أكد البنك الدولي والأمم المتحدة، أن النهوض بدور المرأة كعامل اقتصادي، ركيزة أساسية لنجاح مصفوفة الإصلاح في الأردن و"محرك رئيسي لمملكة أقوى وأشمل وأكثر استدامة فيما بعد جائحة كورونا".

وفي تصريحات مشتركة، قالت الممثلة المقيمة للأردن في مجموعة البنك الدولي، هولي ويلبورن بينر، ومنسق الشؤون الإنسانية ومنسق الأمم المتحدة المقيم في الأردن أندرس بيدرسن، إن "معدل المشاركة الاقتصادية للمرأة بالفعل منخفض، ومشاركة المرأة في القوى العاملة الأردنية كانت منخفضة فعليا قبل تفشي الجائحة".

ووفقا لإحصاءات محلية، كانت 15% فقط من النساء ناشطات في القوى العاملة، في حين كان ربع النساء اللائي يعملن بالفعل في سوق العمل عاطلات عن العمل، فيما تتركز العاملات في القطاع العام، الذي يستوعب أكثر من ثلثي عمالة النساء.

وبالنسبة للمناصب القيادية والإدارية، فلم تعد الإحصاءات واعدة بالنسبة للمرأة حيث لا تتعدى الشركات التي تقودها إحدى كبار المديرين نسبة 3%، ولا تتعدى الشركات المملوكة لأغلبية من النساء نسبة 8% فقط من الشركات، وفق بينر وبيدرسن.

وأضافا: "يتفاقم هذا الوضع غير المتكافئ بسبب انخفاض معدلات وصول المرأة إلى الخدمات المصرفية والمالية، مقارنة بالرجال، وكذلك بسبب الأعراف الاجتماعية السائدة".

ووفقا  لدراسة أجراها البنك الدولي عام 2017، فإن 60% من الأردنيات يرغبن في العمل لكنهن لا يعملن؛ لأن تطلعاتهن الوظيفية لا تتوافق مع توقعات أزواجهن أو آبائهن.

ويعد الافتقار إلى خدمات رعاية الأطفال وغياب وسائل النقل الآمنة والموثوقة أيضا من الحواجز الرئيسية التي تقف حائلاً أمام مشاركة المرأة في القوى العاملة الأردنية.

- زيادة معدل البطالة -

بينر وبيدرسن، قالا إن جائحة كورونا أدت إلى تعميق العديد من المساوئ التي تعانيها الأردنيات. ومن المرجح أن تفقد النساء في الأردن وظائفهن مقارنة بالرجال، في حين أن أولئك اللائي يعملن في القطاع الخاص هن أقل عرضة للبقاء في العمل.

ورجحا أيضاً أن يخرج عدد أكبر من النساء من سوق العمل بشكل دائم من خلال تحمل المزيد من المسؤوليات في المنزل وأداء أعمال الرعاية والأعمال المنزلية غير مدفوعة الأجر.

"جائحة كورونا أدت إلى زيادة معدل البطالة الكلي في الأردن؛ ليصل إلى 24.8%، وبلغ معدل البطالة بين الشباب (ممن تتراوح أعمارهم بين 16 و25 عاماً) نسبة غير مسبوقة لتبلغ 50%؛ بينما صارت ثلاث من كل أربع شابات عاطلات عن العمل بسبب هذه الجائحة" وفق بينر وبيدرسن.

وأشارا إلى بناء الأردن القادر على الصمود في مرحلة ما بعد الجائحة "يتطلب اتخاذَ إجراءات عاجلة لمعالجة هذه التفاوتات والعوائق المستمرة أمام مشاركة المرأة في القوى العاملة".

وقالا، إن تحديد حوافز جانب العرض وحوافز جانب الطلب ومعالجتها بغرض جذب واستبقاء المزيد من النساء في وظائف القطاع الخاص - حيث يحدث معظم النمو – "يُعد أمراً بالغ الأهمية، وكذلك تعزيز الفرص المتاحة للمرأة الأردنية في المناطق الريفية لدفعها للانخراط في أنشطة اقتصادية مدرة للدخل".

