حولت جرافات الاحتلال الإسرائيلي، الأربعاء، منزلي عائلة صالحية في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة بطرفة عين إلى ركام، ولم تتمكن من العثور على شيء منها سوى باب ثلاجة طبعت عليه صور أطفال العائلة.

عند الثالثة فجرا، وبينما كانت عائلة صالحية برجالها ونسائها وأطفالها (13 فردا) آمنة بمنزلها في حي الشيخ جراح، تفاجأت بأكثر من 100 جندي إسرائيلي بعدتهم وعتادهم يقتحمون المنزلين، وبوحشية بدأوا بإخراجهم منهما عنوة في ظل ظروف جوية "قاسية".

الشاب محمد عكرماوي أحد المتحصنين في أحد المنزلين يقول: "تفاجأنا بعشرات الجنود يقتحمون المنزل، وبدأوا الاعتداء علينا بوحشية، واقتادونا جميعا إلى مراكز تحقيق المسكوبية، وهناك أُفرج عن بعضنا شرط الإبعاد عن حي الشيخ جراح 15 يومًا، فيما بقي شقيقي وخالي محمود صالحية وأبناؤه رهن الاعتقال".

أما شقيقه عبد عكرماوي الذي أبعده الاحتلال عن الشيخ جراح منذ الثلاثاء، ولثلاثة أيام يقول: "اعتقلت قبل أيام خلال توثيقي للانتهاكات بحق منزلنا في حي الشيخ جراح، وأفرج عني شرط الإبعاد عن منزلنا في الحي، وعند انتهاء فترة إبعادي لم أجد منزلي الذي ولدتُ وعشتُ فيه".

ويُضيف عبد عكرماوي أن "الاحتلال ارتكب جريمته بحق عائلتي، ولم أستطع الدفاع عنها أو التواجد معها، واليوم أصبحنا بلا مأوى لكن سنبقى مرابطين صامدين في القدس رغم كل ما مررنا به".

ثلاث ساعات هي زمن ارتكاب "جريمة" بحق أفراد عائلة صالحية، ومدة مشهد تناثر ركام منزلي العائلة التي "هددت بإحراقهما ومن فيهما وفضلت الموت على تركهما قبل يومين" وأجبرت قوات الاحتلال على الانسحاب، بعد 10 ساعات من حصار حي الشيخ جراح، دون تمكنها من إخلاء العائلة من منزليها، بعد أن استولت على قطعة أرض تبلغ مساحتها نحو 6 آلاف متر مربع، وهدمت مشتلا تعتاش منه العائلة، وثماني عائلات أخرى الاثنين الماضي.

أمل صالحية شقيقة محمود صالحية تقول: "هدموا منزلنا وحولوه إلى ركامٍ فوق حطام أحلامنا، هذا المنزل الذي بنيت فيه أحلامي، وقضيت فيه سنين عمري أنا وأبنائي وشقيقي محمود وعائلته لكن في لحظات هدمت كل أحلامنا وأصبح المنزل ركامًا بكل ما فيه من ذكريات".

هُجرت عائلة صالحية من بلدة عين كارم في القدس المحتلة عام 1948، ولجأت إلى حي الشيخ جراح، وها هي اليوم تشرد من منزلها مرة أخرى في نكبة جديدة، حيث سيقيم الاحتلال حدائق توراتية استيطانية.

منذ 23 عاما، وعائلة صالحية تخوض صراعا في محاكم الاحتلال ولدى ما يسمى "حارس أملاك الغائبين" لأجل إثبات ملكيتها للأرض، ومنع الاستيلاء عليها، وقبل عامين، أصدرت سلطات الاحتلال قرارا بالاستيلاء عليها، لذات الحجة، إلا أن القرار أُجل.

وبدأت قصة معاناة عائلة صالحية منذ عام 1996، وعرضت عليها سلطات الاحتلال في البداية شراءها، وقدمت عروضا مالية جوبهت كلها بالرفض.

بعد ذلك لجأت سلطات الاحتلال لحيل أخرى عبر "حارس أملاك الغائبين" غير أنها لم تتمكن من الاستيلاء على أرض العائلة، واتبعوا بعد ذلك أساليب عدة، وفي النّهاية تذرّعت البلدية بالاستيلاء على الأرض لـ"المنفعة العامة".

في العشرين من كانون الأول/ديسمبر الماضي، سلمت بلدية الاحتلال عائلة صالحية إخطارا بإخلاء منزليها وقطعة الأرض المقامين عليها، بحجة "المنفعة العامة" وإقامة مدارس عليها، وأمهلتها حتى الخامس والعشرين منه لتنفيذ أمر الإخلاء.

الاثنين الماضي، اقتحمت قوات الاحتلال أرضا تملكها العائلة، وهدمت مشتلًا زراعيًا بعد تفريغه من محتوياته، وعقب ذلك، حاولت إخلاء المنزلين، لكن مالكهما محمود صالحية، وأفراد أسرته تحصّنوا داخله وعلى سطحه، وهددوا بإضرام النار في حال أصرّت شرطة الاحتلال على إخلائهم منهما.

وتحدثت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) عن تواطؤ بين المحكمة والشرطة الإسرائيلية للاستيلاء على الأرض التي تعدّ أكبر قطعة في حي الشيخ جراح، وهي ملاصقة لمنزل الحاج أمين الحسيني الذي تم الاستيلاء عليه، كما سبق وتم الاستيلاء على 30 دونما بقربها، وإقامة مستوطنة في الحي، تبعه متنزّه.

أعاد الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، السفير هيثم أبو الفول، الأربعاء، التأكيد على موقف الأردن الثابت برفض وإدانة هدم منازل الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم.

وأكد إدانة الوزارة قيام إسرائيل الأربعاء، بتهجير إحدى العائلات الفلسطينية في حي الشيخ جراح، وهدم منزلها باعتباره تهجيرًا قسريًا ومخالفة للقانون الدولي وقواعد القانون الدولي الإنساني.

وفا + المملكة