أكد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي، الاثنين، استعداد إيران لرفع مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 60% في حال احتاجت إلى ذلك، في ظل محاولات دبلوماسية لإحياء الاتفاق حول برنامجها النووي الذي انسحبت منه واشنطن.

وأتت تصريحات خامنئي، عشية بدء طهران تقليص عمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تنفيذا لقرار برلماني طلب ذلك في حال انقضى 21 شباط/فبراير من دون رفع العقوبات التي أعادت الولايات المتحدة فرضها على طهران، بعد انسحاب واشنطن الأحادي من الاتفاق النووي في العام 2018.

ويطلب القرار البرلماني من الحكومة، زيادة مستوى التخصيب إلى 20%، وهو ما بدأ تطبيقه مطلع كانون الثاني/يناير الماضي، في خطوة إضافية ضمن مسار تدريجي باشرت إيران اعتماده منذ منتصف 2019، وتراجعت خلاله عن العديد من التزاماتها، ردا على انسحاب الولايات المتحدة وإعادة فرضها عقوبات.

وقال خامنئي: "نحن مصمّمون على امتلاك القدرات النووية بما يتلاءم مع حاجات البلاد، ولذلك سقف إيران للتخصيب لن يكون 20%، وسنتصرف (وصولا) إلى أي مستوى نحتاج إليه وتتطلبه البلاد، مثلا من أجل المحرك النووي أو أعمال أخرى، يمكن أن نذهب إلى تخصيب بنسبة 60%"، وذلك وفق ما جاء في بيان نشره موقعه الإلكتروني الرسمي.

وأضاف "الجمهورية الإسلامية لن تتراجع في المسألة النووية، وستمضي بقوة على مسار ما تحتاج إليه البلاد اليوم وغدا".

وكانت إيران بلغت مستوى تخصيب 20% قبل عام 2015، تاريخ إبرام الاتفاق النووي مع القوى الست الكبرى (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا).

وهدف الاتفاق، إلى رفع عقوبات اقتصادية دولية كانت مفروضة على إيران، في مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان أنها لا تسعى إلى تطوير سلاح نووي. وبموجب الاتفاق، حدد سقف تخصيب اليورانيوم عند مستوى 3.67%.

وفي حال رفع التخصيب إلى 60%، سيكون هذا المستوى أعلى بكثير مما نصّ عليه الاتفاق النووي، وأقرب إلى مستوى 90% المخصص للاستخدام العسكري.

وأكدت طهران مرارا سلمية برنامجها، على عكس ما تتهمها به بعض الدول مثل الولايات المتحدة وإسرائيل، وخصوصا رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو.

وأعاد خامنئي اليوم، تأكيد عدم رغبة إيران في حيازة السلاح النووي.

وقال "ذلك المهرج الصهيوني الدولي يقول دائما: لن ندع إيران تصل إلى سلاح نووي! لو كان لدى الجمهورية الإسلامية قرار بالوصول إلى سلاح نووي، لم يكن هو ولا من أكبر منه ليمنعنا من ذلك"، معيدا تأكيد الضوابط الشرعية والإسلامية التي تحول دون ذلك.

"إنجاز مهم"

وتستعد إيران اعتبارا من الثلاثاء، تقليص عمل المفتشين، من دون أن توقف التعاون معهم بشكل كامل.

وهي توصلت الأحد، لاتفاق مؤقت مع الوكالة الدولية خلال زيارة قام بها مديرها العام رافايل غروسي، الذي أعلن بعد عودته إلى فيينا، أن الاتفاق التقني يتيح مواصلة بعض عمليات التفتيش حتى 3 أشهر.

واعتبر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، أن الزيارة أفضت إلى "إنجاز دبلوماسي مهم جدا وإنجاز تقني مهم جدا" للمنظمة الإيرانية للطاقة الذرية.

وشدد على أنه "لم يتم فقط تعليق العمل بالتطبيق الطوعي للبروتوكول الإضافي (الملحق بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية)، لكن كل ما تم الاتفاق عليه الآن هو في إطار قانون" مجلس الشورى.

وأكد غروسي، أن هذا القانون "سينفذّ، ما يعني أن البروتوكول الإضافي للأسف سوف يُعَلّق"، متابعا "سوف يتم تقييد عملنا، لنواجه هذا الأمر. لكنّنا تمكنا من الإبقاء على الدرجة اللازمة من أعمال المراقبة والتحقق".

وانسحبت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، أحاديا، من الاتفاق النووي عام 2018، وأعادت فرض عقوبات اقتصادية قاسية على طهران.

وأبدت إدارة الرئيس الجديد جو بايدن، استعدادها للعودة إلى الاتفاق، لكنها اشترطت بداية عودة إيران إلى التزاماتها. في المقابل، تشدد طهران على أولوية رفع العقوبات، مؤكدة أنها ستعود إلى التزاماتها في حال قامت الولايات المتحدة بذلك.

وجدد خامنئي الاثنين، التأكيد أن إيران مستعدة للعودة إلى التزاماتها بشرط عودة الآخرين.

وقال "عندما تركت الولايات المتحدة وتبعها الآخرون، القرآن يأمرنا بترك التزامنا أيضا، لكن حكومتنا المحترمة لم تتخل عن التزاماتها وقلّصتها تدريجيا، وهو أمر يمكن العودة عنه في حال عادوا إلى التزاماتهم".

المجال لـ "مناقشات سياسية"

ولم يعط غروسي الأحد، تفاصيل دقيقة عن الأنشطة التي لن يكون بإمكان الوكالة الدولية للطاقة الذرية القيام بها، لكنه أكد عدم خفض عدد المفتشين في إيران واستمرار عمليات التفتيش المفاجئة في ظل التفاهم المؤقت.

من جهتها، أكدت إيران أن من ضمن الإجراءات التي ستتخذها، وقف حصول الوكالة الذرية الدولية على تسجيلات كاميرات موضوعة في بعض المواقع.

وكانت المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية أوضحت ليل الأحد، أن تسجيلات الكاميرات ستبقى بحوزة طهران خلال الأشهر الثلاثة للاتفاق المؤقت، على أن تعطى للوكالة في نهاية هذه الفترة بحال تم رفع العقوبات الأميركية، أو يتم اتلافها في حال لم يتم ذلك.

وألمح غروسي الأحد، إلى أن الاتفاق المؤقت يمهّد الطريق لإجراء مباحثات سياسية قد تفضي لحل التجاذب بين طهران وواشنطن، بشأن من يقوم بالخطوة الأولى تمهيدا لإحياء الاتفاق النووي.

ورأى أن الاتفاق يفسح المجال من أجل "إجراء مناقشات سياسية على مستويات أخرى، والأهم من كل ذلك تجنب وضع قد نكون فيه، بتعبير عملي، نسير على غير هدى" على مستوى التفتيش.

ورحبت موسكو الاثنين، بالاتفاق.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في بيان، إن طهران والوكالة الدولية قدمتا "مساهمة إيجابية ملموسة في توفير شروط بدء محادثات جوهرية بين المشاركين الحاليين في خطة العمل الشاملة المشتركة والولايات المتحدة بشأن عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي".

أ ف ب