أعلن البابا فرنسيس، المرهق من زيارته التاريخية التي استمرت 3 أيام إلى العراق، الاثنين في الطائرة التي أعادته إلى روما، أن اللقاء مع المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني السبت "أراحت نفسه".

وتحدث البابا المؤيد للحوار المباشر مع ممثلي الدين الإسلامي، عن اللقاء الثنائي مع السيستاني واصفا إياه بأنه "رجل متواضع وحكيم".

وقال الحبر الأعظم، خلال مؤتمر صحافي، عقده في الطائرة التي أقلته إلى روما "لقد أبدى احتراما كبيرا خلال لقائنا وهذا يشرفني. فهو لا يقف أبدا للترحيب بزواره لكنه وقف لالقاء التحية علي مرتين".

وأضاف "هذا اللقاء أراح نفسي".

وأوضح الحبر الأعظم "شكل ذلك رسالة عالمية شعرت أن من واجبي أن أقوم بحج الإيمان والتوبة هذا ولقاء رجل كبير حكيم رجل دين تقي وكان ذلك جليا فقط بمجرد الاستماع إليه".

وأضاف "إنه شخص يتمتع بالحكمة والخفر. قال لي إنه لم يعد يستقبل منذ 10 سنوات الزوار الذين لديهم أهداف سياسية أو ثقافية بل يستقبل فقط الذين لديهم دوافع دينية".

وأتى اللقاء بعد عامين من توقيع البابا فرنسيس وثيقة الأخوة الإنسانية مع شيخ الأزهر أحمد الطيب، أحد أبرز المرجعيات الإسلامية السنية في العالم.

لم يتم توقيع أي وثيقة مماثلة في العراق، لكن البابا أكد انه "ستكون هناك خطوات أخرى" في هذا الحوار مع المسلمين.

وشدد على ضرورة "التقدم مع الديانات الأخرى" مستشهدا بالمجمع الفاتيكاني الثاني الذي دعا إلى الحوار مع الديانات الأخرى.

وقلل البابا من أهمية الانتقادات التي طالته قائلا "هناك بعض الانتقادات التي تقول إن البابا ليس شجاعا وهو غير واع وإنه يقوم بخطوات خارج العقيدة الكاثوليكية وإنه على بعد خطوة من الهرطقة. انها مجازفات. هذه قرارات تتخذ دائما عبر الصلاة والحوار عبر طلب النصح. إنها تنتج عن تفكير وليس عن نزوة".

"وحشية" داعش

البابا الأرجنتيني الذي أراد أيضا دعم مسيحيي العراق إذ باتوا يشكلون 1% من السكان اليوم في مقابل 6% قبل عشرين عاما، لم يخف تأثره أمام كنيسة الموصل التي دمرها  تنظيم "داعش" الإرهابي الذين هزموا قبل 3 سنوات.

وقال البابا الذي حلّق فوق المدينة بمروحية "بقيت عاجزا عن الكلام" مضيفا "إنه أمر لا يصدق، هذه الوحشية".

في قرقوش، البلدة الأخرى في شمال العراق التي سقطت في أيدي داعش، استمع البابا فرنسيس إلى امرأة خسرت ابنها خلال القصف لكنها مستعدة للمسامحة، وقال "لقد تأثرت كثيرا بشهادتها، أم تعرض العفو في هذه الظروف".

وفيما استهدفت مصالح أميركية في العراق بصواريخ قبل وصول البابا، اعتبر الرئيس الأميركي جو بايدن الاثنين، أن زيارة الحبر الاعظم بعثت رسالة "أخوة وسلام مهمة".

وكتب بايدن "أن رؤية البابا فرنسيس وهو يزور المواقع الدينية مثل مسقط رأس النبي إبراهيم، وقضاء بعض الوقت مع علي السيستاني والصلاة في الموصل - المدينة التي عانت قبل بضع سنوات من العنف وتطرف جماعة مثل تنظيم "داعش" الإرهابي - يشكل رمزا للأمل للعالم بأسره".

"ادراك للمخاطر"

وزار البابا الذي تلقى اللقاح المضاد لكوفيد-19 وكذلك الأشخاص الذين يرافقونه، العراق في أوج انتشار الوباء.

وردا على سؤال حول الخطر المحتمل الذي قد يكون شّكل على العراقيين الذين حضروا للقائه في عدة كنائس لكن أيضا في ملعب مكتظ في اربيل في إقليم كردستان العراق، رد البابا أنه فكر كثيرا وصلى قبل أن يتخذ قراره مع "إدراك للمخاطر" في الوقت نفسه، وقال "في النهاية، اتخذت قراري بحرية".

وتابع الحبر الأعظم (84 عاما) أن زيارة العراق "كانت مرهقة أكثر من زياراته الأخرى" إلى الخارج.

وأضاف البابا الذي بدا أنه يواجه صعوبة في المشي أكثر من المعتاد، "لا أعلم ما اذا كانت الرحلات ستتباطأ".

وفي معرض حديثه عن رحلات أخرى، ذكر البابا بأنه وعد بالتوجه في أقرب وقت ممكن إلى لبنان "البلد الذي يتألم" معلنا أيضا أنه سيزور المجر في أيلول/سبتمبر.

أ ف ب