استخدمت الشرطة الفرنسية الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق تظاهرة مؤيّدة للفلسطينيين جرت في باريس على الرّغم من أنّ السلطات حظرتها خشية اندلاع أعمال عنف معادية للسامية بالتزامن مع أعنف المواجهات بين إسرائيل وحماس منذ سنوات.

وأعلنت وزارة الداخلية أنّ ما بين 2500 و3500 شخص احتشدوا في حيّ بارباس المكتظ بالمهاجرين في شمال العاصمة، فيما قال المنظمّون إنّ العدد بلغ 5 آلاف متظاهر تجمّعوا وسط انتشار نحو 4200 شرطي.

وقطعت الشرطة الشوارع الكبرى والطرق الضيقة التي اضطر المتظاهرون للانسحاب باتّجاهها، تحت أنظار السكان والمارّة وقد عمد البعض إلى تسجيل الأحداث بواسطة هواتفهم.

وعمد البعض إلى رشق الحجارة وحاولوا قطع الطرق بواسطة حواجز معدنية تستخدم في ورش البناء، إلا أن الشرطة لاحقت القسم الأكبر منهم ومنعت إجراء مسيرة كانت مقرّرة في ساحة الباستيل.

وقال محمد البالغ 23 عاماً مرتدياً قميصاً كتب عليه "الحرية لفلسطين"، لوكالة فرانس برس "تريدون منعي من إبداء التضامن مع شعبي، في الوقت الذي تقصف فيه قريتي؟".

وهتف متظاهرون "الحرية لفلسطين" و"لتخرج إسرائيل، فلسطين ليست ملكاً لك" ملوّحين بالأعلام الفلسطينية.

ومساء مع تساقط الأمطار غادر متظاهرون كثر وبقيت مجموعة غالبيتها من الشبان في مواجهة عناصر الشرطة.

وأضرمت النيران في بعض مستوعبات النفايات ورُشق عناصر الشرطة بالحجارة ومقذوفات أخرى، قبل أن يعمد عناصر الأمن إلى تفريق المتظاهرين نحو الساعة 19.00 (17.00 ت غ).

وأوقف 44 شخصا في باريس علما أنّ عدد الموقوفين في مختلف أنحاء فرنسا بلغ 51 شخصا. وفي باريس ونيس تعرّض شرطيان لإصابة طفيفة.

حظر "غير مقبول" 

وكان قرار حظر المسيرة قد صدر الخميس، على خلفية مخاوف من تجدد صدامات عنيفة اندلعت خلال مسيرة مماثلة في باريس في حرب غزة الأخيرة في عام 2014، وحينها هاجم محتجون معابد يهودية وأهدافا إسرائيلية ويهودية.

الجمعة صرّحت رئيسة بلدية باريس آن إيدالغو لوكالة فرانس برس "نذكر جميعا تلك التظاهرة الاحتجاجية المثيرة للقلق التي أطلقت خلالها هتافات على غرار ‘الموت لليهود‘، مرحّبة بقرار حظر المسيرة الذي وصفته بأنه "حكيم".

لكن وليد عطالله، رئيس "رابطة فلسطينيي إيل دو فرانس" المنطقة المحيطة بالعاصمة، اتّهم الحكومة بتأجيج التوترات بقرار الحظر.

وقال في مؤتمر صحافي قبل موعد انطلاق المسيرة "إن كان هناك مخاطر حقيقية باندلاع فوضى عامة أو مشكلات خطيرة، لحظرتها (الشرطة) من البدء".

وأضاف "حظروها في اللحظة الأخيرة -- الأمر غير مقبول".

وتخلّلت تظاهرات مماثلة في ألمانيا والدنمارك هذا الأسبوع صدامات واعتقالات.

السبت شارك آلاف في لندن ومدريد في تظاهرات تضامنية مع الفلسطينيين الذين يخوضون منذ أيام صدامات عنيفة مع قوات الاحتلال الإسرائيلية.

تكرار للاضطرابات؟

كانت التظاهرة مقررة أساسا في ذكرى النكبة العام 1948.

لكن محكمة في باريس أكدت الحظر الجمعة، ورأت أن "السياق الدولي والمحلي" يبرر مخاوف وقوع اضطرابات "يمكن أن تكون خطيرة مثل 2014 بل حتى أسوأ".

ودعا وزير الداخلية جيرار دارمانان إلى قرارات حظر مماثلة في مدن أخرى في حال الضرورة. وقد منع المسؤولون مسيرات في نيس حيث تجمّع نحو 150 شخصا على الرغم من الحظر، وفي بعض ضواحي باريس.

وقال المتحدث باسم الحكومة غبريال اتال السبت في مرسيليا "لا نريد مشاهد عنف، لا نريد جلب النزاع إلى التراب الفرنسي، لا نريد تفجر الكراهية في شوارعنا".

لكن أي حوادث لم تسجّل بعد تجمّع نحو 22 ألف شخص للمشاركة في 60 تحرّك بين تظاهرات ومسيرات احتجاجية في مدن عدة، وفق تقديرات وزارة الداخلية. وأقيمت تظاهرات في ستراسبورغ ومرسيليا وليون ونانت ومدن أخرى.

ويتّهم كثر فرنسا بأنها منحازة جداً إلى إسرائيل في النزاع الأخير الذي شهد إطلاق رشقات صاروخية من قطاع غزة قوبلت بضربات المدفعية الإسرائيلية والقصف الجوي.

وتسبّب قرار الحظر بانقسام بين السياسيين الفرنسيين، إذ أيّد حزب الرئيس إيمانويل ماكرون الوسطي اليميني والمعارضة اليمينية الخطوة في حين اعتبرها اليساريون هجوماً غير مقبول على حرية التعبير.

وقال مكتب ماكرون إن الرئيس اتصل برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الجمعة وقدم له "التعازي بضحايا الهجوم الصاروخي الذي تبنته حماس ".

وقال البيان إنّ ماكرون دعا إلى إرساء السلام وعبّر عن "قلقه إزاء السكان المدنيين في غزة".

في فرنسا أكبر عدد من المسلمين في أوروبا يقدّرون بخمسة إلى ستّة ملايين نسمة.

وفيها ايضا أكبر عدد من اليهود بعد إسرائيل والولايات المتحدة.

أ ف ب