استبعدت محكمة لبنانية، الخميس، قاضيا اتهم سياسيين كبارا بالإهمال في انفجار مرفأ بيروت، مما أثار غضب عائلات الضحايا الذين قالوا إن ذلك أظهر أن الدولة لن تحاسب أصحاب النفوذ أبدا.

وكان القاضي فادي صوان يشرف على التحقيق في أكبر انفجار غير نووي في التاريخ.

ووجه صوان اتهامات الإهمال في كانون الأول/ ديسمبر لثلاثة وزراء سابقين ورئيس حكومة تصريف الأعمال.

ولقي 200 حتفهم في انفجار آب/ أغسطس 2020 عندما انفجرت كمية ضخمة من نترات الأمونيوم كانت مخزنة بمرفأ العاصمة لسنوات بشكل غير آمن، كما أدى الانفجار لإصابة الآلاف وتدمير أحياء بأكملها.

وتجمع أهالي الضحايا عند قصر العدل في بيروت مساء الخميس للاحتجاج على استبعاد صوان من التحقيق. وكانوا يرتدون الملابس السوداء وحملوا صورا لأحبائهم القتلى ورفعوا لافتات كتب عليها "أين أصبحت نتائج التحقيقات؟".

وجلست امرأة على الأرض وأجهشت بالبكاء.

وقالت امرأة أخرى تدعى ريما الزاهد "كان لدينا أمل 1% على الأقل أنه من الممكن أن نستعيد حقنا... حق أخي ليرتاح في قبره وليرتاح جميع الشهدا في قبورهم... لقد تعبنا نريد الحقيقة".

وكان المسؤولون الذين وجه إليهم صوان الاتهام رفضوا استجوابهم كمشتبه بهم واتهموه بتجاوز سلطاته.

جاء قرار المحكمة استبعاد صوان من القضية الخميس بعد طلب من وزيرين سابقين وجه لهما الاتهام وهما علي حسن خليل وغازي زعيتر. ولم يتسن الوصول لصوان لطلب التعليق.

واستشهدت نسخة من قرار المحكمة "بارتياب مشروع" في حيادية صوان لأن منزله تضرر في الانفجار الذي دمر معظم أحياء العاصمة.

وستؤخر هذه الخطوة على الأرجح التحقيق الذي واجه معارضة سياسية ولم يسفر عن أي نتائج بعد.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن استبعاد القاضي بناء على شكوى من سياسيين "إهانة" للضحايا.

وقالت الباحثة آية مجذوب "عدنا إلى المربع الأول... نحن بحاجة إلى إجابات ولبنان أظهر أنه غير قادر على تقديمها".

"خطوط حمراء"

كانت اتهامات صوان هي الأولى من نوعها ضد كبار السياسيين بسبب الانفجار. وقال محامون إن القاضي أظهر الشجاعة في بلد لم يحاسب فيه سوى القليل من المسؤولين. وواجه صوان انتقادات من حزب الله الشيعي ورئيس الوزراء السني السابق سعد الحريري، وهما طرفان متنافسان يتقاسمان السلطة بموجب النظام السياسي الطائفي في لبنان.

وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب إنه مرتاح الضمير. وكان دياب استقال من منصبه بسبب الغضب الجماهيري الذي أثاره الانفجار.

وقال خليل إنه لا علاقة له بالانفجار. وتشرف وزارة المال التي كان وزيرها من 2014 إلى 2020 على الجمارك.

وكان زعيتر وزيرا للأشغال العامة في 2014 بعد وقت قصير من وصول السفينة التي تحمل النترات إلى المرفأ.

ووصف زعيتر الاتهامات بأنها "انتهاك صارخ".

وخليل وزعيتر نائبان عن حركة أمل، الحزب الشيعي الذي يقوده رئيس البرلمان نبيه بري، حليف جماعة حزب الله.

وكان من المقرر استجواب الوزير السابق الثالث، وهو يوسف فنيانوس، الخميس لكنه قال أيضا إنه لن يحضر الجلسة. واستهدفت العقوبات الأميركية فنيانوس وخليل العام الماضي لصلاتهما بحزب الله الذي تعتبره الولايات المتحدة منظمة إرهابية.

وقال المحامي يوسف لحود، الذي يمثل مئات من ضحايا الانفجار، إن الأمر بات الآن في يد وزيرة العدل لتعيين قضاة آخرين من أجل التحقيق بموافقة من مجلس القضاء الأعلى.

ولم ترد الوزيرة على طلب التعليق.

وقال نزار صاغية رئيس المفكرة القانونية، وهي منظمة غير ربحية للأبحاث والمناصرة، إن قرار الخميس قد يردع أي قاض آخر يجري تعيينه عن التحقيق مع السياسيين.

وأضاف "يفترض اليوم بعد ما سببلهم كل ها الإحراج القاضي صوان يكون فيه رغبة منهم أنه هالمرة يكونوا دقيقين بالتعيين... وما يعينوا أي قاضي إلا إذا كانوا متأكدين من أنه ما راح يتجاوز خطوط حمراء".

رويترز