استقال رئيسا الجمهورية والحكومة الانتقاليان في مالي اللذان أوقفهما العسكريون، الاثنين، في ما يشبه انقلابا ثانيا خلال 9 أشهر، في تطوّر دانه، الأربعاء، مجلس الأمن الدولي ودفع بالولايات المتحدة إلى تعليق مساعدتها للقوات المالية.

وقال بابا سيسي، المستشار الخاص للكولونيل اسيمي غويتا، الرجل القوي في السلطة، إن الرئيس باه نداو ورئيس الوزراء مختار وان استقالا أمام بعثة ضمت دبلوماسيين التقتهما في معسكر كاتي العسكري قرب باماكو.

وفي واقع الأمر، فقد قدّما استقالتهما قبل وصول بعثة الوسطاء من مجموعة دول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي وبعثة الأمم المتحدة إلى البلاد (مينوسما)، وفق ما ذكر أحد أعضاء البعثة الذي فضل عدم الكشف عن هويته.

ثم توجه الوفد إلى مكتب الكولونيل غويتا، نائب الرئيس الانتقالي، الذي التقوه بالفعل مساء أمس.

وقال المصدر نفسه "لقد التقينا بنائب الرئيس من جديد لنخبره بعدم موافقتنا".

ولاحقاً، قال سيسي إنّ الرئيس ورئيس الوزراء وبقية المسؤولين الانتقاليين الذين أوقفوا الاثنين سيفرج عنهم "بشكل تدريجي"، من دون تحديد أي مواعيد.

ويندرج سبب الاستقالتين اللتين يجهل ظروف تقديمهما بين العديد من السيناريوهات المطروحة منذ الاعتقال المفاجئ الاثنين، ومن غير المعروف الآن مصير هذا البلد المفتاح لاستقرار منطقة الساحل التي تواجه منذ سنوات ازمات متعددة.

والأربعاء، دان مجلس الأمن الدولي بالإجماع تغيير المسار الانتقالي في مالي، من دون أي إشارة إلى عمل انقلابي أو إلى توجّه لاتّخاذ تدابير عقابية.

وجاء في إعلان أصدره المجلس أن "تغيير المسار الانتقالي بالقوة بما في ذلك عبر استقالات قسرية، غير مقبول".

وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان، إن الولايات المتحدة علقت مساعدتها لقوات الأمن والجيش في مالي.

وحذّرت من أن "الولايات المتحدة ستدرس أيضاً الإجراءات المستهدفة ضد القادة السياسيين والعسكريين الذين أعاقوا الانتقال المدني نحو الحكم الديمقراطي".

وحذر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الذي تسهم بلاده بأكثر من 5 آلاف جندي في عمليات مكافحة المسلحين في منطقة الساحل "بفرض عقوبات على كل من يمنع العملية الانتقالية" في حال لم تنجح وساطة غرب أفريقيا التي بدأت الثلاثاء.

وأكد أن هذه العقوبات لن تكون فرنسية فقط بل ستكون من "الدول الأفريقية و(من) جميع الفاعلين".

عقوبات دولية

وقال ماكرون "نحن مستعدون ... لفرض عقوبات محددة الهدف بحق الأطراف المعنية ودان اعتقال نداو ووان معتبرا ذلك "انقلابا داخل انقلاب وهو مرفوض".

كما أعلنت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا إمكانية فرض عقوبات على غرار ما فعلت بعد الانقلاب الذي قاده الكولونيل في آب/أغسطس 2020.

ويبدو أن اجتماع بعثة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا مع القادة المعتقلين ستترتب عليه عواقب وخيمة.

وقال مستشار الكولونيل غويتا "إن المفاوضات جارية للإفراج عنهما وتشكيل حكومة جديدة".

وقال رئيس وفد المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، غودلاك جوناثان، إن العقيد غويتا "أخبرنا أنهم يعملون على كيفية إطلاق سراحهما".

ولا تكتفي البعثة، وكذلك قسم كبير من المجتمع الدولي، فقط بالحصول على تأكيدات بخصوص حالتهما الصحية وإنما تطالب بالإفراج الفوري عنهما وبالعودة إلى المرحلة الانتقالية التي من المقرر أن تسلم السلطة إلى المدنيين في مطلع عام 2022.

وحذرت منظمات أفريقية ومينوسما وفرنسا والولايات المتحدة وغيرها في بيان صدر مساء الاثنين، أنها لن تقبل بالاستقالة القسرية كأمر واقع.

منذ اعتقالهما المفاجئ، احتُجز الرئيس ورئيس الوزراء الانتقاليان في معسكر كاتي، حيث اقتيد كذلك الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا الذي أعيد انتخابه قبل عام وأطاح به انقلاب بقيادة الكولونيل غويتا في آب/أغسطس 2020 وتم دفعه لإعلان استقالته.

اتهم غويتا الذي يتولى منصب نائب الرئيس في الحكومة الانتقالية، كلًا من نداو ووان بعدم التشاور معه في التعديل الوزاري.

وقال إن "هذا الاجراء يدل على إرادة واضحة لرئيس المرحلة الانتقالية ورئيس الوزراء بانتهاك الميثاق الانتقالي ...، حيث ثبت وجود نية لتخريب العملية الانتقالية".

ورغم أن التغيير تقرر للرد على انتقادات متزايدة، أبقت التعديلات على حقائب مهمة بيد الجيش كان يسيطر عليها في الإدارة السابقة.

لكن اثنين من قادة الانقلاب هما وزير الدفاع السابق ساديو كامارا ووزير الأمن السابق الكولونيل موديبو كوني، استبعدا من منصبيهما ما دفع بالضباط لاعتقال الرئيس ورئيس الوزراء.

أ ف ب