نشرت إسرائيل، الخميس، دبابات ومدرعات على طول الحدود مع قطاع غزة حيث يتواصل التصعيد الدموي لليوم الرابع وسط مواجهة إسرائيل في الداخل جبهة أخرى تتمثل في أعمال شغب ومواجهات في المدن المختلطة اليهودية العربية.

ولا مؤشرات تهدئة في الأفق بعد رغم كل الدعوات الدولية إلى خفض التوتر الأخطر من حرب العام 2014.

ارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ الاثنين إلى 109 شهداء، بينهم 28 طفلا، و15 سيدة، و621 مصابا بعضهم بحالة الخطر، بينما قتل سبعة أشخاص في الجانب الإسرائيلي.

وبينما تواصل القصف الإسرائيلي على قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس، شاهد صحفيون في وكالة فرانس برس دبابات ومدرعات تتجمع قرب الحاجز الحدودي لقطاع غزة.

وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي جوناثان كونريكوس لوكالة فرانس برس "نحن جاهزون، ونواصل الاستعداد لسيناريوهات مختلفة".

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي تفقد الخميس موقع بطارية لمنظومة "القبة الحديدية" المضادة للصواريخ في وسط البلاد، "سيستغرق الأمر وقتا، لكننا سنعيد الاطمئنان إلى إسرائيل".

وأعلنت حركة حماس الخميس عن إطلاق صاروخ "عياش 250" الذي يبلغ مداه أكثر من 250 كلم  باتجاه مطار رامون في جنوب إسرائيل الذي يعتبر ثاني أكبر مطار في الدولة العبرية، ذلك ردا على مقتل عدد من قادتها الأربعاء و"نصرة للمسجد الأقصى"، وفق بيان صادر عنها.

ودعت حماس "شركات الطيران العالمية إلى وقف فوري لرحلاتها إلى أي مطار في نطاق جغرافيا فلسطين المحتلة".

ولم يعرف مكان سقوط الصاروخ ، وما إذا كان تسبب بأضرار، بعدما ذكرت حماس أن "قدرته التدميرية كبيرة".

وعلقت العديد من شركات الطيران خدماتها إلى إسرائيل، خوفا على أمن ركابها.

في قطاع غزة، خرج بعض السكان صباح اليوم الأول من عيد الفطر إلى الشوارع ليروا مشهدا مأساويا جديدا من الخراب بعدما دمرت الغارات الإسرائيلية أبنية كاملة، وألحقت أضرارا جسيمة بالطرق وبأبنية أخرى.

ودوّت الخميس مجددا صفارات الإنذار في مدن إسرائيلية قريبة من قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس، مؤذنة بسقوط صواريخ جديدة، بعد أن طالت تلك التي أطلقتها حماس ومجموعات أخرى خلال الأيام الماضية مدينة تل أبيب وأقصى الشمال.

وبلغ عدد الصواريخ التي انطلقت من القطاع حتى الآن، بحسب جيش الاحتلال الإسرائيلي، نحو 1750صاروخا.

بينما نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي 600 ضربة على القطاع المحاصر الذي يقطنه قرابة مليوني شخص.

وفي أول أيام عيد الفطر، أدى نحو 100 ألف الصلاة في المسجد الأقصى، وقد علّق عدد من الذين أموا المسجد صورا لقادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وأعلاما لها في محيط المسجد، بينها واحدة لرئيس المكتب السياسي في حماس إسماعيل هنية كتبت عليها عبارة "كفى لعبا بالنار. القدس خط أحمر".

وتساءل الستيني جبار وهو يشير إلى حشود الفلسطينيين عند باب العامود وقد أحيطوا بمراقبة عناصر شرطة الاحتلال الإسرائيلي المدججة بالسلاح، "هل ترين أي مشاكل هنا الآن؟ لا".

لكنه حذر من أنها "قد تندلع مرة أخرى وفي أي لحظة".

