تعهد المستشار أولاف شولتس، الأربعاء، بـ"بداية جديدة" لألمانيا خلال تسلمه السلطة من أنغيلا ميركل التي تنسحب من الحياة السياسية بعد 16 عامًا على رأس أكبر قوة اقتصادية في أوروبا.

استقبلت الزعيمة المحافظة، التي بقيت في السلطة للفترة الطويلة نفسها تقريبًا التي تولى فيها هلموت كول زمام الحكم، خلفها في الساعة 14:00 ت غ أمام المستشارية الذي قدم لها باقة ضخمة من الزهور.

ودعت ميركل الشخص الذي كان نائبا لها منذ فترة ليست ببعيدة إلى "العمل من أجل خير" ألمانيا. في المقابل أشاد شولتس بميركل على "كل ما فعلتْه لبلادنا" ووعد "ببداية جديدة".

وغادرت ميركل التي لُقبت "المستشارة الأبدية" مقر المستشارية نهائياً، وستبدأ بعد 31 عاماً من الحياة السياسية، صفحة جديدة من حياتها لا يعرف الكثير عنها حتى الآن.

تنبأ والده بأن يصبح يوما مستشارا

جلست ميركل واضعة كمامة في البوندستاغ لحضور مراسم انتخاب خلفها، فصفق لها النواب مطولا واقفين بمعظمهم قبل افتتاح الجلسة.

وأصبح شولتس المستشار التاسع لألمانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية، بعدما حصد أصوات 395 نائبا من أصل 736 في البوندستاغ المنبثق عن انتخابات 26 أيلول/سبتمبر، فيما صوت 303 ضده، وامتنع 6 عن التصويت.

وأدى رئيس بلدية هامبورغ السابق البالغ 63 عاما اليمين الدستورية في البوندستاغ حيث تلا المادة 56 من القانون الأساسي التي وعد بموجبها بـ"تكريس كل قواي لما هو لخير الشعب الألماني".

وتلقى المستشار الجديد المعروف بتكتمه وأطباعه الصارمة، تهاني العديد من النواب، وقدمت له باقات من الأزهار وسلة من التفاح، ووقف مبتسما لالتقاط صور سيلفي عديدة، في مراسم حضرها أهله وزوجته بريتا إيرنست.

وقال والده البالغ من العمر 86 عامًا إنه تنبأ لابنه، الذي كان يزعم بأنه "يعرف كل شيء" عندما كان طفلاً، في سن الثانية عشرة بأنه سيصبح مستشارًا.

ويتسلم شولتس مقاليد السلطة على رأس أول حكومة تكافؤ في ألمانيا تتولى نساء فيها وزارات أساسية مع تعيين البيئية أنالينا بيربوك وزيرة للخارجية والاشتراكيتين الديمقراطيتين كريستين لامبريشت وزيرة للدفاع ونانسي فيسر وزيرة للداخلية.

كذلك تعتبر الحكومة سابقة من حيث تشكيلتها السياسية، إذ تضم للمرة الأولى منذ الخمسينيات ثلاثة مكونات هي الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر.

تلقى شولتس الذي عين وزيرا عدة مرات، التهاني من قادة في جميع أنحاء العالم.

ووعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المستشار الجديد بقوله:"سنكمل الطريق معا ... من أجل الفرنسيين والألمان والأوروبيين" فيما تعهدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين بالعمل معه "من أجل أوروبا قوية". وسيلتقي شولتس ماكرون وفون دير لايين الجمعة في أول زيارة يقوم بها إلى الخارج، وسيقصد فيها باريس وبروكسل.

من جانبه، دعا الكرملين إلى "علاقة بناءة" مع ألمانيا، في وقت يسود توتر بين الاتحاد الأوروبي وموسكو؛ بسبب تسميم المعارض أليكسي نافالني، وقضايا تجسس نسبت لروسيا.

كما أبدى الرئيس الصيني شي جينبينغ استعداد بلاده لنقل العلاقات الثنائية إلى "مستوى جديد".

تتناقض سرعة شي جينبينغ في تهنئة المستشار الألماني الجديد مع تعامله مع انتخاب جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة. وتعهد حزب الخضر ومنهم رئيسة الخارجية الجديدة أنالينا بربوك، بالتشدد مع بكين.

ولكن داخليا، سيتعين على شولتس وفريقه مواجهة العقبات الأولى، خاصةً الوضع الصحي الحرج.

"انقسامات"

أكد رئيس الجمهورية الفيدرالية الذي استقبل الفريق الحكومي الجديد، للمستشار "المسؤولية الكبيرة" الملقاة على عاتقه لمكافحة تفشي كورونا في البلاد.

وقال فرانك فالتر شتاينماير "لا تدعوا الوباء يفرقنا على المدى الطويل" في إطار تعبئة ولا سيما لليمين المتطرف، ضد التلقيح الإلزامي المفترض أن يدخل حيز التنفيذ في شباط/فبراير، أو آذار/مارس.

سيتعين على المستشار الجديد أيضًا التعامل مع وضع اقتصادي غير مؤاتٍ، مع نمو أضعف مما تم الإعلان عنه وعودة التضخم. لدى شولتس أيضًا عدد كبير من المشاريع الأخرى التي يتعين تنفيذها، والتي لا تحظى بالضرورة بموافقة الألمان.

فهناك الزيادة المرتقبة للحد الأدنى للأجور، أو الخروج المتوقع من استخدام الفحم، أو تطوير الطاقات المتجددة، وفقًا لاستطلاع أجرته القناة العامة ARD.

من ناحية أخرى، فإن الوعود الأخرى للتحالف الثلاثي مثل بيع القنب بدون وصفة طبية، أو شراء الجيش الألماني طائرات مسيرة، أو الحق في التصويت في سن الـ16، لا تحظى إلا بدعم أقلية.

أ ف ب