أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأحد أنّ بلاده لم تر بعد مؤشرات ملموسة بشأن استعداد إيران "للقيام بما هو ضروري" من أجل الامتثال للاتفاق النووي والسماح عندئذ برفع بعض العقوبات الأميركية.

وقال لمحطة "سي إن إن" التلفزيونية الأميركية في أثناء تعليقه على المفاوضات غير المباشرة في فيينا، "السؤال الذي ليس لدينا إجابة عنه بعد هو ما إذا كانت إيران، في نهاية المطاف، مستعدة للقيام بما هو ضروري للامتثال مجددا للاتفاق".

ويتعثر تطبيق الاتفاق الموقع العام 2015 منعا لحيازة طهران قنبلة ذرية، منذ انسحاب واشنطن أحاديا منه العام 2018 في ظلّ رئاسة دونالد ترامب.

غير أنّ إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن ترغب بالعودة إليه وتشارك في مفاوضات غير مباشرة مع إيران في فيينا. ومن المقرر أن تستأنف المحادثات في مستهل الأسبوع المقبل في العاصمة النمساوية.

وقال بلينكن لمحطة "إيه بي سي"، "نحن نعرف العقوبات التي يجب رفعها إذا لم تكن متوافقة مع الاتفاق النووي".

وأضاف أنّ "إيران، على ما أعتقد، تعرف ما يتعين عليها القيام به للعودة إلى الامتثال للاتفاق بخصوص الجوانب النووية، ولم يتبين لنا ما إذا كانت إيران مستعدة لاتخاذ قرار".

وتابع "هذا هو الرهان، ولا جواب لدينا إلى الآن".

وأكد بلينكن أن حملة إدارة ترامب القائمة على ممارسة "أقصى درجات الضغط" على إيران "لم تفض إلى النتيجة التي نسعى إليها جميعا".

وبينما أشار البعض إلى أن دعم طهران لمجموعات متطرفة وتطويرها للأسلحة دليلان على أنه لا يمكن الوثوق بأنها ستمتثل للاتفاق النووي، نوّه بلينكن إلى أنه في المقابل "ستتصرف إيران حال امتلاكها سلاحا نوويا أو القدرة على تطويره قريبا بطريقة وكأنها تحظى بحصانة في هذا الصدد".

وأعرب المشاركون الأوروبيون في محادثات فيينا عن تفاؤلهم مع اختتام آخر جولة من المفاوضات الأربعاء.

 وقال الدبلوماسي الأوروبي إنريكي مورا الذي يرأس المحادثات بين روسيا والصين وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيران في تغريدة الأربعاء "حققنا تقدما جيدا. (هناك) اتفاق بدأت ترتسم ملامحه". 

وتجري مفاوضات غير مباشرة بين واشنطن وطهران في فيينا منذ مطلع نيسان/أبريل، فيما تلعب الدول الخمس الأخرى الموقّعة على الاتفاق دور الوسيط.

ويأمل دبلوماسيون بإعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق قبل انتخابات الرئاسة الإيرانية المزمع عقدها في 18 حزيران/يونيو.

في الأثناء، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأحد أنها ستؤجّل حتى الاثنين مؤتمرا صحفيا مرتقبا لمديرها العام رافايل غروسي.

وذكرت أن غروسي "يواصل مشاوراته مع طهران في ما يتعلق بالتفاهم التقني بين إيران والوكالة الأممية".

وحدّت طهران في شباط/فبراير من قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على الوصول إلى المواقع النووية التي كانت تراقبها، لكنها سمحت بمواصلة بعض عمليات التفتيش بينما تجري محادثات فيينا.

كما أبلغ رئيس البرلمان الإيراني التلفزيون الرسمي الأحد بأن اتفاقا للمراقبة النووية مدته ثلاثة أشهر بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية انتهى وأن الوكالة لن تتمكن بعد الآن من الحصول على صور من داخل بعض المواقع النووية.

أثار هذا الإعلان المزيد من التساؤلات عن مستقبل المحادثات غير المباشرة الجارية بين الولايات المتحدة وإيران بشأن إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015.

كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية وطهران قد أبرمتا في شباط/فبراير اتفاقا للمراقبة لمدة ثلاثة أشهر للتخفيف من وطأة تأثير تقليص إيران لتعاونها مع الوكالة، وسمح الاتفاق بمراقبة بعض الأنشطة.