"لدى فرص العمل في الاقتصاد الرقمي واقتصاد الوظائف المؤقتة القدرةُ على تعزيز النشاط الاقتصادي للمرأة عبر مختلف القطاعات والمهن"، وفق بينر وبيدرسن، مضيفان"نظراً لأن العديد من النساء في الأردن متعلمات تعليماً عالياً، ويسعين للحصول على درجات علمية راقية بمعدلات أعلى من الرجال، فإنهن في وضع جيد للاستفادة من الطلب المتزايد على العمالة الماهرة".

وأشار بينر وبيدرسن، إلى أن كسر الحواجز القانونية التي تقف عائقاً أمام حقوق المرأة أمراً ضرورياً أيضاً لتعزيز دورها في عملية التعافي من جائحة كورونا".

"في حين يُعد الأردن من أفضل البلدان التي طبقت الإصلاحات الاقتصادية في تقرير البنك الدولي الأخير الذي يقيس القوانين واللوائح التي تؤثر على إتاحة الفرص الاقتصادية للمرأة، لا يزال هنالك الكثير من الإمكانات لإجراء تحسينات في الإصلاحات القانونية وضمان التنفيذ القوي للإطار القانوني الحالي" وفق بينر وبيدرسن.

وأضافا: "بينما تسمح قوانين العمل الأردنية بالمرونة وترتيبات العمل عن بعد أو بدوام جزئي، إلا أنها تحتاج إلى التنفيذ بشكل أفضل في الممارسة العملية من خلال تخفيف العبء غير المتكافئ لرعاية الأطفال الواقع على النساء فيما بعد الجائحة".

ويشكل هذا العبء تحدياً كبيراً أمام دخول المرأة إلى سوق العمل في الأردن والاحتفاظ بوظائفهن؛ ووفقًا لدراسة أجرتها الأمم المتحدة، تقضي النساء في الأردن وقتاً أطول من الرجال في العمل غير مدفوع الأجر بمقدار 17 ضعفاً مقارنة بـ 3.2 ضعفاً، كمتوسط ​​عالمي.

ويُعد تعزيز إلزام قانون العمل لأصحاب العمل بتقديم دعم خاص برعاية الأطفال لعمالهم أمرا ضروريا، ويمكن تحقيقه من خلال الاستثمار في التمويل العام وتسهيل الاستثمارات الخاصة لضمان مستوى جودة أفضل وأوسع لخدمات رعاية الأطفال، وإمكانية الحصول عليها، والقدرة على تحمل تكاليفها. وهناك حاجة أيضاً إلى اختراق قانوني يمكن من التصدي لقضية التحرش الجنسي في مكان العمل، وفق بينر وبيدرسن.

وقالا، إن "البناء من أجل مستقبل أفضل" في الأردن يعني تذليل العقبات التي تحول دون مشاركة المرأة في القوى العاملة والاعتراف بالنساء كمساهمات يقفن على قدم المساواة مع الرجال في تحقيق النمو والرفاهية لأسرهن ومجتمعاتهن وبلدهن.

"الحكومة الأردنية خطت خطوات كبيرة في تعزيز المساواة بين الجنسين والتمكين الاجتماعي والاقتصادي للمرأة، بما في ذلك من خلال الاستراتيجية الوطنية للمرأة للأعوام 2020-2025. لكن هنالك حاجة إلى نهج منسق يشمل الحكومة بأكملها، يدعمه شركاء عبر المجتمع المدني والقطاع الخاص ومجتمع التنمية الدولي لخلق بيئة مواتية للمرأة لتزدهر وتساهم في اقتصاد ما بعد جائحة كورونا"، وفق بينر وبيدرسن.

وأكدا أن الأمم المتحدة ومجموعة البنك الدولي، من خلال برنامج تمكين المرأة في المشرق، على استعداد دائم لدعم الأردن حكومة وشعباً في هذا المسعى.

المملكة