تظاهر آلاف من مناصري حركة النهضة التي تتمتع بكتلة كبيرة في البرلمان التونسي، في العاصمة تونس السبت دعماً للحكومة وسط اشتداد الخلاف السياسي مع رئيس الجمهورية قيس سعيّد.

وكان "حزب حركة النهضة" ذو المرجعية الاسلامية وحليفه "قلب تونس" الليبيرالي دفعا إلى تعديل حكومي على يد رئيس الوزراء هشام المشيشي في منتصف كانون الثاني/يناير.

وفي 27 كانون الثاني/يناير، نال وزراء المشيشي الجدد ثقة البرلمان رغم تحفظ سعيّد الذي تحدث عن شبهات بالفساد وتضارب المصالح تحوم حول بعض الوزراء بالإضافة الى غياب تمثيل المرأة.

ومن ثمّ لم يرسل سعيّد دعوة رسمية للوزراء الـ 11 لأداء اليمين في قصر قرطاج ولم يصدر المرسوم الرئاسي لتعيينهم في مناصبهم.

ودعت النهضة إلى الاحتجاج السبت في العاصمة تونس، وقال العديد من المتظاهرين إنهم احتشدوا لدعم الحزب الإسلامي المعتدل وكذلك من أجل الوحدة والديمقراطية.

وقال المتظاهر محمد خليف الذي جاء من مدينة صفاقس الساحلية للمشاركة في المسيرة "لدينا نظام برلماني وليس للرئيس أن يقرر من سيحكم". وأضاف أنه "يجب احترام الديمقراطية والدستور".

ومن حوله هتف المتظاهرون الذين تقاطروا إلى العاصمة من مختلف أرجاء البلاد، "الشعب يريد الوحدة الوطنية".

وترتفع حدّة التوتر السياسي في البلاد وسط اشتداد الأزمة الوبائية وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية.

والجمعة، جاء في تقرير نشره صندوق النقد الدولي أن "أزمة كوفيد -19 تفاقم الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية في تونس" و"أدت إلى انكماش اقتصادي غير مسبوق".

ودعا صندوق النقد الدولي إلى إصلاحات عاجلة لتقليص العجز المالي الذي قدّره بـ11.5% من الناتج المحلي الإجمالي في 2020.

وقدم سلسلة من التوصيات، من بينها وضع قيود على دعم الطاقة وخفض فاتورة الأجور.

"اكتساب الثقة"

وخاطب رئيس حزب "حركة النهضة" رئيس البرلمان راشد الغنوشي المتظاهرين السبت، داعيا إلى الحوار والوحدة بين القوى السياسية.

ويسيطر حزبه على جزء كبير من المشهد السياسي التونسي منذ المراحل الأولى التي أعقبت الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي عام 2011، إلا انّه شهد انقسامات.

ورأى المحلل يوسف الشريف أنّ التظاهرة أظهرت أن النهضة "ما زالت قادرة على الحشد بأعداد كبيرة" وهذا ما "يسمح لها بالجلوس إلى طاولة المفاوضات معززة بهذا الدعم".

لكنه أضاف أن الحشد قد يؤدي إلى تعقيد المشهد إذ "اكتسب" قادة النهضة "الثقة" في مواجهة رئيس يرفض التسويات.

وكان قيس سعيّد، الأكاديمي وخبير القانون الدستوري، انتقد المسار "غير الدستوري" في التعديل الوزاري.

ونقل عن سعيد قوله في وقت سابق من هذا الشهر "أقسمت أمام الله (...) ولست مستعدا بأن أتراجع عن المبادئ".

وانتهجت البلاد في أعقاب ثورة 2011 نظاما سياسيا هجينا بين البرلماني والرئاسي ما ساهم في تعميق الخلافات بين رأسي السلطة في ما يتعلق بالصلاحيات الدستورية.

وفي غياب محكمة دستورية في تونس، استمرت الأزمة السياسية ستة أسابيع مع عدم وجود حل في الأفق لتخفيف التوترات بين الرئيس والبرلمان والحكومة.

أ ف ب