حذرت الولايات المتحدة وفرنسا الجمعة، إيران من أن الوقت ينفد أمام العودة إلى الاتفاق النووي، وعبرتا عن القلق من أن أنشطة طهران الذرية الحساسة يمكن أن تتطور في حال طال أمد المفاوضات.

وردت طهران معتبرة ان على الاطراف الاخرين ان يتخذوا القرارات ومؤكدة انها لم تنسحب البتة من الاتفاق الدولي حول برنامجها النووي.

وخلال أول زيارة رفيعة المستوى لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى باريس، أشاد وزير الخارجية توني بلينكن ومضيفوه الفرنسيون، بروح جديدة من التعاون بعد أربع سنوات من التوتر خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.

لكن الجانبين قالا إن أحد الوعود الرئيسية لبايدن، وهو العودة إلى الاتفاق المبرم في 2015 يواجه صعوبات في حال عدم تقديم السلطات الإيرانية تنازلات خلال محادثات جارية في فيينا منذ أشهر.

وقال بلينكن إن الولايات المتحدة لا يزال لديها "خلافات جدية" مع إيران التي تواصل التفاوض منذ الانتخابات الرئاسية الأسبوع الماضي والتي فاز بها المتشدد إبراهيم رئيسي.

وأكد بلينكن خلال مؤتمر صحافي أنه "ستأتي لحظة سيكون فيها من الصعب جداً العودة إلى المعايير المعمول بها في خطة العمل الشاملة المشتركة"، مستخدماً الاسم الرسمي للاتفاق الدولي حول النووي الإيراني.

وأضاف "لم نصل بعد إلى تلك اللحظة، لا يمكنني تحديد تاريخ لذلك، لكنها مسألة نحن مدركون لها".

وحذر بلينكن من أنه إذا استمرت إيران "في تشغيل مزيد من أجهزة الطرد المركزي المتطورة" وتسريع تخصيب اليورانيوم، فإنها ستقرب الوقت اللازم الذي ستكون عنده قريبة بشكل خطير من امتلاك القدرة على تطوير قنبلة نووية.

لكن بلينكن قال إن بايدن لا يزال يؤيد العودة إلى الاتفاق الذي خفضت بموجبه إيران بشكل كبير أنشطتها النووية حتى انسحاب ترامب منه في 2018 وفرضه عقوبات صارمة.

وقال بلينكن "لدينا مصلحة وطنية في السعي لإعادة المشكلة النووية إلى حيث وضعتها خطة العمل الشاملة المشتركة".

استراتيجية مماطلة ؟

بقيت فرنسا، على غرار بريطانيا وألمانيا وروسيا والصين في اتفاق 2015، رغم ضغط من ترامب. وصعدت بدورها الضغط على إيران للمضي قدما.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع بلينكن "ننتظر من السلطات الإيرانية أن تتخذ القرارات الأخيرة، وهي على الأرجح صعبة، التي ستسمح باختتام المفاوضات".

وردا على الوزيرين الاميركي والفرنسي، قال المتحدث باسم الخارجية الايرانية سعيد خطيب زاده في بيان "على الأطراف الأخرى ان يتخذوا القرارات"، وذلك ردا على دعوة وزيري خارجية فرنسا جان ايف لودريان والولايات المتحدة انتوني بلينكن طهران الى اتخاذ قرارات "صعبة" من دون اي تأخير لإنقاذ الاتفاق.

واكد المتحدث ان "الجمهورية الإسلامية لم تنسحب البتة" من الاتفاق، بل "على الولايات المتحدة ان تتخذ بنفسها قرار العودة اليه ورفع العقوبات غير القانونية" الأميركية بحق إيران.

طال أمد المفاوضات لأسباب منها تمسك إيران برفع جميع العقوبات مشيرة إلى الوعود بمساعدات اقتصادية بموجب الاتفاق.

وتقول إدارة بايدن إنها على استعداد لإلغاء التدابير الاقتصادية المتعلقة بالأنشطة النووية والمنصوص عليها في الاتفاق النووي، لكنها تؤكد أنها ستبقي عقوبات أخرى من بينها ما يتعلق بحقوق الإنسان ودعم إيران لمجموعات مسلحة في دول عربية.

ويعتقد بعض الخبراء أن إيران كانت تنتظر فوز رئيسي الذي يحظى نهجه المتشدد بدعم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، الذي له الكلمة الفصل في كل المسائل المتعلقة بالسياسة الخارجية.

وقال محللون إن إيران يمكن أن تتوصل لاتفاق قبل تولي رئيسي مهامه في آب/أغسطس، ما يتيح له أن يحظى بالفضل في الانتعاش الاقتصادي المتوقع، لكن يلقي باللوم على الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني، المعتدل المؤيد لعلاقة أفضل مع الغرب، في حال تدهور الوضع.

اهلا بك في بلدك 

حيّا بلينكن الذي نشأ في باريس، التحالف مع فرنسا، واستخدم اللغة الفرنسية بطلاقة في تصريحاته على نقيض صارخ للهجة وشعار "أميركا أولا" الذي اتسم أحيانا بالحدة، لإدارة ترامب.

وقال لودريان "عزيزي توني، يسعدني جدا الترحيب بك في باريس"، لدى استقبال بلينكن في قاعة مهيبة بوزارة الخارجية. 

واضاف "كانت زيارتك لباريس منتظرة لأنك في بلدك هنا. بل أميل إلى القول أهلا بك في بلدك".

والتقى بلينكن في وقت لاحق الرئيس الفرنسي في الاليزيه مكررا دعم الولايات المتحدة لفرنسا في تصديها للجهاديين في منطقة الساحل.

يجري بلينكن جولة أوروبية زار خلالها ألمانيا وستستمر في إيطاليا، بعد وقت قصير على زيارة بايدن للقارة.

وتسعى الإدارة إلى ترسيخ العلاقات مع الأوروبية في مواجهة التحديات المتزايدة للصين التي يتصاعد نفوذها وروسيا التي تزداد قوتها.

وحول قضايا تحظى بأهمية استراتيجية لدى الفرنسيين، وعد بلينكن بالتكاتف في التصدي للتطرف في منطقة الساحل، وبجبهة موحدة بشأن لبنان الغارق في أزمتين اقتصادية وسياسية

وعن لبنان قال لودريان "قررنا أن نتحرك معاً للضغط على المسؤولين. نحن نعرف من هم".

وأضاف بلينكن "نريد أن نرى قيادة حقيقية في بيروت".

أ ف ب