قالت وزارة المياه والري، إن الأردن، بأجيال الحاضر والمستقبل، سيعيش عطشا حقيقيا، "ما لم نسارع لتنفيذ حلول مائية استراتيجية".

وأضافت في بيانات اطلعت عليها "المملكة"، أن "هناك فجوة متنامية بين ما هو موجود وما هو مطلوب من حيث المصادر المائية، والحكومات المتعاقبة عملت على عدة محاور لمواجهة الواقع المائي الضاغط".

وأشارت الوزارة إلى أن "الموسم المطري الماضي كان من أسوأ المواسم في تاريخ الأردن الذي أصبح ثاني أفقر دولة مائيا في العالم، حيث يتفاقم عجز المياه سنويا منذ عقود، وسيبلغ العجز في 2022 في قطاع مياه الشرب وحده 45 مليون متر مكعب".

"يتحمل الأردن منذ أكثر من عشر سنوات عبء اللجوء السوري على الموارد والبنى التحتية، فيما يتراجع الدعم الدولي"، وفق الوزارة، مشيرة إلى أن "حاجات الأردن المستقبلية لمصادر مائية مستدامة ويعتمد عليها تتزايد، في ظل نمو عدد السكان ونمو استخدامات المرافق البلدية والمنزلية المختلفة، والحاجة لنمو الصناعة والزراعة والسياحة".

وأضافت الوزارة أن "استخدامات المياه لا تقتصر فقط على الشرب بل تتداخل مع العديد من القطاعات الاقتصادية الحيوية: الزراعة والأمن الغذائي، الصناعة والصادرات، السياحة، الصحة والنظافة الشخصية، الاستخدامات المنزلية المتعددة".

ووفق بيانات حكومية، تبلغ حصة الفرد في الأردن من المياه 90 متر مكعب سنويا لكافة الاستخدامات؛ الشرب، منزلية، زراعية، صناعية، سياحية، وغيرها، وفي المقابل يبلغ خط الفقر المائي دوليا 500 متر مكعب سنويا.

وحذرت دراسات دولية من تراجع  حصة الفرد في الأردن ستصل إلى 60 متر مكعب سنويا بحدود عام 2040، في ظل استمرار الأوضاع المائية الحالية، من حيث المصادر المائية المتوفرة ومعدلات الطلب الطبيعية المتوقعة.

وأصبح الأردن ثاني أفقر دولة مائيا في العالم، حيث يتفاقم عجز المياه سنويا منذ عقود، ومن المتوقع أن يبلغ العجز في 2022 في قطاع مياه الشرب وحده 45 مليون متر مكعب، وفق البيانات.

وتبلغ حاجة الأردن من المياه يوميا، 3 ملايين متر مكعب للاستخدامات كافة، حيث يضطر الأردن لاستخدام نسب كبيرة من مياه الزراعة للشرب والاستخدام المنزلي بسبب قلة الكميات المتوافرة.

وأضافت الوزارة أن "الأمن المائي والأمن الغذائي متلازمان. تراجع كميات المياه المخصصة للزراعة يؤثر على الإنتاج الزراعي".

"نحو 400 ألف دونم في الأغوار تأخذ 40% فقط من كمياتها المائية المستحقة، وهي غير كافية لغسل التربة، وتؤثر على إنتاجيتها. الاستمرار بهذه الحالة يهدد هذه الأراضي بأن تفقد إنتاجيتها الزراعية خلال 15-20 عاما"، وفق الوزارة.

وبينت أن "الأمن المائي هو ركيزة للأمن الصحي. وتراجع حصص المياه المخصصة للاستخدام المنزلي والنظافة الشخصية يؤدي لانتشار أمراض وأوبئة، والأزمات الصحية ترتب كلف رعاية صحية وأمنية واجتماعية كبيرة جدا على الدولة والمجتمع".

- جهود حكومية -

بدأ الأردن بتنفيذ خط الديسي في 2010 وبدأ الإنتاج في 2013، وكلفته الرأسمالية 1 مليار دينار تقريبا، ويتم من خلاله نقل 100 مليون متر مكعب تغطي مختلف أنواع الاستخدامات.

وزارة المياه، أشارت إلى أن موجة اللجوء السوري في 2011 "قللت من الأثر الإيجابي الملموس لكميات الديسي. حيث إن زيادة المصادر التي تحققت آنذاك تبخرت مع الطفرة المفاجئة في عدد السكان بسبب موجات اللجوء السوري".

وأوضحت الوزارة أن الأردن "سينفق خلال عامي 2021 و 2022 قرابة 400 مليون دولار للتقليل من الفاقد المائي في مختلف المحافظات، حيث يتضمن هذا الجهد تحديث الشبكات وتعزيزها، ضبط السرقات، والإدارة المائية الحصيفة".

