منذ إعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد في 25 تموز/يوليو تجميد عمل البرلمان وإقالة رئيس الحكومة، رافق الإعلان تطورات على صعيد تعزيز الصلاحيات الرئاسية على حساب الحكومة والسلطات التنفيذية وحملات ضد الفساد ، وتباينت ردود الفعل الشعبية بين مؤيد ومعارض للأحداث التي تشهدها البلاد.

"سلطات تنفيذية كاملة"

في 25 تموز/يوليو أعلن سعيّد تعليق عمل البرلمان لمدة 30 يوما وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي بناء على الفصل 80 من الدستور الذي يخوله اتخاذ تدابير في حالة "خطر داهم مهدد لكيان الوطن".

وأكد أن خطوته تهدف إلى "إنقاذ" بلاده الذي عانى من انسداد سياسي وشهد حينها ارتفاعا في عدد الوفيات جراء كوفيد-19.

كما قرر سعيد الذي يتولى "القيادة العليا للقوات المسلحة" بموجب الدستور، تعزيز صلاحياته التنفيذية وأعلن اعتزامه تعيين رئيس حكومة جديد.

وجاءت قرارات الرئيس إثر اجتماع طارئ مع مسؤولين عسكريين وأمنيين توازيا مع تظاهرات احتجاجية ضد الحكومة نددت خصوصا بتعاملها مع أزمة كورونا.

وطالب آلاف المحتجين بـ"حلّ البرلمان" نتيجة استيائهم من الصراع الذي امتد لنحو 6 أشهر بين رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان راشد الغنوشي الذي يرأس حزب النهضة الإسلامي.

وخرجت تظاهرات تأييد في العاصمة ومدن أخرى بعيد إعلان الرئيس عن قراراته رغم حظر التجول الليلي.

"انقلاب"

من جهتها، نددت حركة النهضة الأكثر تمثيلا في البرلمان بـ"انقلاب على الثورة والدستور"، ودعت أنصارها وعموم التونسيين إلى "الدفاع عن الثورة".

في 26 تموز/يوليو، تبادل مئات من أنصار الرئيس سعيّد والنهضة إلقاء القوارير والحجارة أمام البرلمان ، وبدأ الغنوشي اعتصاما أمام مبنى السلطة التشريعية مطالبا بالسماح له بدخوله بعد أن أغلقه الجيش.

الاتحاد العام التونسي للشغل صاحب التأثير الواسع اعتبر قرارات قيس سعيّد "استجابة" للمطالب الشعبية و"وفق" الدستور.

وأعربت فرنسا عن أملها في العودة "في أقرب وقت" إلى "العمل الطبيعي للمؤسسات"، فيما وأبدت الولايات المتحدة "قلقها" داعية إلى احترام "المبادئ الديموقراطية".

"حملة ضد الفساد "

في 27 من الشهر نفسه، دعت النهضة لإجراء "انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة ومتزامنة من أجل ضمان حماية المسار الديموقراطي وتجنب كل تأخير من شأنه ان يُستغل كعذر للتمسك بنظام استبدادي".

في 28 تموز/يوليو، أطلق سعيّد حملة لمكافحة "من نهبوا المال العام"، مطالبا 460 رجل أعمال متهمين باختلاس أموال خلال فترة حكم بن علي (1987-2011) بالاستثمار في المناطق الداخلية مقابل "صلح جزائي" معهم.

في 3 آب/أغسطس، دعا الاتحاد العام التونسي للشغل الرئيس إلى الاسراع بتعيين رئيس حكومة وتشكيل حكومة "إنقاذ مصغّرة".

وأبدت حركة النهضة استعادها لإجراء "نقد ذاتي" وتغيير سياساتها.

" تمديد تعليق أعمال البرلمان"

في 24 آب/أغسطس، أعلن الرئيس قيس سعيّد تمديد تعليق نشاط البرلمان "حتى إشعار آخر".

وقال إن البرلمان "خطر على الدولة"، وأن "المؤسسات السياسية الموجودة الآن والطريقة التي تعمل بها، خطر جاثم ضد الدولة".

"ممارسات تعسفية"

في 26 آب/أغسطس، أكدت منظمة العفو الدولية تسجيلها منذ 25 تموز/يوليو 50 حالة حظر سفر "غير قانوني وتعسفي" ضد قضاة ومسؤولين ورجال أعمال ونائب في البرلمان.

في 3 أيلول/سبتمبر، دعت المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب سعيّد إلى وضع حد لسلسلة "ممارسات تعسفية" أبرزها "تقييد الحريات".

في 10 أيلول/سبتمبر، أعرب وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل لسعيّد عن "مخاوف" ودعاه إلى استئناف عمل البرلمان والحفاظ على "مكتسبات الديموقراطية" في تونس. غداة ذلك، أشار قيس سعيّد إلى إمكان تعديل الدستور.

في 14 أيلول/سبتمبر، شدد الرئيس التونسي على أن بلاده "تحكمها مافيا" وهاجم مسؤولين سياسيين اتهمهم بالفساد.

تعزيز الصلاحيات الرئاسية

في 20 أيلول/سبتمبر، أعلن قيس سعيّد اعتزامه تعيين رئيس حكومة جديد في إطار "أحكام انتقالية" مع إبقاء التدابير الاستثنائية التي اتخذها سابقا.

فيما حذّر حزب النهضة من أن تدابير الرئيس تهدد بـ"تفكيك الدولة".

في 22 أيلول/سبتمبر، أصدر سعيّد أمرا رئاسيا يتضمن تدابير استثنائية أخرى تعزز صلاحياته على حساب الحكومة وكذلك البرلمان الذي يحل محله عبر "إصدار النصوص ذات الصبغة التشريعية في شكل مراسيم".

كما أعلن أنه سيتواصل فقط "العمل بتوطئة الدستور وبالبابين الأول والثاني منه وبجميع الأحكام الدستورية التي لا تتعارض مع أحكام هذا الأمر الرئاسي".

أ ف ب