أثار قرار منع النشر في التحقيق بوفاة 21 شخصا، بما في ذلك 16 طفلا، داهمتهم سيول في البحر الميت، تساؤلات عن الهدف من الخطوة. ففي وقت يرى فيه البعض أن القرار ضروري للحفاظ على سرية ومجريات التحقيق، يعتقد آخرون أن منع النشر قد يقيد حرية الرأي ويحجب المعلومات.

قال المدعي العام السابق حاتم الغويري إن أسباب منع النشر تصدر في العادة للقضاء على الإشاعة خاصة في ظل الانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي ولكنه "يتعارض مع مبدأ حرية الرأي".

وأضاف فيما يتعلق بسرية التحقيق في القضايا التي فيها قرار منع نشر "يكون عند المدعي العام بالأصل، لذلك لا يمكن ولا يجوز الاطلاع عليها فسرّية التحقيق موجودة فعلياً لو لم يصدر منع نشر".

"أنا شخصياً ضد منع النشر، لأن منع النشر يزيد من الإشاعة أما سماح النشر يقضي عليها ويخفف منها"، أوضح الغويري.

كل من نشر اخباراً أو معلومات أو انتقادات من شأنها أن تؤثر على أي قاض أو شاهد أو تمنع أي شخص من الإفضاء بما لديه من المعلومات لأولي الأمر يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تتجاوز مائتي دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين.المادة 224 من قانون العقوبات الأردني

وأشار إلى أنه "عند ظهور إشاعة يساعدنا على معرفة الصحيح، كيف؟ عندما تظهر إشاعة تأتي الجهة المقابلة لها لتكافحها بالبيانات والمعلومات الرسمية لدحضها، أما إذا غابت الجهة المقابلة للإشاعة ولم تواجهها وهنا تظهر الشكوك واللبس في الموضوع".

وتابع "على الوزارات والمؤسسات الرسمية تفعيل دور الناطق الرسمي باسمها وإعطائها المزيد من المساحة والرد على جميع الأسئلة والإشاعات وإذا أخطأ يحاسب".

في حادثة البحر الميت "مدعي عام الشونة هو المختص في هذه القضية ويطلع على كل تفاصيلها، وأتى قراره بمنع النشر لعدم التأثير على سير التحقيق أو الشهود والحرص على سرية التحقيق، وسرية الضبوط التي تجريها الضابطة العدلية، وتقارير الطب الشرعي وما إلى ذلك".

وعلّق على ملاحقة المسيئين أو ما يؤثر على سير التحقيق، "يمكن ملاحقتهم لو لم يكن هناك قرار بمنع النشر، فالإساءة تعاقب ضمن قانون العقوبات بالأصل لمنع اغتيال الشخصية أو التأثير على الشهود والتأثير على سير التحقيق كذلك، ويمكن ملاحقتهم قانونياً لو كان هناك سماح في النشر".

المستشار القانوني لنقابة الصحفيين محمود قطيشات بيّن أن "هناك قضايا تحقيقية يمنع النشر فيها كون التحقيق سري، وحتى لو كان هناك محامي يحضر مع موكله فيما يتعلق بما يخصه في القضية ولا يطلّع على باقي التفاصيل لاستمرار التحقيق بسرية".

لذلك "حفاظاً على سرية التحقيق وعدم التأثير على الشهود أو على القضاة أحياناً إذا كانت القضايا إنسانية ومؤثرة وبعضها يمس بالسمعة، يصدر قرار بمنع النشر فيها، وهناك بعض القضاة يمنع النشر فور البدء بقضية ما".

وأضاف "ولكن الخوف من قرارات منع النشر في بعض الأحيان بتقييد كشف الخلل وعدم القدرة على تسليط الضوء عليه وخاصة على الصحفيين الذين من واجبهم أن يوضحوا الأمور ويكشفوا الخلل".

يعاقب بالغرامة من 5 دنانير إلى 25 دينارا من ينشر: وثيقة من وثائق التحقيق الجنائي أو الجنحي قبل تلاوتها في جلسة علنية؛ محاكمات الجلسات السرية؛ المحاكمات في دعوى السب؛ كل محاكمة منعت المحكمة نشرها.المادة 225 من قانون العقوبات الأردني

وأوضح أنه "في حالة قرار منع النشر ممكن أن تكون الغاية مبررة ولكن قد تأخذ منحى آخر كما ذكرت، وهناك أسباب وجيهة إنسانية وغيرها، ولكن ما نخشاه هو أسباب لا نعلمها ممكن أن تغطي على التقصير والمقصرين".

"حادثة البحر الميت للأسف شهدت استهزاء وتعليقات مسيئة ومؤذية بعيدة كل البعد عن الإنسانية والنفس البشرية، ويجب تشديد العقوبات عليهم"، وفقاً لقطيشات.

التحقير هو كل تحقير أو سباب - غير الذم والقدح يوجه إلى المعتدى عليه وجها لوجه بالكلام أو الحركات أو بكتابة أو رسم لم يجعلا علنيين أو بمخابرة برقية أو هاتفية أو بمعاملة غليظة.المادة 190 من قانون العقوبات الأردني

وأوضح قطيشات أن "قرار منع النشر ليس له علاقة بملاحقة المسيئين، ويمكن ملاحقتهم مع القرار أو من دونه، فقانون العقوبات ينص على معاقبة كل من يسيء أو يؤثر على سير التحقيق أو على الشهود".

وذكر مرصد أكيد أن العديد من وسائل الإعلام المحلية وقعت في خطأ نشر صور الناجين والضحايا في حادثة سيول البحر الميت.

كما تداولت وسائل إعلام ومواقع تواصل اجتماعي بشكل مكثف وثائق مسربة ومتضاربة لمخاطبات بين مديرية التربية والتعليم للواء الجامعة ومدرسة فكتوريا حول خط سير الرحلة المدرسية لطلبتها.

مدير عام هيئة الإعلام محمد قطيشات قال لقناة المملكة إن قرار منع النشر في حادثة سيول البحر الميت يشمل محتويات ملف التحقيق فقط، ولا يشمل كل ما يتعلق بالمناقشة العامة والأخبار العامة للأفعال المرتبطة بالقضية.

وبيّن أن أي قرار لمنع النشر "له نطاق زمني وإطار من حيث الأخبار المسموح بها والأخبار غير المسموح بها".

ووصل عدد وفيات سيول منطقة البحر الميت إلى 21، فيما أصيب 35 شخصا في الحادثة تم نقلهم إلى مستشفيات في الشونة والسلط، وفق بيان المديرية العامة للدفاع المدني.

المملكة