وباشرت وزارة المياه منذ أشهر بحفر آبار في المناطق البازلتية، وفي حسبان، والقطرانة، والحسا والشيدية لاستخراج المياه الجوفية من الطبقات العميقة، وعملت الوزارة على حفر 21 بئرا على أعماق عالية تتجاوز 1000 – 1200 م، وبلغ حجم الإنفاق على هذه الآبار 14 مليون دينار حتى الآن، وتحتاج إلى نفقات إضافية عالية لمعالجة هذه المياه الجوفية.

وأشارت الوزارة إلى أن "الأردن مستمر في حفر واستكشاف الآبار الجوفية العميقة في مناطق مختلفة"، مضيفة أن "المياه الجوفية المتوفرة أو التي ستتوافر من هذه الآبار العميقة تعاني من ارتفاع حرارتها، وملوحتها، ووجود نسب إشعاع فيها، وهي تتطلب معالجة مكلفة حتى تصل لمستويات المواصفة الفنية الأردنية للمياه".

وأضافت أن "الآبار الجوفية العميقة لا توفر بديلا استراتيجيا ومستداما يمكن الاعتماد عليه من حيث الكم والنوع والاستمرارية، بسبب قلة الكميات، وضعف النوعية (نسب ملوحة وحرارة وإشعاع عالية)، والحاجة لكلف مالية مرتفعة جدا لمعالجتها". 

- الحل في مشاريع التحلية -

قالت وزارة المياه والري إن الحل الاستراتيجي يتمثل في تحلية مياه البحر، إلا أن كلف التحلية أقل من كلف حفر الآبار الجوفية العميقة ومعالجة مياهها.

وأضافت الوزارة أن الأحواض المائية الجوفية تواجه استنزافا كبيرا بسبب محدودية مصادر المياه وتراجع المواسم المطرية وهذا نذير خطر لا يمكن الاستمرار به، ولا بد من تأمين مصادر بديلة، والإنفاق على مشارع التحلية أكثر فعالية وفائدة من الإنفاق على حفر الآبار العميقة.

ويسعى الأردن من خلال تنويع مصادر تزويد المياه إلى الوصول إلى مرحلة التزويد اليومي المستدام للمياه بدلا من التزويد الأسبوعي.

الوزارة، قالت إن تأمين مصادر مائية مستدامة ويعتمد عليها من خلال تحلية مياه البحر، وطنيا وإقليميا، سيمكن الأردن من الوصول لمرحلة من التزويد المستمر للمياه (اليومي)، مما يساعد في تقليل الفاقد وتحسين الشبكات وتوزيع المياه بشكل أفضل على مختلف محافظات المملكة، وتقليص حجم الطاقة المستغلة في الضخ.

وقال الناطق باسم الوزارة، عمر سلامة، الثلاثاء، إن مشروع الناقل الوطني "سيوفر 300 - 350 مليون متر مكعب من المياه المحلاة من البحر الأحمر سنويا، تغطي احتياجات الأردن لمياه الشرب حتى 2040".

وأضاف لـ "المملكة" أن "المشروع من أهم المشاريع الاستثمارية الوطنية، والحكومة أدرجته ضمن جدول أولويات عملها الاقتصادية"، موضحا أن "قيمة المشروع تصل إلى 2.2 مليار دينار، وتعمل الحكومة على تأمين جزء من المبلغ من منح ودعم حكومي، والجزء الآخر قروض ميسرة سيتم التفاوض عليها".

وأشار سلامة، إلى أن "الحكومة تعمل على هذا المشروع بجد لتوفير مياه محلاة، حيث تكمن أهميته عبر توفير حلول مستدامة لتأمين نحو 300-350 مليون متر مكعب من المياه المحلاة من البحر الأحمر لتزويد جميع المحافظات حتى عام 2040".

"نحن نعلم إذا بقينا على الوضع الراهن، سنواجه عجزا مائيا كبيرا بمياه الشرب، مما سينعكس على الزراعة الوطنية وتأمين الغذاء للمواطنين، خصوصا أن سلة الغذاء في الأغوار تعاني من تراجع مصادر المياه المتاحة"، وفق سلامة.

وزارة المياه والري، قالت إنه تنفيذا للتوجيهات الملكية والالتزامات الحكومية بالإسراع باستكمال جميع الإجراءات المطلوبة للبدء بتنفيذ مشروع الناقل الوطني لتأمين المياه لجميع محافظات المملكة بطاقة 300 مليون متر مكعب، فقد أنهت فرقها الفنية المختصة جميع الوثائق المتعلقة بمشروع الناقل الوطني للمياه (العقبة – عمان).

