ارتفع عدد القتلى من جراء الاشتباكات القبلية في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور بالسودان، إلى 132 قتيلا، على ما أعلن واليها الخميس، في ظل تحذيرات من نفاد الأدوية محلياً وتعرض المسعفين لإطلاق نار.

وقال محمد عبد الله الدومه في مؤتمر صحفي عقده في الخرطوم، "عدد القتلى حتى الآن حسب التقارير الطبية (...) 132 قتيلاً". وأضاف أنّ الأوضاع الآن "مستقرة نوعا ما، لا قتال، وخدمات الكهرباء والمياه عادت إلى المدينة"، ولكنّه أشار إلى "أعمال نهب".

وأكد الدومه أن "المليشيات" التي شاركت في القتال "جاءت من خارج المدينة" وبعضها يرتدي ملابس عسكرية.

وقال إنّ "الذين شاركوا في القتال مليشيات لا هدف لها سوى النهب والسلب وبعضهم يرتدون أزياء عسكرية وآخرون يرتدون الكدمول"، وهو غطاء للرأس والوجه تستخدمه القبائل البدوية في مناطق دارفور ودولة تشاد.

وأضاف أن "هذه المليشيات عابرة لدول الجوار الإقليمي، بعضها جاء من تشاد والبعض من ليبيا لكن من دون عِلم هذه الدول، كما جاء البعض من شمال دارفور وجنوب دارفور ومنطقة وادي صالح بوسط دارفور".

وأكد أنهم استخدموا "أسلحة ثقيلة".

تراجع المعارك ونفاد أدوية

وأفاد شهود عيان، عن تراجع حدّة المعارك في المدينة الأربعاء، وانتشار قوات حكومية، فيما لزم السكان منازلهم.

وقال محمد أحمد عبد الرحمن من سكان المدينة، "اليوم (الخميس) الأوضاع هادئة نسبيا، نسمع أصوات إطلاق نار متقطعة ولكننا ما زلنا نلزم منازلنا، لا نخرج منها".

وأشارت لجنة الأطباء التي تأسست في 2019 خلال الانتفاضة الشعبية ضد الرئيس السابق عمر البشير، إلى أن المسعفين يواجهون صعوبات في التحرك داخل المدينة بعد تعرض سيارات إسعاف إلى إطلاق نار.

وقال البيان "تعرضت اليوم (الخميس) عربات الإمداد والإسعاف إلى إطلاق نار أثناء محاولتها الوصول إلى مخازن منظمة الصحة العالمية"، مضيفة "نفد بالفعل الكثير من الأدوية".

وعلّقت الأمم المتحدة أعمالها الإنسانية في الجنينة، وألغت رحلاتها الجوية إلى المدينة التي تُستخدم كمركز لتقديم المساعدات الإنسانية إلى 700 ألف شخص.

"جريمة"

وأوضح الدومه أن الأحداث الراهنة بدأت في الثالث من نيسان/أبريل بـ "جريمة"، انفجر القتال على إثرها.

وأوضح "كان مواطنون يستقلون سيارة في طريقهم إلى الجنينة (...) أطلقت عليهم مجموعة النار فقتلت منهم 3، والمجموعة ذاتها أطلقت النار على الذين كانوا يشيعون القتلى الثلاثة".

وأكد مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان هذه الرواية، فضلا عن بعض سكان المدينة.

وقال محمد صالح أحد أبناء المدينة، إن "المشكلة بدأت عقب مقتل اثنين من (قبيلة) المساليت يوم السبت وفي أثناء تشييعهما وقع إطلاق نار على المشيعين".

وكان قُتل في كانون الثاني/يناير الماضي، نحو 50 شخصا في اشتباكات بين مجموعات تنتمي إلى قبائل عربية وأخرى تنتمي إلى قبيلة المساليت.

ويعاني إقليم دارفور الواقع في غرب البلاد من اضطرابات منذ العام 2003 عندما حملت السلاح مجموعات تنتمي إلى أقليات إفريقية بحجة تهميش الإقليم سياسيا واقتصاديا، في وجه حكومة الخرطوم التي ناصرتها مجموعات عربية.

وتراجعت حدة القتال في الإقليم خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ولكن الاشتباكات القبلية ما زالت مصدر التهديد الرئيسي للأمن في الإقليم.

تظاهرة في الخرطوم

وقال الدومه "لم يتم حتى الآن إرسال قوات من الخرطوم. القوات الموجودة في المدينة تبذل جهدها لكن الأمر أكبر من طاقتها".

وكان مجلس الدفاع السوداني أعلن ليل الاثنين، حال الطوارئ في ولاية غرب دارفور وأرسل قوات أمن إلى المنطقة.

وتظاهر العشرات في الخرطوم أمام مقر الأمم المتحدة رافعين لافتات كتب عليها "اوقفوا نزيف الدم في الجنينة" و"انزعوا سلاح المليشيات".

وقال آدم وهو طالب جامعي شارك في التظاهرة "لا بدّ للحكومة والمجتمع الدولي من تحمّل المسؤولية في حماية المدنيين، فالذين يقتلون الناس معروفون للجميع".

وقالت عواطف صالح (23 عاماً)، "إذا كانت الحكومة غير قادرة على حماية المدنين فلتأتي قوات تابعة للأمم المتحدة".

وتأتي هذه الاضطرابات، بعدما أنهت بعثة حفظ السلام المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي (يوناميد) رسميا مهمتها في إقليم دارفور في نهاية كانون الأول/ديسمبر الماضي. وكانت هذه المهمة التي بدأت في العام 2007 ترمي إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة.

ووضعت حدا لمهمتها بناء على طلب الحكومة الانتقالية في السودان التي تسلمت الحكم بعد البشير وجعلت من إحلال السلام أولوية.

ووقعت الحكومة السودانية اتفاق سلام العام الماضي، في جوبا مع عدد كبير من المجموعات التي قاتلت في دارفور.

أ ف ب