وكانت حماس أطلقت أول دفعة من الصواريخ الاثنين؛ بعد أيام من مواجهات بين قوى الأمن الإسرائيلية وفلسطينيين في القدس الشرقية، لا سيما في محيط المسجد الأقصى على خلفية تهديد عائلات فلسطينية بإخلاء منازلها في حي الشيخ جراح في القدس لصالح مستوطنين يهود.

وأسفرت تلك المواجهات عن إصابة أكثر من 900 شخص بجروح، وشيعت الخميس جثامين ستة شهداء من قادة القسام وسبعة آخرين من مرافقيهم.

ورغم استمرار التصعيد، قال متحدث باسم الرئاسة الصينية لمجلس الأمن الدولي، إن الاجتماع الذي كان من المقرر عقده الجمعة لمناقشة العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين لن يلتئم في نهاية المطاف.

وعارضت الولايات المتحدة وخلال أول اجتماعين عبر الفيديو عقدا في جلستين مغلقتين، تبني إعلان مشترك يدعو إلى وقف التصعيد، معتبرة أنه "يأتي بنتائج عكسية" في هذه المرحلة، كما قال دبلوماسيون.

وأعربت الصين التي تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الخميس عن "قلقها العميق" إزاء التصعيد.

وقالت، إن بيانا مشتركا يدعو إلى وقف الاشتباكات جاهز لكن بعض الدول "تعرقل" تبني النص.

وأعلنت واشنطن إرسال مبعوث إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية للحث على "وقف التصعيد"، في حين دعت موسكو إلى اجتماع طارئ للجنة الرباعية حول الشرق الأوسط التي تضم الاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة.

ودعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الخميس الإسرائيليين والفلسطينيين إلى وضع حد للاشتباكات الدموية المتواصلة، وفق الكرملين.

وقالت الرئاسة الروسية في بيان بعد لقاء بين بوتين وغوتيريش عبر تقنية الفيديو، "مع تصاعد النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، نرى أن الأولوية هي لإنهاء العنف من الجانبين وسلامة السكان المدنيين".

من جهته، أدان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس "بشدة إطلاق الصواريخ الذي تبنته حماس وجماعات إرهابية أخرى" ويضع "سكان تل أبيب في خطر كبير" ويقوض "أمن دولة إسرائيل"، وفق ما أفادت الرئاسة في بيان.

وأثارت التطورات الأخيرة غضبا بين فلسطينيي 1948 الذين خرجوا للاحتجاج، واصطدموا غالبا مع متطرفين يهود أو مع القوى الأمنية.

وتخللت المواجهات أعمال شغب وتحطيم وإحراق سيارات. ولم تشهد هذه المناطق أعمال عنف كهذه منذ سنوات طويلة.

وأمر وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس الخميس بإرسال "تعزيزات مكثفة" من القوى الأمنية إلى هذه المدن. وقال في بيان "نحن في وضع طوارئ بسبب العنف الوطني، ومن الضروري الآن تعزيز القوات بكثافة على الأرض، وسيتم إرسالها فورا لتطبيق القانون والنظام".

وكانت المواجهات قد تأججت ليل الثلاثاء الأربعاء في مدينة اللد المختلطة بعد مقتل عربي بالرصاص، واتهم العرب يهوديا يمينيا متطرفا بقتله.

وتظاهر ليل الأربعاء الخميس ناشطون من اليمين المتطرف في عدد من أنحاء إسرائيل وساروا في مدينة حيفا مرتدين ملابس سوداء، وحملوا عصيا وهتفوا "الموت للعرب" وقاموا بتكسير وتحطيم سيارات يملكها عرب.

وجرت مواجهات بين يهود يمينيين والعرب في مدينة عكا.

ويتهم العرب الشرطة بعدم تدخلها لحمايتهم، لكن المتحدث باسمها ميكي روزنفيلد أكد أن الشرطة "تمنع حدوث مذابح بكل ما تعنيه الكلمة من معنى".

وبحسب المتحدث باسم الشرطة، تم استدعاء نحو ألف عنصر من شرطة الحدود للعمل على الحد من العنف، وتم اعتقال أكثر من 400 شخص.

أ ف ب + المملكة