قال البنك الدولي، إن التسارع في معدل التعافي العالمي، وتحسين مستوى نشر وتوزيع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، وإعادة فتح أبواب الاقتصاد الأردني بشكل كامل هي المحركات الرئيسية التي تقف وراء توقعاته بتحقيق البلاد لمعدل نمو قد يصل إلى 2.2% لهذا العام.

التقرير، حذر في الإصدار الجديد من تقرير "المرصد الاقتصادي للأردن" الذي صدر الخميس، من أن الارتفاع في معدلات الإصابة بفيروس كورونا في مناطق كثيرة من العالم، والانتعاش البطيء في معدلات السياحة العالمية، وظهور المتحور الجديد من الفيروس، تبقى من مخاطر التطورات الرئيسية المعاكسة للاقتصاد الأردني.

ويشير إصدار الخريف لعام 2021 من المرصد، الذي جاء تحت عنوان "في الطريق إلى التعافي"، إلى أن الاقتصاد الأردني بدأ رحلة تعافيه وتمكن من تسجيل معدل نمو بنسبة 1.8% في النصف الأول من عام 2021، وذلك بعد تسجيله انكماشاً معتدلاً بنسبة 1.6% في عام 2020.

وقال المدير الإقليمي لدائرة المشرق بالبنك الدولي ساروج كومار جاه: "لقد سجل الأردن أداءً حسناً في استجابته للأزمة المستمرة لجائحة كورونا من خلال ما اتخذه من إجراءات لتوجيه المساعدات الاجتماعية السريعة للفئات الفقيرة والفئات الأكثر احتياجاً من الأردنيين، وتقديم الدعم لمؤسسات الأعمال الصغيرة في الوقت المناسب، فضلاً عن العمل المتواصل لتسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية".

"وبغرض تحقيق الإمكانات الكاملة لجميع الأردنيين، وخاصة النساء والشباب، ستحتاج البلاد إلى إيلاء الأولوية للتصدي للتحديات المرتبطة بمنظومة النقل العام لضمان توفير وسائل نقل آمنة يسهل الوصول إليها، وبأسعار في متناول الجميع"، وفق جاه.

وبينما تتحرك الحكومة الأردنية في الاتجاه الصحيح لتحسين مستوى النقل العام، هناك حاجة إلى مزيد من الإجراءات لدفع الإصلاحات في هذا القطاع بطريقة شفافة وتشاورية، جنباً إلى جنب مع القطاع الخاص والمجتمع المدني، والتركيز بشكل مباشر على الهدف المتمثل في إحداث التحول من استخدام السيارات الخاصة إلى استخدام وسائل النقل العام.

ووفقاً لما أورده التقرير، فقد قاد كل من قطاع الخدمات وقطاع الصناعة قاطرة تعافي الاقتصاد الأردني، وإن بقيت بعض القطاعات الفرعية دون مستوياتها المسجلة قبل تفشي الجائحة. ويعرج التقرير أيضاً على قضية البطالة في الأردن ليؤكد أن الجائحة كانت سبباً مباشراً في الوصول بمستوياتها إلى ما نسبته 24.8% في الربع الثاني من عام 2021، ارتفاعاً من 19% فقط قبل تفشيها.

وأوضح التقرير أن السياسات المالية العامة والسياسات النقدية استمرت في لعب دور داعم وحاسم في ذات الوقت على الرغم من البيئة الصعبة على المستوى العالمي؛ فخلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2021، سجلت الإيرادات المحلية نمواً قوياً مدعوما بانتعاش ملحوظ في النشاط الاقتصادي وزيادة في الواردات، علاوة على ما تم اتخاذه من إجراءات لتحسين مستوى الإدارة الضريبية.

وأدى ذلك إلى مساعدة الحكومة الأردنية على البقاء على مسار ضبط أوضاع المالية العامة.

وفي نفس الوقت، ساعدت السياسة النقدية التيسيرية ووجود فجوة في الإنتاج على انتعاش النشاط الاقتصادي كما أبقت معدل التضخم عند حدوده المنخفضة. 

وبالنسبة لقطاع المعاملات الخارجية للأردن، فيذكر التقرير أن هذا القطاع لا يزال يعاني من الضغوط، مما يعكس تأثير شروط التبادل التجاري غير المواتية (خاصة ارتفاع أسعار السلع عالمياً) والتحسن في مستوى الطلب المحلي. ومع ذلك، شهدت الاحتياطيات الرسمية لدى البنك المركزي الأردني ارتفاعاً بقيمه تقارب مليار دولار في الفترة ما بين نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول عام 2020 وشهر سبتمبر/أيلول عام 2021، وجاء ذلك بمساعدة من السياسات النقدية الداعمة والتمويل الخارجي. 

يتضمن تقرير المرصد الاقتصادي للأردن فصلين خاصين وهما: "قياس الثروة الشاملة للأردن باستخدام نهج ثروة الأمم"، و"تحديات النقل العام في الأردن". ويقدم الفصل الأول تقييماً واسع النطاق للثروة الوطنية الأردنية خلال الفترة الواقعة ما بين عام 1995 إلى عام 2018 استناداً إلى منهجية ثروة الأمم التي وضعها البنك الدولي، وينتهي إلى أن فجوة نصيب الفرد في الأردن بالمقارنة مع الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل آخذة في الاتساع. وبالنظر إلى الصعوبات والتحديات القائمة، يشدد هذا الفصل على حاجة الأردن إلى تنويع محفظة ثروته، وإلى عكس مسار الانخفاض في حصته من رأس المال البشري، وأيضاً على حاجته لزيادة رأس ماله المنتج.

أما الفصل الثاني الخاص من التقرير فيناقش الصعوبات والتحديات التي يواجهها قطاع النقل العام في الأردن والتي تسببت في انخفاض عدد الركاب، ومحدودية سبل الاستفادة من هذا القطاع لدى معظم الأردنيين وخاصة النساء والشباب ومن يعانون من حالات ضعف الحركة والقدرة على التنقل.

ومن ثم، يورد التقرير عدداً من الإصلاحات على مستوى السياسات المختلفة التي يمكن أن تؤدي إلى الارتقاء بخدمات قطاع النقل وإلى الشروع في إحداث تحول نموذجي من استخدام السيارات الخاصة إلى استخدام وسائل النقل العام. ويعد التحسن في ربط شبكات النقل وتحقيق النمو الشامل والمستدام أمرين مرتبطين ارتباطاً وثيقاً ببعضهما البعض، كما أن تعزيز النقل العام من العوامل الرئيسية لتمكين النمو الاقتصادي عن طريق توفير فرص العمل وتقليل استهلاك الطاقة والانبعاثات الناتجة عن الملوثات، وذلك من بين أمور أخرى.

المملكة