يبدأ البابا فرنسيس الجمعة زيارة للعراق تستمر حتى الثامن من آذار/مارس هي الأولى لحبر أعظم إلى هذا البلد دعما لأحد أقدم الجماعات المسيحية في العالم التي تقلص عدد أفرادها إلى 400 ألف بعد نزاعات واضطهادات مستمرة منذ سنوات.

وتشكل هذه الزيارة المرفقة بإجراءات أمنية استثنائية ووسط جائحة كوفيد-19، محطة أساسية في جهود البابا للتقرب من المسلمين. وتتضمن الزيارة لقاء غير مسبوق بين البابا والمرجع الشيعي الكبير علي سيستاني الذي لا يظهر علنا ونادرا ما يستقبل الزوار.

ويزور البابا بغداد وينتقل السبت إلى مدينة النجف ومدينة أور القديمة. ويزور الأحد أربيل ومن ثم الموصل التي تشهد عملية إعادة إعمار بعدما كانت معقلا لتنظيم داعش "الأرهابي". ويلتقي البابا مسيحيين في قراقوش في سهل نينوى.

وتتضمن زيارة البابا برنامجا حافلا يشمل توجهه إلى مواقع بارزة في البلاد، وفيما يأتي خمسة مواقع رئيسية سيزورها. 

- بغداد المرهقة -

في أول يوم له في العاصمة العراقية، سيلقي البابا فرنسيس كلمة في كنيسة "سيدة النجاة" الكاثوليكية في الحي التجاري الرئيسي في الكرادة.

 في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2010، اقتحم متشددون الكنيسة وقتلوا 44 من المصلين وكاهنين وسبعة من قوات الأمن في واحدة من أعنف الهجمات على الطائفة المسيحية في العراق.

وتحمل الآن النوافذ الزجاجية الملونة في الكنيسة أسماء الضحايا فيما كتبت رسالة تحدٍ فوق المذبح تقول، "أين نصرك يا موت؟". لكن أعداد المصلين تضاءل فيما تحيط الجدران الخرسانية بالكنيسة، ما يجعل الوصول إليها صعبا.

وقبيل زيارة البابا، رسم فنان عراقي صورة للبابا على الجدران الخرسانية إلى جانب حمامات بيضاء تمثل السلام وألوان العلم العراقي.

- مدينة النجف -

في إطار تواصله مع المسلمين، يزور البابا مدينة النجف العائدة إلى 1230 عامًا والتي تعد العاصمة الروحية لمعظم الشيعة في جميع أنحاء العالم.

ويضم الضريح المهيب ذو القبة الذهبية قبر الإمام علي بن أبي طالب صهر النبي محمد عليه الصلاة والسلام. 

لفترة طويلة كانت هذه المدينة تحت الحكم العثماني حتى العام 1915 عندما سقطت في أيدي البريطانيين الذين صمدوا على الرغم من تمرد رجال الدين المحليين. 

في النجف، سيلتقي البابا فرنسيس بالمرجع الشيعي علي السيستاني. 

لا يظهر رجل الدين البالغ من العمر 90 عامًا علنًا ونادرًا ما يستقبل الزوار،ما يجعل اللقاء الثنائي أحد أبرز محطات الرحلة البابوية.

ويقام اللقاء في منزل السيستاني المتواضع المكون من طابق واحد مع منع معظم الصحافيين من حضور الاجتماع.

- مسقط رأس إبراهيم -

من النجف ينتقل البابا إلى أور الواقعة في الصحراء ويعود تاريخها إلى ما قبل المسيحية. وقد تأسست في القرن السادس والعشرين قبل المسيح، وأصبحت مدينة رئيسية في الإمبراطورية السومرية الأكدية القديمة. 

تتميز أور بالزقورة وهو هيكل متعرج يشبه الهرم تم كشفه في ثلاثينيات القرن الماضي. يُعتقد أن أور  التي تعني "بلدة" باللغة السومرية، هي المكان الذي ولد فيه النبي إبراهيم، في الألفية الثانية قبل الميلاد.

سيقيم البابا فرنسيس مراسم تجمع الأديان المختلفة مع بعض الأقليات الأصغر في العراق، بما في ذلك الأيزيديون والصابئة.

- الموصل وقرقوش -

محافظة نينوى الشمالية هي مركز الطائفة المسيحية في العراق. عاصمتها الموصل هي المكان الذي اختار تنظيم الدولة المعروفة باسم "داعش" فيه الإعلان عن إنشاء دولة "الخلافة" في العام 2014. 

في الموصل، سيزور البابا كنيسة الطاهرة في غرب المدينة التي دمرها تنظيم الدولة قبل أن تهزمه القوات العراقية بعد حرب طاحنة.

وتشير السجلات إلى أن الكنيسة تعود إلى القرن السابع عشر، لكن بعض المؤرخين يعتبرون أنها قد تكون عائدة لألف عام.

خلال القتال في العام 2017، انهار سقف الكنيسة لكن الباب الملكي والأبواب القديمة الجانبية سلمت.

وتعمل "يونسكو" حاليًا على إعادة تأهيلها وأجزاء أخرى من تراث الموصل  من كنائس ومساجد. 

على بعد حوالي 30 كيلومترًا إلى الجنوب، تقع قرقوش المعروفة أيضًا باسم بغديدة والحمدانية والتي تتمتع بتاريخ طويل سبق المسيحية ولكن سكانها اليوم يتحدثون لهجة حديثة من الآرامية، لغة السيد المسيح.

لحق دمار كبير بقرقوش على يد تنظيم الدولة الإسلامية ولا يزال الوضع الأمني متوتراً مع انتشار الجماعات المسلحة التي ترعاها الدولة بأعداد كبيرة في السهول المحيطة.

- اربيل الملجأ -

في إحدى آخر محطات زيارته، يقيم البابا قداسًا في الهواء الطلق في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق. 

عندما اجتاح تنظيم الدولة شمال العراق، لجأ مئات الآلاف من المسيحيين والمسلمين والأيزيديين إلى إقليم كردستان العراق الذي كان يستضيف أساسا الأقليات النازحة اثر العنف الطائفي الذي شهده العراق خلال مراحل سابقة تلت الغزو.

تضم اربيل آثارا لمستوطنات بشرية تعود إلى القرن الثالث والعشرين، واستمرت لتصبح مركزًا حضريًا رئيسيًا في جميع أنحاء الإمبراطوريتين السومرية والآشورية.

أدرجت قلعتها وهي عبارة عن مجمع ضخم على قمة تل يطل على سوق المدينة، على قائمة التراث العالمي للبشرية التي تعدها اليونسكو في العام 2014.

أ ف ب