بدأ أعضاء الجمعية العامة للأمم المتّحدة هذا الأسبوع مناقشة إمكانية عقد دورتهم المقبلة في أيلول/سبتمبر حضورياً، على أن تكون الوفود المشاركة --سواء ترأّسها قادة الدول أو وزراء-- صغيرة جدّاً وأن تحترم التدابير الصحية السارية بسبب جائحة كورونا، وهو اقتراح وافقت عليه الولايات المتّحدة بصفتها الدولة المضيفة.

وكانت الجمعية العامة اضطرّت في السنة الماضية إلى عقد مناقشتها العامة السنوية افتراضياً بسبب جائحة كورونا. وبدلاً من أن يعتلي رؤساء الدول والحكومات منبرها في نيويورك لإلقاء خطاباتهم كما في كل عام، اضطرّوا يومها إلى تسجيل مقاطع فيديو لكلماتهم وإرسالها إلى المنظمة الدولية التي بثّتها عبر الشاشة.

عن طريق الخطأ 

الأربعاء عقد أعضاء الجمعية العامة البالغ عددهم 193 دولة جلسة للبحث في الشكل الذي ستكون عليه دورتهم المقبلة المقرّرة اعتباراً من 21 أيلول/سبتمبر. وعلى الرّغم من أنّ هذه الجلسة كانت مغلقة إلاّ أنّها بُثّت عن طريق الخطأ عبر التلفزيون الداخلي للأمم المتّحدة.

وخلال الجلسة أعطت الولايات المتّحدة، وهي طرف أساسي في تنظيم اجتماعات الجمعية العامة، موافقتها على عقد قمّة فعلية لكن في ظلّ تدابير صحّية صارمة. 

وقال الدبلوماسي الأميركي رودني هانتر "في الوقت الذي نرحّب فيه بوصول رؤساء الدول أو الحكومات فإنّنا نشجّع كلّ الدول الأعضاء على الحدّ من حجم وفودها هنا في مدينة" نيويورك.

وأضاف أنّ تنظيم "قمّة ناجحة بمشاركة وفود محدودة هو أمر يمكن تحقيقه بنسبة 100%"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنّ "استخدام خطاب مسجّل مسبقاً عبر الفيديو من رئيس الدولة أو الحكومة يجب أن يظل خياراً للوفود هذا العام".

وأوضح الدبلوماسي أنّه من أجل عقد قمّة حضورية "آمنة وناجحة" يجب على وفود الدول أن تستوفي عدداً من الشروط الصحية.

وفصّل هانتر هذه الشروط قائلاً، إنّها تتضمّن بادئ ذي بدء وجوب أن يبرز أعضاء الوفود جميعاً قبل صعودهم إلى الطائرة التي ستقلّهم إلى نيويورك نتيجة فحص مخبري لا يعود تاريخها لأكثر من 72 ساعة تثبت خلوّهم من كورونا أو شفاءهم منه، وأن يخضعوا بعد ثلاثة إلى خمسة أيام من وصولهم إلى الولايات المتحدة لفحص آخر مماثل.

حجر صحّي لغير الملقّحين 

وأضاف أنّه إذا لم يكن هؤلاء قد تلقّوا أحد اللقاحات المضادّة لكورونا فسيتعيّن عليهم عندها التزام حجر صحّي لمدة سبعة أيام تبدأ لحظة وصولهم إلى الولايات المتّحدة.

كما يتعيّن على كلّ شخص يريد دخول مبنى الأمم المتحدة في نيويورك الخضوع لفحص لقياس حرارة جسمه.

ولفت الدبلوماسي الأميركي إلى أنّ بلاده توصي أيضاً بالحفاظ على الشرط المعمول به حالياً في الجمعية العامة لجهة العدد الأقصى للأشخاص المسموح لهم بتمثيل دولهم في كل اجتماع يُعقد في القاعة العامة وهو شخصان لكل وفد، مشدّداً على أهمية الالتزام بهذا السقف "بغضّ النظر عن مستوى المشاركين".

كما أشار إلى ضرورة الالتزام بالشروط الأخرى المتّبعة حالياً وهي وضع الكمامات الواقية من الفيروس والتزام قواعد التباعد الاجتماعي في القاعة العامة. 

أما بالنسبة إلى الحجم الأقصى للوفود التي سيُسمح لها بالدخول إلى مقرّ الأمم المتّحدة ككلّ، وليس قاعة الجمعية العامة فحسب، فقال هانتر "نقترح أن يقتصر العدد على ستّة أشخاص" من كلّ وفد. 

ودعا الدبلوماسي الأميركي كذلك إلى "الإبقاء على الحظر الساري حالياً على الاجتماعات غير الرسمية في الأمم المتّحدة، ونقترح لهذا العام إبقاء جميع الفعاليات الجانبية افتراضية".

اجتماعات خارج المقرّ 

وبالنسبة إلى الاجتماعات الثنائية أو المصغّرة التي تعقدها في العادة وفود الدول على هامش الاجتماعات السنوية للجمعية العامة، فقال هانتر، إنّ الولايات المتّحدة توصي بأن تعقد هذه الاجتماعات هذا العام خارج مقرّ المنظمة الدولية.

وقبل جائحة كورونا كانت الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي أكبر تجمّع دبلوماسي في العالم، تجتذب إلى نيويورك عشرات آلاف الأشخاص، وتجري على هامشها مئات الفعاليات الجانبية.

وبالإضافة إلى خيار عقد جمعية عامة يحضرها قادة العالم أجمع لكن على رأس وفود صغيرة جداً وفي ظلّ إجراءات تدابير صحيّة صارمة، قدّمت الأمم المتّحدة الأربعاء إلى أعضائها خيارين آخرين هما: جمعية عامة يقتصر مستوى تمثيل الدول فيها على الوزراء، أو تكرار صيغة العام الماضي أي أن تعقد الاجتماعات افتراضياً.

وفي حين شدّد قسم من أعضاء الأمم المتّحدة على أنّ تحديد مستوى تمثيل الدول ليس بتاتاً من مسؤولية المسؤولين الإداريين في المنظّمة الدولية، بدا أنّ الأغلبية العظمى من الدول الأعضاء ترفض فكرة تكرار تجربة العام الماضي التي اعتبرها كثيرون مدعاة للإحباط.

أ ف ب