أعاد الرئيس الصومالي محمد عبدالله محمد، السبت، فتح المجال أمام مفاوضات ترمي إلى تنظيم انتخابات بأقرب وقت ممكن، في قرار لقي ترحيبا من المعارضة، من شأنه تهدئة التوترات الحادة التي تشهدها البلاد.

وفي خطاب مقتضب أمام مجلس الشعب بثه التلفزيون مباشرة، دعا الرئيس الصومالي إلى البحث عن حل بالتفاوض للأزمة السياسية الراهنة، متخليا عمليا عن طرح تم تبنيه في 12 نيسان/أبريل ينص على تمديد ولايته الرئاسية لعامين.

وكلّف الرئيس الصومالي محمد عبدالله محمد "فرماجو" رئيس الوزراء محمد حسين روبلي تنظيم الانتخابات المقبلة، محققا بذلك أحد أبرز مطالب المعارضة للخروج من الأزمة الحالية.

وتحدث الرئيس الصومالي في خطابه عن مساع للبحث عن حل من خلال مفاوضات وتجنّب إثارة العنف لمصلحة من "يلعبون بدماء الشعب".

وتشهد الصومال حاليا إحدى أسوأ أزماتها السياسية منذ سنوات، بعدما شهدت حربا أهلية وتمردا لحركة الشباب الإسلامية الموالية لتنظيم القاعدة.

وزادت حدة التوتر منذ انتهاء ولاية الرئيس الصومالي في الثامن من شباط/فبراير، بدون تنظيم انتخابات جديدة.

وفي 12 نيسان/أبريل، أقر البرلمان الصومالي قانونا يمدد ولاية الرئيس الصومالي سنتين بعد انقضائها وينص على إجراء انتخابات عامة مباشرة عام 2023 ما أثار غضب المعارضة.

وتحول المأزق الانتخابي إلى مواجهات مسلحة الأحد الماضي في حين أقام مقاتلون موالون للمعارضة حواجز في عدة أحياء في مقديشو.

ومن أجل كسر الجمود تم التخلي عن هذا المبدأ في اتفاق أبرم في 17 أيلول/سبتمبر بين الرئيس وخمسة من قادة المناطق.

ويلحظ الاتفاق إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية غير مباشرة قبل انتهاء ولاية الرئيس ، وإعادة النظر في نظام معقد ينتخب وفقه مندوبون خاصون يختارهم زعماء العشائر، البرلمانيين الذين ينتخبون بعد ذلك الرئيس.

وأعلن رئيس مجلس الشعب الفيدرالي محمد مرسل شيخ عبد الرحمن أن 140 نائباً صوتوا لصالح العودة للاتفاق، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الصومالية.

ومساء السبت رحّب رئيس الوزراء بـ"يوم تاريخي" وشكر الرئيس على حسّه "التوافقي".

وقال محمد حسين روبلي أمام الصحفيين "نحن عازمون على تنظيم انتخابات حرّة ونزيهة وشاملة من دون حرمان أيّ شخص من حقوقه"، متعهّداً بدعوة الأطراف المعنية إلى الاجتماع "سريعاً جداً".

"خطوة إلى الأمام"

وكان الرئيس الصومالي قد وجّه ليل الثلاثاء-الأربعاء خطابا إلى الأمّة دعا خلاله إلى إجراء "مناقشات عاجلة" في شأن سبل إجراء التصويت.

ورحّب بيان لائتلاف مرشحي المعارضة المتحالف ضد فرماجو والذي يضم أيضا مرشحين يتنافسون بشكل فردي على الرئاسة، بالتطورات التي سجّلت السبت.

وقال رئيس الجمهورية الأسبق والمرشح الرئاسي الحالي شيخ شريف شيخ أحمد "أرحب بقرار مجلس الشعب لصالح العودة إلى اتفاقية الـ17 من أيلول/سبتمبر للانتخابات"، واصفا الأمر بأنه "خطوة إلى الأمام".

وشدّد شيخ أحمد على أن كل من ساهم في اتخاذ هذا القرار يستحق التهنئة.

واعتبر الرئيس الأسبق أنّ الاتفاق أعيد طرحه بعد طول انتظار وهو "الحل الوحيد المتاح لتنظيم انتخابات".

أما تركيا التي تُعتبر شريكاً أساسياً للحكومة الصومالية فرحّبت في بيان أصدرته وزارة خارجيتها بقرار النواب، معتبرة أنّه يتيح استئناف الحوار السياسي "من دون تأخير".

وكان انتخاب فرماجو في العام 2017 قد لقي ترحيبا شعبيا واسعا، إذ رأى فيه كثر رئيسا مصمما على مكافحة الفساد والتصدي لحركة الشباب.

لكنّ الرئيس الصومالي الذي اتّبع نهجا قوميا حازما خلال ولايته أدى به إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع كينيا ما أكسبه تعاطف شرائح شعبية، لقي في المقابل معارضة قوية.

ففارماجو الذي يؤيد إقامة دولة مركزية قوية، سعى إلى التأثير في انتخابات عدة ولايات تتمتع بحكم شبه ذاتي لفرض حلفاء له.

واعتبر كثر الاتفاق الذي تبناه مجلس الشعب لتمديد ولايته وسيلة للتمسك بالسلطة.

أمنيا لم تتأثر كثيرا حركة الشباب بوصول فرماجو إلى الرئاسة على الرغم من التصريحات النارية التي أطلقها لدى توليه السلطة.

وفي 1991، أدى سقوط نظام سياد بري العسكري إلى دخول الصومال في حرب عشائرية اشتبكت خلالها الميليشيات على مدى سنوات في شوارع مقديشو، قبل ظهور حركة الشباب الإسلامية التي سيطرت على العاصمة حتى 2011 قبل أن تطردها منها قوات أميسوم الإفريقية.

ولا تزال حركة الشباب تسيطر على أجزاء كبيرة من الأراضي الصومالية وتشن بانتظام هجمات على أهداف حكومية وعسكرية ومدنية في مقديشو وكثير من المدن الكبرى في البلاد.

أ ف ب