قالت السعودية الأحد، إنها تتوقع أن تحقق العام المقبل أول فائض في الميزانية منذ ما يقرب من عشر سنوات، بينما تعتزم تقييد الإنفاق العام على الرغم من زيادة كبيرة في أسعار النفط ساعدت في إعادة ملء خزائن المملكة التي أفرغتها جائحة كورونا.

وبعد عجز مالي متوقع نسبته 2.7% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، تقدر الرياض أنها ستحقق العام المقبل فائضا قدره 90 مليار ريال (23.99 مليار دولار)، أو 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أول فائض منذ تسجيلها عجزا بعد انهيار أسعار النفط في عام 2014.

ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان القول" ستستخدم هذه الفوائض لزيادة الاحتياطيات الحكومية لمواجهة احتياجات جائحة كورونا، وتقوية المركز المالي للمملكة، ورفع قدراتها على مواجهة الصدمات والأزمات العالمية".

وتعتزم أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم إنفاق 955 مليار ريال العام المقبل، في تراجع في الإنفاق نسبته 6% تقريبا على أساس سنوي.

وقفزت الإيرادات هذا العام بنحو 10% إلى 930 مليار ريال من 849 مليارا في 2020 مدفوعة بارتفاع أسعار الخام وزيادة إنتاج النفط مع تعافي الطلب العالمي على الطاقة.

وفي العام المقبل، تتوقع السعودية إيرادات تبلغ 1.45 تريليون ريال.

وقال وزير المالية محمد الجدعان لرويترز "نفصل الآن تماما الإنفاق الحكومي عن الإيرادات".

ومضى قائلا "نقول لشعبنا والقطاع الخاص أو الاقتصاد على اتساعه يمكنكم التخطيط مع القدرة على توقع (ما سيحدث مستقبلا). الحدود القصوى للميزانية ستستمر بطريقة مستقرة بصرف النظر عن الكيفية التي ستكون عليها أسعار النفط والعائدات".

عانى أكبر اقتصاد عربي ركودا عميقا العام الماضي، عندما أضرت جائحة فيروس كورونا بالقطاعات الاقتصادية غير النفطية المزدهرة، بينما أثر الانخفاض القياسي في أسعار النفط على موارده المالية، مما أدى إلى اتساع عجز ميزانية 2020 إلى 11.2% من الناتج المحلي الإجمالي.

لكن الاقتصاد انتعش هذا العام مع تخفيف القيود المفروضة على فيروس كورونا، عالميا ومحليا، وزادت الإيرادات النفطية وغير النفطية زيادة كبيرة على أساس سنوي.

وتشير وثيقة الميزانية إلى أن المملكة تتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي 2.9% هذا العام يليه نمو نسبته 7.4% في 2022.

ولا تعلن السعودية سعر النفط الذي تفترضه لحساب ميزانيتها. وقال اقتصاديون العام الماضي إن من المرجح أنه كان على أساس سعر متحفظ يتراوح بين 46 و48 دولارا للبرميل.

وقالت مونيكا مالك كبيرة الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري إن من المرجح أن تضع السعودية ميزانيتها على سعر مفترض منخفض للدولار يتراوح بين 50 و55 دولارا للبرميل في عام 2022.

* الاستثمارات

من شأن ذلك ترك مجال إضافي لمزيد من التحسن في الوضع المالي. وتقول إدارة معلومات الطاقة إن خام برنت النفطي صعد هذا العام ومن المتوقع أن يبلغ في المتوسط نحو 70.6 دولار للبرميل في 2021 وأن ينخفض بصورة طفيفة إلى 70.05 دولار في العام المقبل.

ويقدر صندوق النقد الدولي أن الرياض ستحتاج إلى سعر للنفط 72.4 دولار للبرميل لموازنة ميزانيتها في العام المقبل.

وتعتمد قدرة السعودية على الحفاظ على الملاءة المالية جزئيا على تحسين كفاءة الإنفاق، لكنها أيضا نتيجة الأدوار المتنامية لكيانات مثل صندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني في تمويل الخطط الاستثمارية الطموح للأمير محمد بن سلمان.

وأعلنت السعودية أنها تعتزم استثمار ما يزيد على ثلاثة تريليونات ريال داخليا بحلول 2030، وهو هدف قال خبراء اقتصاد إن من الصعب الوفاء به.

قال محمد أبو باشا، رئيس تحليل الاقتصاد الكلي لدى المجموعة المالية هيرميس، "لا يأتي الفائض المتوقع في ميزانية 2022 على خلفية ارتفاع أسعار النفط والإنتاج فحسب، وإنما على خلفية تقليص الإنفاق المرتبط بكورونا أيضا فضلا عن الاستمرار في تحويل عبء الاستثمار إلى صناديق الدولة بقيادة صندوق الاستثمارات العامة".

رويترز