أعلن رئيس الوزراء الهولندي مارك روته إحرازه فوزا "كاسحا" في الانتخابات التشريعية التي جرت الأحد وشكلت اختبارا لإدارته أزمة كوفيد-19، متعهدا بأن يستغل ولايته الرابعة لإعادة بناء البلاد بعد الوباء. 

وأظهرت استطلاعات الخروج أن حزب "في في دي" (حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية) الليبرالي الذي يقوده روته، الزعيم الأطول حكما في أوروبا بعد 10 سنوات في السلطة، قد فاز بأكبر عدد من مقاعد البرلمان بعد الانتخابات التي استمرت ثلاثة أيام وروعي فيها التباعد الاجتماعي.

وتمكن "في في دي" بحسب الاستطلاعات من حصد 36 مقعدا بعد أن كان يملك 33 في الانتخابات التي جرت قبل أربع سنوات. 

وأكد روته وهو يبتسم للصحافيين في مقر البرلمان "ناخبو هولندا أعطوا حزبي تصويتا كاسحا على الثقة". 

وقال "لم يجر كل شيء بشكل حسن في السنوات العشر الماضية"، في إشارة إلى استقالته في كانون الثاني/يناير بسبب فضحية تتعلق باتهام أشخاص باستغلال امتيازات خاصة بالأطفال على خلفية عنصرية.

وأضاف "لكن بالطبع الموضوع الأساسي المطروح على الطاولة في السنوات المقبلة هو كيف نعيد بناء البلاد ونمضي قدما بعد كورونا"، لافتا إلى أنه يملك ما يكفي من الطاقة "لعشر سنوات مقبلة". 

المفاجأة الرئيسية كانت الأداء القوي لحزب "دي 66" بزعامة وزيرة التجارة الخارجية سيغريد كاغ الذي وفق إذاعة "أن أو أس" الرسمية حل في المركز الثاني، حيث من المتوقع أن يرفع حصته البرلمانية نحو ثمانية مقاعد لتصل إلى 27 مقعدا.  

وقالت كاغ التي نشرت على تويتر صورة لها وهي ترقص على طاولة احتفالا إن النتيجة "تأكيد على اننا الحزب التقدمي الوحيد الذي كان له تأثير في السنوات الأخيرة".

أما حزب "الحرية" بقيادة الزعيم المعادي للإسلام غيرت فيلدرز فقد تراجع إلى المركز الثالث مع 17 مقعدا بعد خسارة ثلاثة مقاعد، وفق استطلاعات الخروج.

وهنأ فيلدرز خصمه روته على الرغم من أنه وصفه بـ"الخائن" خلال الحملة الانتخابية، قائلا إنه كان "يأمل بعدد أكثر قليلا من المقاعد"، لكن "لا نزال الحزب الثالث في هولندا". 

وأشارت الاستطلاعات إلى نتيجة جيدة غير متوقعة لحزب الزعيم الشعبوي تييري باوديه "منتدى الديمقراطية" الذي فاز بثمانية مقاعد، وهو الحزب الوحيد الذي نظم تجمعات انتخابية على الرغم من الوباء وطالته الانتقادات بسبب تعليقات مشككة باللقاحات. 

أما الأحزاب اليسارية التقليدية فقد قضت ليلية سيئة حيث خرجت خاسرة للعديد من المقاعد، فيما فاز حزب "فولت" بأول ثلاثة مقاعد له في البرلمان.

وهولندا أول بلد أوروبي ينظم انتخابات في هذه السنة الجديدة وسط جائحة كورونا التي نظمت على ثلاثة أيام لكي يتمكن الناخبون الذين يعانون من مشاكل صحية، الاقتراع بأمان.

والإدلاء بالأصوات في هذه الانتخابات كان في أماكن غير معتادة مثل متاحف أو فنادق أو كنائس أو مراكز فحوصات في مختلف أنحاء هولندا حيث يمكن رؤية المواطنين يدلون بأصواتهم وهم على دراجاتهم الهوائية أو من السيارات.

وصرح الناخب توان كومبن (37 عاما) لفرانس برس "الحملة مختلفة عما كانت عليه مقارنة مع انتخابات أخرى وهي تركز فعليا على ما يحصل الآن".

وقال ناخب آخر يدعى اريك سبروت (35 عاما) "مهما حصل يبقى رئيس الوزراء محصنا في موقعه" في ختام حملة "أقل حماسة من سابقاتها".

وتنافس 37 حزبا وهو رقم قياسي منذ عقود، على 150 مقعدا في مجلس النواب ضمن خارطة سياسية مشتتة تقود عادة إلى تحالفات معقدة.

وتعد هولندا 17 مليون نسمة وسجلت حتى الآن أكثر من 1,1 مليون إصابة بكوفيد-19 و16100 وفاة.

وكان مئات الأشخاص عبروا عن استيائهم خلال تظاهرة مناهضة للحكومة الأحد في لاهاي وقامت الشرطة بتفريقها مستخدمة خراطيم المياه.

وفرض حظر تجول مثير للجدل في نهاية كانون الثاني/يناير تسبب بأعمال شغب عنيفة في مختلف أنحاء البلاد.

وأعلن روته الأسبوع الماضي عن استثناءات لحظر التجول الساري من الساعة التاسعة مساء حتى 4,30 فجرا، ستطبق خلال الانتخابات لإفساح المجال أمام المواطنين للتوجه إلى صناديق الاقتراع "بدون عراقيل".

وكانت السلطات الهولندية اعتمدت في بادىء الأمر إجراءات أكثر ليونة لمكافحة الوباء مقارنة مع الدول المجاورة قبل أن تعمد إلى تشديدها في الأشهر الماضية.

ورأى اندريه كروفيل أستاذ العلوم السياسية في جامعة امستردام الحرة أن روته لا يزال يحظى بشعبية. وقال لوكالة فرانس برس "يبدو أن الناخبين اليمينيين يحبون فعلا روته وحزبه".

وأضاف أن روته "يستفيد من كونه في موقع رئيس الوزراء فضلا عن كورونا لأنه كان المتحدث الرسمي عنها خلال الجائحة"

أ ف ب