رغم أنه كان سببا في فقد وظيفتها، لا يثير تفشي جائحة فيروس كورونا في الأردن صورا كئيبة وحسب في نفس ساجدة أسعد (31 عاما)، بل يذكّرها أيضا بأنه أتاح لها فرصة التحرر من قيود الوظيفة.

فبعد أن عملت لمدة 11 عاما كموظفة موارد بشرية في شركة خاصة، فقدت ساجدة عملها مثل آلاف غيرها في الأردن والعالم في آذار/مارس 2020، ومعه ذهب مصدر دخلها الوحيد.

كان لزاما على ساجدة، وهي أُم تربي طفلها الوحيد بمفردها، أن تجد سريعا حلا لتلك المعضلة بما يمكّنها من الإنفاق على نفسها وابنها.

وبعد بحث وتمحيص قررت العودة إلى الجذور، وأن تبيع وجبة أردنية تقليدية تسمى الرشوف من خلال الطلب عبر الإنترنت وفي عربة طعام متنقلة في شوارع عمّان.

وعن ذلك قالت "اسمي ساجدة، أملك عربة لبيع الرشوف، وهي الطريقة اللي استخدمتها بعد ما أفقدتني أزمة كورونا وظيفتي مثل ملايين الأشخاص".

وأضافت "وظيفتي كانت مصدر دخلي الوحيد مثل جميع الناس، ولم يخطر في بالي أن أفقدها لاعتمادي على سيرة ذاتية قوية وأني جامعية، إلا أن كورونا كانت مفاجأة لم تكن في الحسبان، وسهلت على أي مالك عمل في القطاع الخاص الاستغناء عن موظفيه بكل سهولة عبر البريد الإلكتروني".

(ساجدة أسعد، أم تبلغ من العمر 31 عاما، تبيع وجبة الرشوف في عربتها في عمّان وسط قيود أزمة فيروس كورونا. 31/03/2021. معاذ فريج/ رويترز)

وفيما يتعلق بإحساسها حاليا والفارق بين عملها في وظيفة وعملها في بيع الرشوف قالت: "شعور أني حرة أولا، وأن بإمكاني أن أعمل اليوم أو لا أعمل، لا يوجد بصمة دوام، ولا شخص يحسم من الراتب وانتظر النتيجة".

"سأنتظر لأرى نتيجة عملي ومبيعاتي، وأرى كيف يمكن لا يعود الزبون لي عندما أغيب عنه اليوم، هذا شعور الحرية مع المسؤولية، وعندما تدمن عليه من الصعب أن تعود مرة أخرى، بصدق عرض علي وظائف مغرية بمواصفات مغرية".

وحول سبب اختيارها عمل هذه الوجبة التقليدية قالت "اخترت طعام الرشوف لأنها وجبة أردنية بدأ بعض الأردنيين بنسيانها، وفي الوقت ذاته من يعرفها ويتذوقها يحبها، لأن مكوناتها قريبة من بقية الأطعمة في الأردن وبلاد الشام اليوم: العدس، القمح، الجميد".

والرشوف عبارة عن حساء يتم تناوله دافئا ويتكون من العدس والقمح والجميد، والأخير مكون أردني خاص من الزبادي المجفف.

وعن سبب رفضها عروض الوظائف الجديدة المغرية كما ذكرت قالت "شعور جميل عندما تجد لفكرتك تقدير والناس يحبون مذاق الوجبة ويعودون، قد تكون المرة الأولى لزيارتهم فضول لرؤية من هذه الفتاة وما هذا الطبق التي تصنعه في العربة، وعند عودتهم المرة الثانية اعتبر ذلك نجاحا، الحمد الله استطعت أبني قاعدة زبائن كبيرة سواء عن طريق خدمة التوصيل أو العربة ذاتها".

ويقول عصام علان، وهو من زبائن ساجدة، "مع وصول كورونا، تضرر الموظفون وفقدوا أعمالهم، وما يلفت النظر أن أي شخص يستطيع استغلال الظروف بطريقة يقدر من خلال صنع عمل رهيب مثل فكرة بيع الرشوف".

المملكة + رويترز