ينعقد البرلمان الإيطالي في 24 كانون الثاني/يناير؛ لانتخاب رئيس للجمهورية، وهو منصب مرموق يبدو رئيس الوزراء الحالي ماريو دراغي المرشح الأوفر حظا لشغله، رغم أن ذلك يحمل خطر تقويض التعافي الاقتصادي في البلاد ما بعد الوباء.

حتى لو كان دوره من الناحية النظرية فخريا، فإن رئيس الجمهورية الإيطالية له دور رئيسي في حال حدوث أزمة حكومية.

ففي هذا السياق طلب الرئيس سيرجو ماتاريلا الذي تنتهي ولايته التي استمرت سبع سنوات في 3 شباط/فبراير 2022، في شباط/فبراير 2021 من الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي ليخلف جوزيبي كونتي الذي فقد أغلبيته في البرلمان.

وكان ماريو دراغي (74 عاما) منذ ذلك الحين على رأس ائتلاف حكومي واسع يضم اليسار وحزب الرابطة اليميني بزعامة ماتيو سالفيني وحزب "فورتسا إيتاليا" (يمين وسط) بزعامة سيلفيو برلسكوني.

وينسب إلى دراغي وهو شخصية يقدرها الشركاء الدوليون خصوصا بروكسل، أنه نجح في إدارة الأزمة الصحية الناجمة عن جائحة كورونا وبدأ إصلاحات (الرقمنة وإصلاح الإدارة العامة والتحول البيئي...) باستخدام حصة البلاد من خطة التحفيز الأوروبية الضخمة لما بعد الجائحة.

وكانت إيطاليا التي تعتبر ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، المستفيدة الكبرى من الخطة مع حصولها على 191,5 مليار يورو للفترة 2021-2026.

وقال لورينزو كودونيو الأستاذ المحاضر في "لندن سكول أوف إيكونوميكس" في مقابلة مع وكالة فرانس برس، إن دراغي الذي كان حريصا على عدم التحدث علنا عن اهتمامه المحتمل بالرئاسة "هو افتراضيا المرشح الأوفر حظا، لأنني لا أرى أي شخص آخر يمكنه في الوقت الراهن أن يحصل على دعم كل الأحزاب السياسية". 

- ألف ناخب -

إن وصول دراغي إلى رئاسة الجمهورية الإيطالية من شأنه أن يطرح مشكلة شائكة تتمثل في إيجاد خلف له قادر على الحفاظ على تماسك الأغلبية الحالية الهشة، ما قد يؤدي إلى انتخابات مبكرة.

يفضل كثر رؤيته في منصبه كرئيس للوزراء حتى الانتخابات التشريعية المزمعة عام 2023 من أجل مواصلة الإصلاحات التي بدأها قبل عام.

وقال كودونيو "قام دراغي بعمل جيد، لكن معظم المشاريع التي أطلقها ما زالت قيد التنفيذ وتحتاج إلى وقت لتنجز. سيكون من الضروري أن تكون هناك حكومة جديدة تشارك في تنفيذ الإصلاحات على غرار الحكومة الحالية".

ودراغي ليس وحيدا في السباق الرئاسي: فقد دأبت الصحافة الإيطالية منذ أسابيع على ترديد أسماء متداولة لخلافة ماتاريلا، وهو من جزيرة صقلية يبلغ الثمانين ويعرف كيف يجسد الوحدة في الأوقات العصيبة.

ومن بين الأسماء الأكثر تداولا الرئيس السابق لمجلس النواب بيير فرديناندو كازيني ورؤساء الحكومات السابقون باولو جنتيلوني المفوض الأوروبي الحالي لشؤون الاقتصاد، وجوليانو أماتو الذي شارك في صياغة الدستور الأوروبي.

من ناحية أخرى، كتبت شخصيات من عالم الثقافة في نهاية الأسبوع في رسالة مفتوحة "حان الوقت لانتخاب امرأة". وفي هذا السيناريو غير المسبوق، سيكون لدى وزيرة العدل الحالية مارتا كارتابيا (58 عاما) فرصة على غرار باولا سيفيرينو (73 عاما) التي كانت أيضا وزيرة العدل بين عامي 2011 و2013 في حكومة ماريو مونتي.

وطريقة انتخاب الرئيس في إيطاليا معقدة نوعا ما. يجتمع النواب وأعضاء مجلس الشيوخ، بالإضافة إلى ممثلي المناطق الإيطالية العشرين، أو ما مجموعه نحو ألف شخص، للتصويت.

في الجولات الثلاث الأولى من التصويت، تكون أغلبية الثلثين ضرورية لكن اعتبارا من الجولة الرابعة من التصويت تكون الأغلبية البسيطة كافية لفوز المرشح بالرئاسة. ويجري التصويت بالاقتراع السري، وهذا الأمر أدى مرارا في الماضي إلى مفاجآت؛ لأن بعض النواب لا يلتزمون بتعليمات أحزابهم.

لذلك يسود عدم اليقين النتيجة التي ستخرج بها هذه الانتخابات الرئاسية "وهو أمر مألوف في السياسة الإيطالية" وفق لورينزو كودونيو.

أ ف ب