وأضافت الوزارة في بيان، أن جميع الوثائق الفنية المتعلقة بهذا المشروع الوطني الاستراتيجي سيتم إرسالها الخميس المقبل إلى الائتلافات الخمس التي تم تأهيلها سابقا لتقديم عروضها المالية والفنية. 

وتعد هذه الخطوة، وفق البيان، من الخطوات المهمة على طريق تنفيذ هذا المشروع الحيوي الذي من المتوقع أن يبدأ بتزويد مناطق المملكة كافة باحتياجاتها المائية خلال العام 2027.

وأضاف سلامة أن الوزارة "تأمل انتهاء الإجراءات كافة المتعلقة بوثائق العطاء من قبل الائتلافات الخمسة التي تم تأهيلها مسبقا قبل نهاية العام 2022"، موضحا أن "إعلان إنهاء كافة الوثائق اليوم (الثلاثاء) يعتبر إنجازا مهما على طريق تنفيذ المشروع، لأنه كان من المتوقع أن تستكمل هذه الأعمال منتصف العام المقبل".

وتابع سلامة أن "الائتلافات المشاركة في مشروع الناقل الوطني، تم تأهيلها من قبل مختصين ومستشارين فنيين لدى الوزارة، وكلما وفرنا دعما لهذا المشروع بموجب المنح والمساعدات سيخفف من كلف المياه على المواطنين".

"لدينا حلول مختلفة لتأمين مصادر مياه من خلال القيام حاليا باستكشاف مجموعة من الآبار، وسيتم تأمينها خلال أشهر بسيطة في حوض البازلت والقطرانة وحسبان والحسا والشيدية لاستخراج المياه"، وفق سلامة.

وأضاف أن "الوزارة تعمل على حفر 21 بئرا على أعماق كبيرة عالية تتجاوز نحو 1200 متر"، مشيرا إلى أن "هذه الآبار أنفقت عليها الوزارة نحو 14 مليون دينار، وسيكون هناك نفقات إضافية لمعالجة هذه المياه". 

وأشار إلى أن "مشروع خفض الفاقد المائي مهم من الناحية الاستراتيجية، وتنفق عليه الوزارة خلال السنة الماضية والحالية والمقبلة نحو 400 مليون دولار لخفض الفاقد وسينعكس على كميات المياه التي سنزودها".

وأضاف سلامة أن "معدل الفاقد المائي في الأردن كان مرتفعا خلال سنوات ماضية لكن في المعدل الحالي نتحدث عن نحو 46%، واستطعنا من خلال تحديث الشبكات إلى خفض الفاقد في مناطق عدة".

- خطوة في الاتجاه الصحيح -

واعتبر رئيس مجلس إدارة جمعية إدامة للطاقة والمياه والبيئة دريد محاسنة عبر "المملكة"، أن الناقل الوطني خطوة في الاتجاه الصحيح في الوقت الذي أصبح فيه "العجز المائي هائلاً".

وقال محاسنة إن "المياه الجوفية ستنضب خلال سنوات بسيطة والحل الوحيد هو التحلية ... ويوفر مياه الشرب".

ودعا محاسنة إلى إدارة المياه بشكل أفضل في ظل "إضاعة كميات كبيرة من المياه سواء المسروقة أو المتسربة في جوف الأرض أو حتى عبر الاستعمالات الخاطئة في زراعات غير صحيحة".

وقال محاسنة إن الوضع المائي في الأردن "بائس"، مشيراً إلى أن المياه المتوفرة "تكفي إلى مليونين من السكان" والأردن يسكنه 11 مليون شخص، ورأى أن الناقل الوطني لوحده غير كافٍ.

رئيس الجمعية الأردنية للمحافظة على المياه أحمد الروسان، قال لـ "المملكة"، إن الأردن يتعرض إلى انخفاض في معدلات الهطل المطري بسبب انعكاسات التغير المناخي، وهناك حاجة.

وطالب الروسان، بتطوير إدارة الطلب على المياه من خلال تحسين كفاءة استخدام المياه في الزراعة والذي يعود إلى حفر المزيد من الحفائر المائية والسدود، والحصاد المائي، وأيضا الكفاءة المائية واستخدامها وتشجيع حفر الآبار لجمع المياه والتشديد والرقابة على المياه الجوفية الفاعلة.

وتحدث الروسان عن الحاجة إلى أكثر من ملياري دينار لتجديد شبكات المياه لجلب المياه المحلى من العقبة واستخدام الناقل الوطني، مضيفاً "نحن امام تحدي مالي كبير".

