تعهّدت إسرائيل الأحد، بإرساء الهدوء في القدس الشرقية بعد إصابة مئات المحتجّين الفلسطينيين بجروح في صدامات عنيفة دارت مع قواتها الأمنية في نهاية الأسبوع، في حين أرجأت محكمة إسرائيلية جلسة كانت مقرّرة الإثنين بشأن طرد عائلات فلسطينية من حي الشيخ جراح.

وشهدت باحات المسجد الأقصى على مدى ليال عدة أعمال عنف، هي الأسوأ منذ العام 2017، أجّجها نزاع حول ملكية أرض بنيت عليها منازل تعيش فيها أربع عائلات فلسطينية، تطالبها جمعية استيطانية بإخلائها.

وليل الأحد تجدّدت الصدامات بين شرطة الاحتلال الإسرائيلية وفلسطينيين غالبيتهم من الشبان في أنحاء متفرّقة من القدس الشرقية.

وأطلقت الشرطة القنابل الصوتية وخراطيم المياه الآسنة لتفريق فلسطينيين تجمّعوا عند باب العمود في البلدة القديمة واشتبكت مع شبّان في حيّ الشيخ جرّاح، كما سُجّلت مناوشات في أنحاء أخرى من المنطقة.

وأعلن الهلال الأحمر الفلسطيني إصابة 7 أشخاص عند باب العامود وفي حي الشيخ جرّاح، نقل 4 منهم إلى المستشفى.

الأحد قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "سنطبّق القانون ونفرض النظام بحزم ومسؤولية"، مضيفاً أن إسرائيل "تستمر في ضمان حرية المعتقد لكنّها لن تسمح بأعمال شغب عنيفة".

لكنّ ممارسات القوات الإسرائيلية ولا سيما دورها في الصدامات التي وقعت في مجمّع الأقصى لقيت انتقادات واسعة.

وأدانت الدول العربية الست التي تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل القمع الذي مارسته في نهاية الأسبوع في مجمّع الأقصى.

فبالإضافة إلى إدانة كلّ من مصر والأردن القمع الإسرائيلي، أعربت الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والسودان وهي أربع دول عربية طبعت علاقاتها مع إسرائيل في الأشهر الأخيرة عن "قلقها العميق" داعية إسرائيل إلى التهدئة.

وفي الأردن الذي يشرف على المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس، أدان جلالة الملك عبدالله الثاني الانتهاكات والممارسات الإسرائيلية التصعيدية في المسجد الأقصى المبارك / الحرم القدسي الشريف، مشددا على ضرورة وقف هذه الانتهاكات والاستفزازات الخطيرة التي يتعرض لها المقدسيون، وتتناقض مع القانون الدولي وحقوق الإنسان.

واستدعت كلّ من وزارتي الخارجية الأردنية والمصرية ممثل إسرائيل لدى كل من البلدين للاحتجاج على أعمال العنف في الحرم القدسي.

وفي خضمّ تزايد الدعوات الدولية إلى احتواء التصعيد، أعلنت تونس أن مجلس الأمن سيعقد الإثنين بناء على طلبها جلسة مغلقة حول أعمال العنف.

إرجاء جلسة قضائية حول الإخلاء

ودعا كلّ من اللجنة الرباعية الدولية للشرق الأوسط والبابا فرنسيس إلى التهدئة.

وبحسب الهلال الأحمر الفلسطيني أصيب أكثر من 300 فلسطيني بين الجمعة والسبت، بعضهم بأعيرة مطاطية وقنابل صوتية.

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" أنّ 29 طفلا فلسطينياً أصيبوا في القدس الشرقية خلال يومين، بينهم طفل يبلغ عاماً واحداً.

وأفادت بتوقيف ثمانية أطفال فلسطينيين.

وأعلنت الشرطة الإسرائيلية أنها تعرّضت لإطلاق مفرقعات نارية ورشق بالحجارة وغيرها من المقذوفات، مما أوقع عدداً من الإصابات في صفوف عناصرها.

وتعدّدت أسباب الاضطرابات التي تشهدها منذ أسابيع القدس الشرقية التي يريدها الفلسطينيون عاصمة لدولتهم الموعودة.

لكنّ قسماً كبيراً من أعمال العنف الأخيرة سببه نزاع حول ملكية أرض في حيّ الشيخ جرّاح بنيت عليها منازل تعيش فيها أربع عائلات فلسطينية، تطالبها جمعية استيطانية بإخلائها.

وكانت المحكمة المركزية في القدس قضت بإخلاء عدد من العقارات الفلسطينية في الحيّ الذي أقامه الأردن لإيواء الفلسطينيين الذين هجّروا في العام 1948 ولديهم عقود إيجار تثبت ذلك.

لكنّ المحكمة العليا ألغت الجلسة التي كان مقرراً عقدها الإثنين. وجاء في بيان لوزارة العدل الإسرائيلية أنّه "في ظلّ السياق الحالي وبناء على طلب النائب العام ألغيت الجلسة التي كان من المقرّر عقدها غداً" الإثنين.

لكنّ الأجواء في القدس الشرقية لا تزال متوتّرة وسط ترقّب لمسيرة احتجاجية مقرّرة الإثنين إحياء ليوم القدس التي احتلّتها إسرائيل في العام 1967.

واحتلت إسرائيل القدس الشرقية في العام 1967 وضمّتها لاحقا في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.

واتّسع نطاق أعمال العنف إلى بقية الأراضي الفلسطينية حيث سجّلت تظاهرات وصدامات في الضفة الغربية المحتلة.

وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس "كلّ الدعم والتأييد لأهلنا الأبطال في المسجد الأقصى".

وقال عباس في اتصال هاتفي مع تلفزيون فلسطين إنه طلب من ممثل فلسطين في الأمم المتحدة "العمل على عقد جلسة لمجلس الأمن لتنفيذ القرارات المتعلّقة بمدينة القدس".

من جانبها، حذّرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تسيطر على قطاع غزة من أنّ "المقاومة مستعدة للدفاع عن الأقصى بأي ثمن".

الأحد دعا رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية "إلى التحرّك العاجل لاتخاذ موقف حازم ضدَّ العدوان والإجرام الذي تعرّضت وتتعرّض له مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى، والعمل على حشد المواقف السياسية والدبلوماسية عربياً وإسلامياً ودولياً، لمنع الاحتلال وصدّه عن الاستمرار في عدوانه الهمجي على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته في مدينة القدس المحتلة وفي القلب منها المسجد الأقصى المبارك".

وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أن أربعة صواريخ أطلقت الأحد، من غزة على جنوب إسرائيل، وكذلك بالونات حارقة مما أدى إلى اندلاع 39 حريقا في الأراضي الإسرائيلية، وفق جهاز الإطفاء.

وليل الأحد تجمّع مئات المحتجين عند الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل، بعضهم مزوّد بمعدات حارقة، وفق مراسل فرانس برس.

وكانت إسرائيل ردّت على إطلاق صواريخ من القطاع بإغلاق منطقة الصيد البحري قبالة القطاع، وهو تدبير عادة ما تتّخذه ردا على إطلاق صواريخ باتجاه جنوبها من القطاع الفلسطيني.

المملكة + أ ف ب