أجرى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون تعديلاً وزارياً لحكومته الأربعاء، "بهدف تشكيل فريق قوي موحد" لمواجهة مرحلة ما بعد وباء فيروس كورونا، فأعفى وزير الخارجية من منصبه وعيّنه وزيرا للعدل.

بعد أزمة كورونا التي استمرّت لعام ونصف العام، وتسببت بأضرار كبيرة بالنسبة لبريطانيا وسحب القوات البريطانية من أفغانستان الذي أثار انتقادات كثيرة، وفي وقت يُحدث بريكست اضطرابات كبيرة في الإمدادات في البلاد، يسعى رئيس الوزراء لإيجاد زخم جديد لحكومته.

من بين الوزراء الكبار الذين طرحت الصحافة أسماءهم على لائحة التعديل الوزاري، وزير الخارجية دومينيك راب الذي أُعفي من منصبه.

وكُلّف راب وزارة العدل وعُيّن نائباً لرئيس الوزراء، وهو منصب كان يشغله بحكم الأمر الواقع حتى الآن، إذ إنه تولى قيادة الحكومة في ربيع 2020 عندما كان جونسون في المستشفى إثر إصابته بكورونا.

وتعرّض هذا الليبرالي البالغ 47 عاما، لانتقادات بسبب تقاعسه في ملف الأزمة الأفغانية إذ إنه لم يقطع عطلته في جزيرة كريت اليونانية، في وقت كانت كابل تسقط في أيدي طالبان منتصف آب/أغسطس.

وبدا بعدها كأنه يحمّل الجيش مسؤولية بعض الأخطاء التي ارتُكبت أثناء عمليات الإجلاء.

وعُيّنت وزيرة التجارة الخارجية ليز تروس (46 عاماً)، في هذا المنصب الاستراتيجي، في وقت تسعى المملكة المتحدة لتعزيز موقعها على الساحة الدولية بعد بريكست.

ويغادر وزير التعليم غافين وليامسون الحكومة كما كان متوقعاً بسبب تعامله مع إغلاق المدارس أثناء فترات الحجر والفشل الذريع في ترتيبات الامتحانات.

وكذلك بالنسبة لوزيري العدل روبرت باكلاند والإسكان روبرت جينرك.

في المقابل، أُبقي وزير المال البريطاني الشاب والشعبوي ريشي سوناك (41 عاماً) في منصبه، وكذلك وزيرة الداخلية بريتي باتيل، رغم تعرّضها لانتقادات؛ بسبب عجزها عن تخفيض عدد المهاجرين غير القانونيين الوافدين من فرنسا عبر بحر المانش.

استطلاع رأي سلبي للمحافظين

وقدّم داونينغ ستريت التعديل الوزراء على أنه وسيلة "تشكيل فريق قوي موحد لإعادة البناء بشكل أفضل بعد الوباء"، "مع هدف توحيد البلاد بأسرها".

يأتي هذا الإعلان في وقت حساس بالنسبة لرئيس الحكومة المحافظ البالغ 57 عاماً الذي وصل إلى داونينغ ستريت في صيف العام 2019، وحقق انتصاراً ساحقاً في الانتخابات التشريعية التي أُجريت في كانون الأول/ديسمبر 2019 مع وعده بتنفيذ بريكست.

وأظهر استطلاع للرأي أجراه مؤخراً معهد "يوغوف"، تراجع شعبية المحافظين بشكل حاد (33%) الذين تقدم عليهم حزب العمال (35%) للمرة الأولى منذ مطلع العام.

وتدفع الحكومة بذلك ثمن إعلانها زيادة رسوم الاشتراك في الضمان الاجتماعي المخصصة لدعم نظام الصحة العام الذي تعرّض لنكسة قوية بسبب الوباء.

ورفعت الحكومة الضرائب إلى أعلى مستوياتها منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، رغم وعد المحافظين خلال حملتهم لانتخابية بعدم زيادة الضرائب.

على المستوى الصحي، تواجه الحكومة وضعاً حساساً بعدما رفعت في تموز/يوليو، معظم القيود التي كانت مفروضة لاحتواء كورونا رغم تفشي المتحوّرة دلتا، ما أبقى عدد الإصابات في مستوى مرتفع (نحو 30 ألف إصابة في اليوم).

وتسجل الحالات التي تستدعي الدخول إلى المستشفى، ارتفاعاً رغم أن الوتيرة لا تزال بطيئة بفضل التلقيح.

وتثير العودة إلى المدارس وحلول فصل الخريف مع مجموعة الفيروسات الموسمية التي تأتي معه على غرار الزكام، الخشية من الأسوأ في المستشفيات، مع خطر مفاقمة الوضع بشكل كبير في بريطانيا التي تسجّل أسوأ حصيلة وفيات في أوروبا (أكثر من 134 ألف وفاة).

وترتكز خطط الحكومة التي أُعلن عنها الثلاثاء تمهيداً لفصل الشتاء، بشكل أساسي على حملة تلقيح بجرعة معزّزة ضد كورونا، مع اللجوء فقط في حال تدهور الوضع كثيرا إلى قيود على غرار وضع الكمامات في الأماكن المغلقة والعمل عن بُعد والتصريح الصحي.

وتعاني قطاعات عدة من نقص في اليد العاملة خصوصا من حيث السائقين، مما يثير اضطرابات في الإمدادات، كما أن معدّل التضخم سجّل ارتفاعا كبيرا في آب/أغسطس إلى أعلى مستوياته منذ العام 2012.

أ ف ب