، وهم يسعون في ذلك إلى تذكير أعضاء مجلس الشيوخ والمشاهدين الأميركيين الذين يتابعون البث الحي للمحاكمة بالدرك الذي آلت إليه الأمور في 6 كانون الثاني/يناير.

وتُستأنف المحاكمة التاريخية ظهر الخميس في القاعة نفسها التي اقتحمها أنصار ترامب في السادس من كانون الثاني/يناير الماضي.

وفي لقطات من كاميرات مراقبة بعضها لم يعرض من قبل وتسجيلات فيديو وضعها مؤيدو ترامب على الإنترنت، يظهر رجال شرطة يصرخون من الألم وبرلمانيون في حالة ذعر ومهاجمون يطلقون تهديدات، وذكّر الاتهام الذي عرض هذه اللقطات أعضاء مجلس الشيوخ المئة الذين يمثلون القضاة والمحلفين والشهود، بأنهم نجوا هم أنفسهم بأعجوبة "من الأسوأ".

في المقابل، اعتبر محامو الدفاع عن ترامب الذين سيعرضون حججهم في وقت لاحق من الأسبوع الجاري، أنه لا يمكن تحميل الرئيس السابق مسؤولية أعمال الشغب، وأن المحاكمة برمتها غير دستورية لأنه لم يعد رئيسا.

والخميس صرّح الخبير الاستراتيجي الجمهوري كارل روف لشبكة "فوكس نيوز" الإخبارية الأميركية "أعتقد أنه في نهاية المطاف لن يتوفر 67 صوتا لإدانة الرئيس"، لكنّه توقّع أن تُستخدم تسجيلات المحاكمة "ضد كل جمهوري يسعى لخوض انتخابات العام 2022 في مقاطعة أو ولاية تشهد تنافسا حادا".

ووضع النواب الديمقراطيون المكلفون توجيه الاتهام إلى الرئيس السابق، الهجوم في إطار حملة خاضها الملياردير الأميركي الذي رفض الاعتراف بهزيمته أمام جو بايدن بعد الانتخابات.

وقال جيمي راسكين الذي يشرف على فريق الادعاء "لم يكن الرئيس ترامب شاهدا بريئا على حادث" كما يقول محاموه بل "تخلى عن دوره كقائد أعلى للقوات المسلحة ليصبح المحرض الرئيسي على تمرد خطير".

من جهته أكد النائب جواكين كاسترو أن هجوم أنصار ترامب بينما كان الكونغرس يستعد للمصادقة على فوز بايدن "لم يأت من عدم".

وأضاف أن "دونالد ترامب أجج عداء الجماهير على مدى أشهر".

ورفض قطب العقارات السابق المقيم في فلوريدا الإدلاء بشهادته، لكن صوته استمر في التردد في قاعة مجلس الشيوخ في الكونغرس حيث عرض متهموه مقتطفات عديدة من خطبه وأعادوا إظهار تغريداته الملتهبة واستشهدوا بكلماته الأكثر إثارة للجدل.

غيروا رأيهم

رأى الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، أن بعض البرلمانيين قد يكونون غيروا رأيهم في محاكمة دونالد ترامب بعد العرض المؤثر لجهة الادعاء.

وقال من المكتب البيضوي "أظن أن البعض قد يكون غير رأيه" في تلميح إلى ان بعض أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين قد يقررون التصويت لصالح إدانة الرئيس السابق. وغداة عرض مشاهد صادمة لاقتحام الكابيتول يعكف المدعون الديموقراطيون الخميس على عرض حججهم ضد دونالد ترامب الذي يحاكم بتهمة "التحريض على التمرد" في إطار اقتحام مبنى البرلمان.

"كذبة كبرى"

وفرص إقناع ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ، وهو أمر ضروري لإدانته، ضئيلة لكن الديمقراطيين يأملون التأثير على الرأي العام خلال الجلسات التي تبث مباشرة في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

وقد وصفوا بـ"الكذبة الكبرى" حملة التضليل الطويلة بشأن الانتخابات الرئاسية التي شنها الرئيس الأميركي الخامس والأربعون مكررا لأسابيع من دون دليل أنه كان ضحية تزوير انتخابي هائل.

وقال البرلماني تيد ليو إنه بعد فشل الشكاوى القانونية التي تقدّم بها ترامب وضغوطه المتعددة على مسؤولي الانتخابات في الولايات الرئيسية "وجد الرئيس ترامب أنه لا يملك خيارات غير عنيفة للبقاء في السلطة".

وأضافت زميلته ستايسي بلاسكيت أنه تحول بعد ذلك إلى "المجموعات التي عمل على تنميتها لأشهر"، مثل مجموعة "براود بويز" اليمينية المتطرفة التي كان العديد من أفرادها من بين من اقتحموا الكابيتول، مشيرا إلى أن الرئيس دعاهم في تشرين الأول/أكتوبر إلى أن يكونوا "مستعدين".

وفي السادس من كانون الثاني/يناير قال ترامب لمؤيديه المجتمعين في واشنطن قبيل اقتحام حصن الديمقراطية الأميركية "حاربوا مثل شياطين".

"هدف"

أصر محامو ترامب على التأكيد خطيا الاثنين على أن اعتبار الرئيس السابق مسؤولاً عن عنف "مجموعة صغيرة من المجرمين (...) أساؤوا فهمه بالكامل" هو أمر "سخيف"، مؤكدين أنه "حثهم على البقاء سلميين".

وردت النائبة مادلين دين الأربعاء "راجعنا 11 ألف كلمة يتألف منها خطابه وقد استخدم فيها عبارة ’سلمي’ مرة واحدة فقط، مقابل أكثر من 20 مرة استخدم فيها كلمة ’للقتال’".

وأضافت بلاسكيت أن الأسوأ من ذلك هو أنه تبرأ من نائبه مايك بنس الذي رفض وقف إجراءات المصادقة على نتيجة الانتخابات وجعله مع زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب نانسي بيلوسي "هدفا".

ولإظهار تأثير ترامب على أنصاره، عرض خواكين كاسترو صورا لرجل يتلو عبر مكبر للصوت على درجات الكابيتول تغريدة نشرها دونالد ترامب في خضم الهجوم "لم يكن لدى مايك بنس الشجاعة لفعل ما هو ضروري لحماية البلد".

وأفادت تقارير إعلامية أن أداء محامي ترامب في مستهل محاكمته الثلاثاء أثار غضبه إذ اعتبره باهتا.

ما زال يتمتع بشعبية

أشاد السناتور الجمهوري جون ثون بروايتهم. وقال لصحافيين "قاموا بعمل جيد في إبراز الروابط (...) لعرض الوقائع".

وقال زميله تيد كروز في تغريدة على تويتر إن "ترامب لم يعد في منصبه ولا جدوى من إجراء محاكمة باستثناء الانتقام السياسي".

وما زال ترامب يتمتع بشعبية كبيرة لدى جزء من الناخبين وبتأثير قوي على الحزب الجمهوري.

وقد حمله بعض أعضاء مجلس الشيوخ مسؤولية في الهجوم لكن من غير المرجح أن ينضم 17 منهم إلى الديمقراطيين لإدانته وحرمانه من إمكانية الترشح من جديد.

وقد تتم تبرئته خلال أيام.

أ ف ب