أعلنت الرياض الأحد، عن إسقاط طائرة مسيّرة استهدفت ساحات الخزانات النفطية في ميناء رأس تنورة في المنطقة الشرقيّة واعتراض وتدمير صاروخ أطلِق باتّجاه منشآت لمجموعة آرامكو في الظهران (شرق)، وذلك في اليوم الذي بدأ فيه التحالف الذي تقوده السعوديّة في اليمن عمليّة عسكريّة عبر شنّ غارات جوّية على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى.

وأعلن الحوثيون على تويتر أنهم أطلقوا طائرات مسيرة وصواريخ على رأس تنورة، وعلى أهداف عسكرية في منطقة الدمام وفي المناطق الجنوبية الشرقية بالقرب من الحدود اليمنية.

وبحسب الرياض، فإنّ الحوثيّين الذين يخوضون حرباً ضدّ الحكومة اليمنيّة التي يدعمها التحالف منذ عام 2015، يُصعدّون هجماتهم ضدّ السعودية.

وقال المتحدّث الرسمي باسم وزارة الدفاع السعوديّة تركي المالكي الذي أوردت كلامه وكالة الأنباء السعوديّة، إنّه "تمّ تدمير وإسقاط الطائرة بدون طيّار المهاجمة والقادمة من جهة البحر، قبل الوصول لهدفها. كما تمّ اعتراض وتدمير الصاروخ الباليستي الذي أطلِق لاستهداف مرافق أرامكو السعوديّة بالظهران". 

وأوضح الناطق "تسبّب اعتراض الصاروخ وتدميره في سقوط الشظايا بالقرب من الأعيان المدنيّة والمدنيّين"، من دون الإشارة إلى وقوع إصابات.

واعتبر أنّ الهجومَين "لا يستهدفان أمن المملكة العربيّة السعوديّة ومقدّراتها الاقتصاديّة، وإنّما يستهدفان عصب الاقتصاد العالمي والإمدادات البتروليّة وكذلك أمن الطاقة العالمي".

وشدّد على أنّ "وزارة الدفاع ستتّخذ الإجراءات اللازمة والرادعة لحماية مقدّراتها ومكتسباتها الوطنيّة بما يحفظ أمن الطاقة العالمي".

"عملية نوعية"

وكان التحالف الذي تقوده السعوديّة في اليمن شن الأحد، عمليّة عسكريّة عبر غارات جوّية على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى.

ونقلت وكالة الأنباء السعوديّة عن التحالف إعلانه "بدء تنفيذ عملية عسكرية نوعية بضربات جوية موجعة ضد الحوثيّين، مشيرا إلى أن العملية "تستهدف القدرات الحوثية" في صنعاء وعدد من المحافظات.

وتسببت الغارات بانفجارات في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، بينما شاهد مراسلو وكالة فرانس برس تصاعد أعمدة دخان في السماء.

وتحدّثت قناة "المسيرة" التابعة للحوثيّين عن سبع غارات في صنعاء.

وتأتي الغارات بعد إعلان التحالف أنه اعترض ما مجموعه 12 طائرة مسيّرة أطلقها الحوثيّون في وقت سابق الأحد، بحسب ما نقلت قناة "الإخبارية" الحكوميّة السعوديّة.

ولم يوضح التحالف المواقع المستهدفة. 

وأكّد التحالف أنّ "الاعتداءات الحوثيّة بالتصعيد ضدّ المدنيّين لن تقود لفرض تسوية سياسيّة"، في إشارة إلى الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة توصّلاً إلى حلّ للنزاع.

وشدّد التحالف على أنّه سيُواصل "التعامل مع مصادر التهديد وتدمير القدرات النوعيّة"، معتبراً أنّ استهداف المدنيّين في المملكة "خط أحمر".

وأعلن مساءً "تدمير صاروخين باليستيين أطلقتهما الحوثيّون تجاه مدينة جازان في جنوب المملكة، من دون الإشارة إلى وقوع ضحايا أو أضرار.

