يذهب المزارع أحمد عبيدات إلى أرضه في قرية سحم الكفارات، شمالي محافظة إربد، حاملاً عدّته من أجل قطف ثمار أشجاره المثقلة بالزيتون التي بدأت تنضج في موسمها المعتاد، ليبدأ وغيره من المزارعين باستخراج زيتها في معاصر الزيتون التي فتحت أبوابها اليوم الاثنين.

واتفقت نقابة أصحاب معاصر ومنتجي الزيتون مع وزارة الزراعة سابقاً على فتح المعاصر للموسم الحالي اليوم الاثنين 15 أكتوبر، شريطة مراعاة علامات النضج على الثمار قبل قطفها، بحسب الناطق الإعلامي للنقابة العامة لأصحاب المعاصر ومنتجي الزيتون الأردنية نضال السماعين.

وقال المزارع عبيدات إنه استطاع خلال الموسم الماضي "جمع 22 جالون زيت من عصر ثمار الزيتون في مزرعته"، مشيراً إلى أنه "احتفظ بـ 5 جالونات منها لبيته وعائلته وباقي الكمية تم بيعها في المعصرة بقيمة 90 دينارا للجالون الواحد".

وأضاف أنه "اضطر إلى القطاف بمساعدة أقاربه للابتعاد عن كلف حجم العمالة الوافدة المرتفعة"، موضحاً أن العمال "يطلبون مياومات تتراوح بين 20 إلى 30 دينارا يومياً وبأساليب قطاف سريعة لا تحافظ على الشجرة وثمارها".

ويأتي ذلك في وقت دعت إليه وزارتا الزراعة والتربية والتعليم لإطلاق حملة قطاف ثمار الزيتون بمشاركة طلاب المدارس الحكومية، بدلا من الاعتماد على العمالة الوافدة التي تعتبر ذات كلفة عالية تنفيذا لإعلان رئيس الوزراء عمر الرزاز عن هذه المشاركة، بحسب جمال البطش، مساعد الأمين العام لقطاع الثروة النباتية في وزارة الزراعة.

تبلغ مساحات الأراضي المزروعة بالزيتون نحو 639 ألف دونم، مقابل 11.2 مليون شجرة مثمرة، وبإنتاج بلغ 115 ألف طن من الثمار.دائرة الإحصاءات العامة، 2016

تخفيض كلف الإنتاج 

وقال جمال البطش إن مشاركة الطلاب في الموسم الحالي "من المتوقع أن يسهم في خفض تكاليف الأيدي العاملة عن كاهل المزارع بنسب تتراوح من %20 إلى 30%، والذي من المفترض أن يخفض سعر زيت الزيتون في الأسواق المحلية". كلف الإنتاج تترفع سنوياً من حيث أجور النقل وأسعار الكهرباء لكن نحن مطالبون بإبقاء أسعار زيت الزيتون حول معدلاتها السنوية، وفقا للمزارع أحمد عبيدات.

عبيدات أشار إلى أنه طلب في إحدى السنوات مساعدة طلاب إحدى المدارس القريبة من مزرعته لقطف الزيتون، قائلاً: إنه تضرر كثيرا من طريقة قطافهم السيئة للأشجار من خلال ضرب الشجرة بالعصي والتأخر في الإنتاج لأنهم لم يكونوا جادين في العمل".

وتنظم وزارة الزراعة في مطلع نوفمبر المقبل "اليوم الوطني لقطاف الزيتون"، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم بهدف توعية الجيل الجديد بأهمية ثمار الزيتون وتعزيز روابطه بالتراث الأردني، بالإضافة إلى تعليم الطلاب الطرق الصحيحة لقطف الزيتون مع توفر تطبيق عملي في المزارع لأفضل أنواع القطاف تحت إشراف دائرة الإرشاد الزراعي، بحسب البطش.

الكميات المتوقعة من إنتاج ثمار الزيتون في الأردن تقدر بـ 250 ألف طن لموسم 2018 / 2019. حوالي 120 ألف طن من الثمار تذهب للمعاصر لإنتاج الزيت، ليتم إنتاج نحو 24 ألف طن من زيت الزيتون، ويتم تخليل 30 ألف طن، كما يذهب 2000 طن لغايات التصدير. جمال البطش، مساعد الأمين العام لقطاع الثروة النباتية في وزارة الزراعة

في المقابل، قال السماعين إنه من المتوقع انخفاض إنتاج ثمار الزيتون في الأردن لعام 2018 مقارنة بالعام الماضي، بسبب ما يسمى بـ "تداور الحمل" عند أشجار الزيتون؛ أي أن إنتاج الزيتون يكون سنة للثمار، والسنة التي تليها لنمو الشجرة.

وأشار إلى أنه من المتوقع أن تكون نسبة الزيت في الثمار أعلى من العام 2017، كما أنه من المتوقع أن يبلغ الإنتاج الكلي للزيتون من 220 إلى 230 ألف طن، مقارنة بـ 250 ألف طن في العام 2017.

وعن أسعار زيت الزيتون للموسم الحالي، قال السماعين إن السعر يحدد من خلال العرض والطلب بالدرجة الأولى وجودة الزيت بالدرجة الثانية، موضحاً أن معدل الأسعار تتراوح بين 80 إلى 90 دينارا لتنكة الزيت بحجم 16 كلغم، لافتاً إلى ارتفاع استهلاك الزيت لدى الأردنيين والمقيمين في الأردن.