ويجري رئيس الوكالة رافائيل جروسي محادثات مع إيران بشأن تمديد هذا الاتفاق.

وقال دبلوماسيون أوروبيون الأسبوع الماضي إن عدم الاتفاق على التمديد من شأنه أن يعرض للخطر المحادثات الأوسع غير المباشرة بين واشنطن وطهران بشأن إحياء اتفاق 2015. ومن المقرر استئناف تلك المحادثات في فيينا هذا الأسبوع.

وكان من المقرر أن يعقد جروسي مؤتمرا صحفيا اليوم لكن الوكالة قالت إنه لا يزال "يتشاور مع طهران" وإن المؤتمر تأجل حتى صباح غد الاثنين.

ونقل التلفزيون الرسمي عن محمد باقر قاليباف قوله "اعتبارا من 22 أيار/مايو وبانتهاء الاتفاق الذي امتد لثلاثة أشهر، لن تتمكن الوكالة من الاطلاع على البيانات التي تجمعها الكاميرات داخل المنشآت النووية كما كان يحدث بموجب الاتفاق".

غير أن التلفزيون الإيراني نقل عن مسؤول لم يذكر اسمه القول إن الاتفاق بين الوكالة وطهران قد يُمدد شهرا "بشروط".

ونقل التلفزيون عن عضو بمجلس الأمن القومي الأعلى في إيران قوله "إذا مُدد لشهر وإذا قبلت القوى الكبرى خلال هذه المدة... مطالب إيران المشروعة، فحينها ستُسلم البيانات للوكالة وإلا فستُحذف الصور للأبد".

تحذيرات مبعوثين غربيين

حذر دبلوماسيون غربيون من أن عدم تمديد الاتفاق مع وكالة الطاقة الذرية قد يؤثر بشدة على جهود إنقاذ اتفاق 2015 النووي، الذي يهدف لحرمان إيران من القدرات التي تمكنها من صنع أسلحة نووية، والتي تقول طهران إنها لم تسع مطلقا لصنعها.

وأجرت إيران والقوى العالمية جولات عدة من المفاوضات منذ نيسان/أبريل في فيينا تناولت الخطوات التي ينبغي لطهران وواشنطن اتخاذها فضلا عن العقوبات والأنشطة النووية، وذلك كله بغرض العودة إلى الامتثال الكامل للاتفاق النووي.

وبدأت إيران تدريجيا بمخالفة شروط الاتفاق بعد أن انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018 وعاود فرض العقوبات على طهران.

وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني، دون أن يعلق على تصريح رئيس البرلمان، إن طهران ستواصل المحادثات في فيينا "لحين التوصل إلى اتفاق نهائي".

وذكرت وسائل إعلام رسمية أنه كرر ما أعلنه الأسبوع الماضي من أن "واشنطن وافقت على رفع العقوبات" عن إيران.

غير أن أطراف المحادثات الأخرى وكبير مفاوضي إيران النوويين قالوا الأسبوع الماضي إن بعض القضايا الرئيسة بحاجة لمزيد من البحث من أجل إحياء الاتفاق النووي.

وللضغط على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من أجل العودة إلى الاتفاق النووي ورفع العقوبات، أقر البرلمان الإيراني، الذي يهيمن عليه المحافظون، قانونا العام الماضي يلزم الحكومة بإنهاء تنفيذ البروتوكول الإضافي اعتبارا من شباط/فبراير.

وبموجب اتفاق عام 2015، وافقت إيران على الالتزام بالبروتوكول الإضافي للوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يسمح بإجراء عمليات تفتيش مفاجئة في مواقع لم يتم إخطار الوكالة عنها من قبل، للتأكد من أنه لا يتم إجراء أنشطة نووية سرا لتحقيق أغراض عسكرية.

ولإتاحة الفرصة للجهود الدبلوماسية، اتفقت الوكالة وإيران في شباط/فبراير على استمرار أنشطة المراقبة والتحقق "الضرورية".

وقال قاليباف أمام البرلمان في جلسة بثها التلفزيون الرسمي إن الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي، صاحب أعلى سلطة في البلاد، أيد القرار.

وأضاف "نوقشت المسألة أمس وتم اتخاذ القرار. القانون الذي أقره البرلمان سيطبق. الزعيم الأعلى أكد أهمية هذا الأمر أيضا".

أ ف ب +رويترز