قالت ورقة سياسات لمنتدى الاستراتيجيات الأردني، الاثنين، إن العمالة الجامعية تفوق حاجة سوق العمل، ودعت إلى اعتبار جائحة كورونا كحدث محفز للتغيير، وتطوير مستوى التعليم في الأردن.

وأوضح المنتدى، في ورقة سياسات بعنوان " التعليم العالي في الأردن: في زمن كورونا وما بعده"، أن الجامعات في الأردن تخرج من الطلاب الأردنيين أكثر مما يولده الاقتصاد من فرص العمل، حيث تمكن الاقتصاد الأردني من توليد 42963 فرصة عمل خلال الفترة الممتدة  بين 2016-2018، في حين شغل الأردنيون الحاصلون على شهادة البكالوريوس والدراسات العليا نحو 48% من هذه الوظائف، بما يقارب من 20558 وظيفة، وهو ما يفسر تزايد نسب البطالة بين حملة الشهادات الجامعية والدراسات العليا.

وقالت الورقة، إن فقدان الوظائف وتراجع إيرادات الشركات نتيجة لتداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد، سيفرض ضغوطا مالية هائلة على المواطنين والحكومة، وقد تتسبب هذه التحديات في انخفاض أعداد الأردنيين الذين يسعون إلى تحصيل شهادات جامعية في المستقبل إذا ما تم مواكبة التغيرات التكنولوجية والاجتماعية التي أحدثتها الثورة الصناعية الرابعة، والبقاء على صلة بآخر التطورات في القطاع التعليمي، بحيث يكون تركيز التعليم الجامعي في اكتساب المهارات التي يحتاجها السوق المحلي.

وتهدف ورقة المنتدى إلى تحديد الجوانب الاجتماعية والاقتصادية للتعليم العالي في الأردن، وتقديم رؤية حول مستقبل التعليم العالي، والإشارة إلى التخصصات الجديدة الصاعدة وتلك التي تعتبر في طريقها إلى الزوال.

وبينت الورقة، أن تداعيات جائحة كورونا أجبرت جميع المؤسسات التعليمية في مختلف أنحاء العالم إلى تعليق النظام التعليمي المعتاد (الوجاهي) والانتقال مؤقتا إلى التعليم عن بُعد (الإلكتروني)؛ مما تسبب بإرباك واضح في مسارها التعليمي، وخاصة تلك الجامعات التي كان لها تجارب ناضجة فيما يتعلق بالتعليم عن بُعد (الإلكتروني).

وشددت الورقة على ضرورة اعتبار الجائحة كحدث محفز للتغيير، وأن يهيئ هذا الوباء الفرصة الحقيقية في تطوير مستوى التعليم في الأردن، وتحسين العملية التعليمية لتحقيق مكاسب لم تكن بالحسبان قبل ظهور الجائحة.

وعزت الورقة السبب في ذلك إلى عجز سوق العمل المحلي عن توليد أعداد كافية من فرص العمل نتيجة لمعدلات النمو الاقتصادي المتواضعة في الأردن.

وأشارت الورقة إلى أن دخول "جهات فاعلة جديدة" في مسار التعليم مثل أمازون (Amazon) وغوغل (Google) واي بي إم (IBM) ومايكروسوفت (Microsoft) سيجبر الجامعات التقليدية على تغيير نموذج أعمالها.

وسيشهد المستقبل ديناميكيات جديدة لتلبية حاجة السوق بالمهارات المطلوبة؛ حيث تمنح هذه الشركات الضخمة شهادات معتمدة ومعترف بها - لمرحلة ما بعد الثانوية- التي تتجاوز أحيانا بأهميتها الجامعات التقليدية إلى حد كبير، الأمر الذي يتطلب مزيدا من التغيير، وإعادة النظر في تحديد دور الجامعات التقليدية.

وأوضحت الورقة، أن القطاع التعليمي في مختلف أنحاء العالم شهد العديد من التحولات النوعية منذ أن بدء التحول التكنولوجي بالظهور، حيث اختلف توجه الجامعات عن ذي قبل فيما يتعلق بتأهيل الطلبة؛ وبات التعليم يركز بشكل أكبر على تأهيل الطالب لعالم متغير وديناميكي ليتماشى مع متطلبات سوق العمل، بعيدا عن منح الطالب شهادة أشبه ما تكون "برخصة" لسوق العمل.

وبين المنتدى بأن تبني التكنولوجيا واستخدامها في العملية التعليمية يعد فعالا وضروريا في مختلف الجوانب؛ من حيث التكلفة، فإن الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا يمكن أن يقلل من التكاليف التي تتكبدها الجامعات؛ ومن ناحية الفاعلية فإن تصميم التعليم الرقمي سيؤدي إلى تحسين عملية التعليم.

وأشارت الورقة إلى أن الجامعات التي تنجح في اعتماد نموذج تعليمي مرن وجيد التنظيم من شأنها أن تحسّن من نوعية تعليمها، وتنمو وتصبح أكثر منعة وتكيفا من الناحية المالية.

ولفت المنتدى في ورقته النظر إلى أن آلية التحول المنشودة في نوعية التعليم تتطلب اتخاذ العديد من الإجراءات على مستوى إعادة هيكلة مراكز تنمية أعضاء هيئة التدريس ومراكز تكنولوجيا المعلومات في الجامعات لتحقيق التكامل والترابط فيما بينهما.

إضافة إلى تهيئة كافة المستلزمات المادية والفنية واللوجستية المطلوبة حتى تتمكن من مساعدة أعضاء هيئة التدريس على إجراء التحول المطلوب في التعليم والقياس والتقويم.

وأوصى منتدى الاستراتيجيات الأردني بضرورة تطوير العملية التعليمية عن طريق تقديم نموذج تعليمي مرن يمزج بين التعليم الوجاهي والتعليم عن بُعد (عبر الإنترنت)، إضافة إلى تبني طريق مناسب وواضح يتلاءم مع المعطيات التي يتمتع بها القطاع التعليمي في الأردن، من خلال تطبيق أفضل الممارسات العالمية والنظر إلى التحولات الجوهرية التي حدثت في الجامعات المرموقة، وإذا ما نجحت الجامعات في الأردن من ابتكار نموذج تعليمي تتميز به كل جامعة بحسب خصائصها التي تنفرد بها، سيؤدي ذلك إلى تعزيز وزيادة مساهمتها في عملية النمو والتنمية لسنين طويلة، والذي سينعكس بدوره على أجيال قادمة.

وأشارت دراسة المنتدى، إلى عدد من التخصصات التي يتنامى عليها الطلب مثل؛ تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي والتسويق الرقمي وتطوير الأعمال وأمن المعلومات ومطوري البرمجيات والتطبيقات؛ في حين أن بعض التخصصات الأخرى تعتبر في طريقها إلى الزوال، وهو ما يتطلب ضرورة تكيف الجامعات ومؤسسات التعليم العالي مع هذه المستجدات.

إضافة إلى بناء وتطوير نظام يضمن جودة التعليم استنادا إلى نماذج عالمية للمساءلة، وذلك من خلال التقييم الذاتي من الجامعات والتقييم الخارجي من خبراء لبناء التميز والإبداع، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي، وتعزيز التفرد والتميز لكل جامعة وبناء كيانها العلمي المستقل من خلال تعزيز مبدأ الحرية المؤسسية للجامعات ولو بالتدريج.

المملكة