قال منتدى الاستراتيجيات الأردني، الاثنين، إن مخرجات القمة الثلاثية الأردنية – العراقية – المصرية التي عقدت في بغداد الأحد، ستسهم في إنعاش اقتصادات الدول الثلاث من خلال جذب الاستثمارات المشتركة في القطاعات الحيوية مثل الطاقة والنقل والتبادل التجاري.

وأضاف، في ورقة سياسات بعنوان "فرص اجتذاب الاستثمار الأجنبي: المناخ الاستثماري والحوكمة وسهولة تنفيذ الأعمال "، أن القمة فرصة مواتية ذات أثر فعال في إحداث تغيير ملموس في مستوى الاستثمارات الأجنبية وتعزيز الصادرات الوطنية.

وبينت الورقة أن نسبة الاستثمار إلى الناتج المحلي الإجمالي تراجعت إلى 17.5%، خلال السنوات الأخيرة، مشيرة إلى أن النسبة منخفضة مقارنة بدول أخرى تمر بظروف تنموية مشابهة مثل المغرب حيث تبلغ تلك النسبة 28.7% وفي لبنان 20.4%..

وللتخفيف من وطأة التحديات التي يعاني منها الاقتصاد الأردني، أوضح منتدى الاستراتيجيات الأردني أن الاقتصاد الأردني بحاجة إلى زيادة حجم الاستثمارات سواء كانت من مصادر محلية أو من خلال تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وذلك لكونها تعتبر محركا رئيسيا وعاملا أساسيا في تحقيق أهداف النمو الاقتصادي والتنمية، ومن الممكن أن تجلب العديد من الفوائد، حيث يمكن أن ينعكس ذلك في تعزيز قيمة الصادرات الوطنية، وخلق فرص عمل جديدة، بالإضافة إلى انتقال المعرفة والتكنولوجيا من الشركات متعددة الجنسيات إلى الشركات المحلية وبدوره سيسهم في تحسين عملية الإنتاج وتطوير أساليب الإدارة الحديثة.

وفيما يتعلق بالتجربة الأردنية في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة؛ أشارت الورقة إلى أن إجمالي تكوين رأس المال الثابت في الأردن (الخاص والعام) شهد منحى تنازليا خلال العقد الماضي؛ حيث تراجعت النسبة في القطاع الخاص بشكل واضح من 22.5% لعام 2010، إلى (14%) لعام 2019؛ بالمقابل تراوحت نسبة تكوين رأس المال الثابت للقطاع العام بين (3% - 4%).

وبينت الورقة أن إجمالي تكوين رأس المال الثابت نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي في الأردن يعتبر منخفضا نسبيًا مقارنة بالدول العربية والعالمية؛ وهو ما يتطلب ضرورة النظر إلى جذور المشكلة التي تسببت في هذا الانخفاض ومن الممكن أن ترتبط بثلاثة عوامل رئيسية وفقاً للمنتدى؛ أولها مرتبط بالمناخ الاستثماري، وثانيا عدم وضوح الرؤيا المستقبلية وثالثها تراجع نسبة المدخرات التي يمكن حشدها لتوليد مزيد من الاستثمارات.

وأشارت الورقة، إلى أن التبعات السلبية الناجمة عن تداعيات جائحة كورونا أدت إلى انخفاض كبير في مستوى تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر على الصعيد العالمي؛ حيث انخفضت بنسبة 38% خلال العام 2020 بما يعادل (846 مليار دولار أميركي).

وتوقعت أن ينخفض مستوى الاستثمار الأجنبي المباشر بنسب تتراوح ما بين 5% - 10% لعام 2021 وفقاً لتقرير الاستثمار العالمي الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، بسبب ظهور سلالات جديدة لفيروس كورونا.

وفي سياق ما يؤثر على وجهة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر؛ أشار المنتدى إلى أن طريق انتعاش الاستثمار الأجنبي المباشر سيكون غير مؤكد وصعبا وبطيئا، كما سيؤدي انخفاض مستويات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى زيادة تنافسية الدول في جذب الاستثمارات الأجنبية إلى اقتصاداتها المحلية، إضافة إلى أن الاستثمار الأجنبي المباشر سيكون موردًا بالغ الأهمية لا سيما في البلدان التي أصبحت ماليتها العامة في وضع صعب نتيجة جائحة كورونا، إذ لن تكون الاستجابة للوباء سهلة من حيث جذب الاستثمار والحفاظ عليه، وتسهيل الاستثمار بشكل عام، والاستثمار الأجنبي المباشر على وجه الخصوص.

وأوضحت الورقة أن جائحة كورونا ستفاقم من مستوى التحديات التي تواجه الاقتصاد الأردني على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، والمتمثلة في معدلات النمو المتواضعة، ونسب البطالة المتصاعدة والمرتفعة، واستمرارية العجز في مستوى الموازنة العامة.