- اتفاق إعلان نوايا -

قالت وزارة المياه والري، إن اتفاق إعلان النوايا بين الأردن والإمارات وإسرائيل، مشروع إقليمي لتبادل الطاقة والمياه، يتضمن الدخول في عملية تفاوضية ودراسات الجدوى و"ليس اتفاقاً لا من الناحية الفنية ولا القانونية".

وأضافت في بيانات اطلعت عليها "المملكة"، أن المشروع في جوهره مقايضة طاقة نظيفة بمياه محلاة، ولا يرتب أي تكاليف مالية على الأردن ويؤمن له مصادر مائية ضرورية، 200 مليون متر مكعب سنويا، وبدون أي تكلفة مالية.

الحكومة لم تصل إلى مرحلة التوقيع على اتفاق حتى الآن، حيث إن إعلان النوايا يحتاج 10 أشهر لدراسة الجدوى، ولم يتم حتى الآن تحديد موقع إنشاء محطات التحلية ولا موقع إنشاء محطات الطاقة الشمسية".

وأوضحت الوزارة، أن الإعلان يتضمن مشروعين متقابلين مترابطين، لا يقوم أحدهما بدون الآخر، مياه شرب مقابل طاقة نظيفة، حيث إن "المكون الأساسي في الإعلان بالنسبة للأردن هو ضمان الحصول على 200 مليون متر مكعب من المياه سنويا".

"لن ينفذ المشروع دون حصول الأردن على 200 مليون متر مكعب من المياه سنويا، وفي حال توقف تزويد المياه للأردن، سيتم وقف تدفق الكهرباء من الأردن"، وفق الوزارة.

وأشارت الوزارة، إلى أنه "عُرض على الأردن الدخول في مشروع إقليمي بريادة إماراتية يتضمن إنتاج طاقة نظيفة في الإقليم. اشترط الأردن تزويده بالمياه المحلاة كشرط لدراسة المشروع وتقييم الدخول فيه".

وأضافت: "قبل الوصول لمرحلة توقيع إعلان نوايا خلت الصيغ الأولية من تبادل المياه وتحديد كمياتها، لكن الأردن اشترط تزويده بـ 200 مليون متر مكعب من مياه الشرب كشرط مسبق لدخوله في دراسة جدوى المشروع وإعلان النوايا".

الوزارة، بينت أن "الطاقة الكهربائية المولدة شمسيا في الأردن لغايات هذا المشروع ستكون خارج النظام الكهربائي الأردني ولن تكلف الأردن أي أعباء مالية".

وبينت أنه "في حال إنجاز دراسات الجدوى والمضي في التنفيذ، سيبدأ وصول كميات المياه المحلاة من المشروع بحدود عام 2026، أي خلال 5 سنوات، وهي مدة يستطيع الأردن تحملها مائيا في ظل ما ينفذه من حلول الآبار الجوفية العميقة، وتحسين الإدارة المائية وتقليل الفاقد، وشراء المياه من مصادر أخرى محليا وإقليميا، وبدء تنفيذ الناقل الوطني".

وقالت الوزارة إن المشاركة في هذا النوع من المشاريع، سيساعد الأردن على أن يتبوأ مكانة متقدمة في الجوار والإقليم كمركز إقليمي لتوليد وتصدير الطاقة مع جواره، كما بدأ بالفعل باتجاه لبنان عبر سوريا، وأيضاً لاحقا باتجاه أوروبا ذات الاحتياجات المتنامية للطاقة النظيفة في ظل تعهداتها البيئية لخفض استخدام (النفط) والتحول للطاقة النظيفة".

"المشروع، يسهم في تنويع مصادر الأمن المائي هو تعزيز لعناصر قوة الدولة، ومسؤولية الدولة أن تحافظ على أمنها المائي الحالي والمستقبلي"، وفق البيانات.

وأضافت أنه "سيتم التعامل مع المشروع بشفافية ووضوح، وسيتم الإعلان عن أي مستجدات خلال مراحل دراسة الجدوى، وسيتم إعلان تفاصيل أي اتفاق سيتم التوصل له بهدف تحقيق مكاسب وطنية واستراتيجية تخدم جهود التنمية".

وأوضحت أن "المشروع سيمكن الأردن من تخصيص المياه لمساحات غير مستغلة حاليا في الأغوار وقابلة للزراعة ما سيساعدنا على تحسين الأمن الغذائي وتطور الزراعة تشغيلا وتصديرا والنهوض بالصناعة والسياحة والصادرات والحفاظ على نوعية حياة صحية وآمنة".

المملكة