تقود السعودية منذ 2015 تحالفا عسكريا دعما للحكومة اليمنية التي تخوض نزاعاً دمويا ضدّ الحوثيين منذ سيطرتهم على صنعاء ومناطق أخرى في 2014.

وتتعرّض مناطق عدة في السعودية باستمرار لهجمات بصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة مفخخة تطلق من اليمن باتجاه مطاراتها ومنشآتها النفطية.

أزمة تمويل 

أودت الحرب الطاحنة المستمرة منذ 6 سنوات في اليمن بحياة عشرات الآلاف وشردت الملايين، مما تسبب بأسوأ كارثة إنسانية في العالم وفق الأمم المتحدة.

وزار منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن ديفيد غريسلي الأحد، مدينة الحديدة المطلة على البحر الأحمر.

وقال غريسلي للصحفيين "عليّ أن أفهم وضع الغذاء والوقود والصحة والمياه والتعليم وغيرها من احتياجات الناس".

وأكد "ما نرغب في رؤيته هو فتح الميناء ليس للوقود فحسب، بل لبضائع أخرى".

كانت الأمم المتحدة حذّرت الأسبوع الماضي من "حكم بالإعدام" على اليمنيّين بعدما جمع مؤتمر للمانحين الدوليّين أقلّ من نصف ما يحتاجه البلد الغارق بالحرب لتجنّب حدوث مجاعة.

وناشدت المنظّمة الأمميّة الدول المانحة التبرّع بسخاء لجمع مبلغ 3.85 مليار دولار لتمويل عمليّات الإغاثة في أفقر دول شبه الجزيرة العربيّة، لكنّ مجموع التعهّدات بلغ في النهاية نحو 1.7 مليار دولار.

وأكّد غريسلي أنّه "بعد أكثر من عام على تفشّي كوفيد في العالم، لا تزال اقتصادات (الدول) ضعيفة، بينما تجد الجهات التي تقدّم التمويل صعوبات متزايدة في مواصلة ذلك".

وبحسب غريسلي "يتعيّن علينا إيجاد طريقة للذهاب أبعد من المساعدات الإنسانية، ومساعدة الاقتصاد على النهوض".

تضمّ الحديدة ميناءً يُعد شريان حياة لملايين السكّان. وشهدت المحافظة خلال الأعوام الماضية معارك عنيفة مع محاولة القوّات الحكوميّة استعادة عاصمتها من أيدي المتمرّدين قبل التوصّل لاتّفاق لوقف إطلاق النار في السويد في كانون الأوّل/ديسمبر 2018.

تصعيد القتال في مأرب 

صعّد الحوثيّون هجماتهم على السعوديّة بعدما شطبتهم الولايات المتحدة من لائحة المنظّمات الإرهابيّة التي أدرجتهم فيها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب. وحذّرت المنظّمات الإنسانيّة من أنّ تصنيفهم منظّمةً إرهابيّة يعوق تقديم مساعدات ضروريّة لليمن.

ويأتي ذلك في وقت تتواصل المعارك في مأرب شمالي اليمن منذ بدأ الحوثيّون هجوماً الشهر الماضي للسيطرة على آخر معاقل السلطة في الشمال.

وتقع مأرب في محافظة غنيّة بآبار النفط وقريبة من العاصمة صنعاء.

وأكّد التحالف الأحد، أنّ "رفع الحوثيّين من قائمة الجماعات الإرهابيّة فُسّر بطريقة عدائيّة".

وتابع "الواقع على الأرض وانتصارات الجيش اليمني والقبائل بمأرب، تفسّر وتيرة التصعيد الإرهابي".

وأوقعت معارك عنيفة بين القوّات الحكوميّة والحوثيين في مأرب 90 قتيلاً من الطرفين في 24 ساعة، حسب ما أعلنت مصادر حكومية يمنية السبت.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن أعلن إنهاء الدعم الأميركي للعمليات الهجومية التي تقودها السعودية في اليمن، بينما أكد أن الحرب "تسبّبت بكارثة إنسانية واستراتيجية"، مشدّدا على أنها "يجب أن تنتهي".

أ ف ب