حملات توعوية

قال جمال البطش إن وزارة الزراعة تتعاون مع جمعية حماية المستهلك ومؤسسة الغذاء والدواء ومؤسسة المواصفات والمقاييس لإطلاق حملة "لتعقب حالات التلاعب بزيت الزيتون في الأسواق، وتعتمد آلية للرقابة على المنتج المتداول في الأسواق وفي الإعلانات"، موضحاً أن "هناك إجراءات لتتبع أي حالات غش ومقاضاتها عبر دوائر التنفيذ القضائي".

ولاكتشاف الزيت المتلاعب به من غيره، أوضح البطش أن هناك "فرقا خاصة للتذوق تقوم بأخذ عينات من المزارعين للتأكد من نوعية الزيت وجودته، بالإضافة إلى اعتماد الفحوصات الكيميائية للتأكد من عدم خلط  زيت الزيتون بزيوت أخرى".

تقوم مؤسسة الغذاء والدواء بحملات توعوية مستمرة للمواطنين وتدعوهم لفحص عينات من المنتج مجانا قبل الشراء لمعرفة الزيت الأصلي من المتلاعب به، من خلال توفير مختبرات وآلات خاصة لإظهار الزيت الأصلي؛ لأن التذوق لا يعطي نتيجة كاملة لإظهار الزيت موسى العبادي، مدير الغذاء في مؤسسة الغذاء والدواء

وأوضح العبادي أن المؤسسة تتابع إعلانات زيت الزيتون على مختلف وسائل الإعلام، وتجري فحوصات خاصة لضبط الزيوت المتلاعب بها، وتطلق جولات دورية للكشف عن المعاصر للتأكد من التزامها بالشروط الصحية، بالإضافة إلى تنسيق الإجراءات القانونية لتحويل المتلاعبين بالزيت إلى المدعي العام.

بدوره، قال السماعين إن النقابة تتعاون مع الهيئات الحكومية وشبه الحكومية بشكل دائم للرقابة على إنتاج المزارعين من زيت الزيتون، وملاحقة محاولة الغش، وتمرير أي معلومة للأمن العام لتتمكن من تحويل المخالفين والمتلاعبين إلى المدعي العام.

الزيتون الأردني يُعد من أجود الأنواع في العالم، وينبغي المحافظة عليه من الممارسات الخاطئة التي تضر به وبمواصفاته، مثل قطفه بالعصي أو الجرح أو التنشيف، أو حفظه في أكياس بلاستيكية وتركه فترات طويلة بدون عصر نضال السماعين، الناطق الإعلامي للنقابة العامة لأصحاب المعاصر ومنتجي الزيتون الأردنية

ودعا السماعين المستهلكين عند شراء زيت الزيتون، إلى التوجّه إلى مصادر موثوقة لشراء الزيت مثل مزارع موثوقة، أو من داخل معاصر الزيتون، والتاجر المعروف، بالإضافة إلى عدم شراء الزيت من الباعة المتجولين، أو شراء المنتج بأسعار زهيدة بأقل من سعر السوق بفارق كبير.

زيت زيتون عضوي

ويقول السماعين إن هناك تعاونا بين صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية وبعض المزارعين للاعتماد على الزراعة العضوية في إنتاج الزيتون، لكنه "توقّف نتيجة التكلفة العالية لإدامة هذا المشروع، وأنه يحتاج إلى 3 سنوات على الأقل للانتقال إلى الزراعة العضوية الكاملة".

"تكون الزراعة العضوية من خلال عدم رشّ الأشجار بالمبيدات أو استعمال أي سماد كيماوي"، أضاف السماعين موضحاً أن شركات فرنسية تعمل في الأردن لإنجاح هذا المشروع وتتابع التزام المزارعين لضمان استمراريتها من أول يوم زراعة، وحتى مرحلة البيع والتصدير لدول غربية، وتتراوح أسعار تنكة الزيت من الأشجار بالزراعة العضوية من 120 إلى 140 دينارا أردنيا.

يتراوح سعر زيت الزيتون البكر الممتاز من 90 إلى 95 دينارا أردنيا، وزيت الزيتون البكر من 85 إلى 90 دينارا أردنيا، بينما يصل سعر زيت الزيتون العضوي إلى 140 دينارا أردنيا.النقابة العامة لأصحاب المعاصر ومنتجي الزيتون الأردنية

حملة تسويقية

قالت وزارة الزراعة إنه تستعد مع الاتحاد العام للمزارعين الأردنيين ونقابة أصحاب معاصر ومنتجي زيت الزيتون، لإطلاق الموسم السابع للحملة الوطنية لتسويق زيت الزيتون، إذ  يتم خلال الحملة "وضع ختم على عبوات الزيتون وبيان تفصيلي يكتب فيه اسم المعصرة ونوع الزيت، وهناك سعي لإدخال تقنيات لقياس حموضة الزيت لتصنيفه بدقة"، بحسب جمال البطش.

وتقوم الوزارة من خلال الحملة ببيع زيت الزيتون بأسعار تفضيلية لموظفي الهيئات الحكومية لسد احتياجاتهم، ولضمان حصول المستهلك على زيت زيتون بجودة عالية بعيداً عن التلاعب والغش.

المملكة