وأشارت الورقة، إلى أن متوسط النسبة السنوية لتدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الناتج المحلي الإجمالي في الأردن خلال الفترة ما بين 2000-2010 بلغت 10.3% كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، حيث يعود السبب الرئيسي في ارتفاع هذه النسبة إلى برامج الخصخصة التي شهدها الأردن خلال تلك الفترة؛ بالمقابل شهد صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر (نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي) تراجعاً ملموساً منذ عام 2010؛ إذ وصلت نسبتها إلى 1.9% في العام 2019.

وعلى الرغم من صعوبة الحفاظ على تدفق مستمر وثابت من مستوى الاستثمارات الأجنبية المباشرة، نظراً لارتباطها ببيئة الأعمال والفرص التجارية الحالية، والتوترات الجيوسياسية والتجارية التي تشهدها المنطقة العربية على وجه الخصوص؛ إلا أن مستوى التباين (الانحراف المعياري) لصافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي في الأردن خلال الفترة 2010-2019، كانت أقل من تلك الدول التي شهدت نسبًا أعلى في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر؛ مما يعني أن التذبذب في المعدلات أقل من تلك الدول والحصيلة النهائية تعتبر مشجعة.

واستعرض منتدى الاستراتيجيات الأردني في ورقته خارطة طريق ترتكز على 3 مؤشرات رئيسية وهي؛ مؤشر الحوكمة، ومؤشر تقييد الاستثمار الأجنبي المباشر، ومؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال.

وشدد المنتدى على أهمية استخدام هذه المؤشرات لتقييم الدرجات والمراتب التي يحققها الأردن؛ وذلك لتحديد ما يتعين على الحكومة الأردنية القيام به لتحسين الحوكمة والحد من قيود الاستثمار الأجنبي المباشر من أجل تعزيز تدفقاته للاقتصاد الأردني.

وفيما يتعلق بالحوكمة الرشيدة؛ أشار المنتدى إلى أن الحوكمة الرشيدة يرافقها ارتفاع في مستويات دخل الفرد ومستويات الإنتاجية؛ في حين أن سوء الإدارة (مثل الفساد) يترتب عليه تكاليف إضافية على المستثمرين؛ كما أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة عادةً ما تنطوي عليها تكاليف ثابتة كبيرة، وهو ما يجعلها عرضة بشكل خاص لعدم اليقين في حال كان هنالك سوء في تنفيذ السياسات أو ضعف في إنفاذ القانون وحماية حقوق الملكية؛ إضافة إلى كون الحوكمة الرشيدة تخلق مجالًا متكافئًا، أي أنها لا تعطي مزايا معينة للشركات أو الأفراد وتعزز المساواة في النتائج وتكافؤ الفرص والتخصيص الأكثر كفاءة للموارد الاقتصادية.

أما وبالنسبة إلى قيود الاستثمار الأجنبي المباشر؛ بين المنتدى بأن الحواجز القانونية المتشددة أمام الاستثمار الأجنبي المباشر، والقيود التشغيلية الأخرى، من شأنها تثبيط الاستثمار الأجنبي المباشر؛ حيث إن الحواجز والقيود المفروضة قد تحد من الوصول إلى الأسواق أو تزيد من تكاليف المعاملات مقارنة بالمواقع المنافسة للشركات الأجنبية في كل من القطاعات المقيدة بشكل خاص.

وفيما يتعلق بممارسة أنشطة الأعمال؛ أشار المنتدى إلى أن لوائح الأعمال الخاصة بالشركات المحلية تؤثر على الاستثمار الأجنبي المباشر من خلال جمع وتحليل البيانات الكمية الشاملة لمقارنة بيئة تنظيم الأعمال عبر الاقتصادات بمرور الوقت.

وأشار المنتدى في هذا السياق إلى تقرير ممارسة أنشطة الأعمال موضحاً أنه يشجع الاقتصادات على التنافس نحو تنظيم أكثر كفاءة، ويقدم معايير قابلة للقياس وللإصلاح، ويعمل كمصدر للأكاديميين والصحفيين وباحثي القطاع الخاص والمهتمين بمناخ الأعمال في كل اقتصاد.

ولزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لرفد الاقتصاد الأردني؛ أوصى المنتدى بضرورة اعتماد التدابير العلاجية اللازمة، حيث إن ممارسة أنشطة الأعمال تعتمد على مجموعة كاملة من العوامل التي تتفاعل معًا ومن غير الممكن أن يتم إصلاح مناخ الأعمال مع تجاهل الإطار السياسي الذي تعمل من خلاله.

وشدد المنتدى على تكاملية بيئة الأعمال، إذ لا يمكن إصلاح جوانب منها وإهمال الأخرى، وهو ما يوجب النظرة الشمولية لما يعرف بـ "رحلة المستثمر".

وأوضحت الورقة أن مرحلة ما بعد كورونا ستشهد تنافسا شديدا بما يتعلق في جذب الاستثمارات الأجنبية، وهو ما يقتضي ضرورة تسريع الخطوات وتنفيذ ما يجب من خلال مراجعة تفصيلية للمؤشرات الأساسية الجاذبة للاستثمار، وهذه المؤشرات هي التي ينظر اليها المستثمر الأجنبي بشكل رئيسي لدى اختياره وجهة الاستثمار المرغوبة.

المملكة