ارتفعت إلى 154 على الأقل حصيلة القتلى في الاشتباكات المستمرة منذ أيام بين مقاتلين من تنظيم "داعش" الإرهابي والقوات الكردية المدعومة من التحالف الدولي على إثر هجوم للمقاتلين على سجن غويران في شمال شرق سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الاثنين.

وتراجعت حدة المعارك مساء الأحد، إلا أن هناك مخاوف سادت حول مصير مئات القصّر الموجودين في السجن، وكانوا مقاتلين سابقين في التنظيم المتطرف.

وأعلنت الإدارة الذاتية الكردية "الحظر الكلي" اعتباراً من الاثنين حتى 31 كانون الثاني/ يناير الحالي على منطقة الحسكة، حيث تجري المعارك "داخلياً وخارجياً لمدة سبعة أيام"، موضحة أن هذا الإجراء يهدف إلى "منع الخلايا الإرهابية من أي تسلل خارجي".

وشارك أكثر من مئة من مقاتلي التنظيم في هجوم بدأ مساء الخميس، على السجن الذي يشرف عليه الأكراد في عملية تعد "الأكبر والأعنف" منذ إعلان القضاء على التنظيم في سوريا قبل ثلاث سنوات. وتجدد الهجوم في اليوم التالي. وتصدت له قوات سوريا الديمقراطية التي يشكل المقاتلون الأكراد أبرز مكوناتها.

وأدت الاشتباكات العنيفة الدائرة داخل السجن وفي محيطه إلى فرار مجموعة من السجناء لم يتسن التأكد من عددها. وتقول وكالة أعماق، وهي الذراع الدعائية للتنظيم، أن عددهم 800.

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتخذ من بريطانيا مقراً، ما قاله التنظيم من أن المهاجمين والسجناء سيطروا على مخزن أسلحة كان موجودا داخل السجن.

وتحدّث المرصد في أحدث حصيلة، عن مقتل 102 من "داعش" و"45 من الأسايش (القوات الأمنية الكردية) وحراس السجن وقوات مكافحة الإرهاب وقسد (قوات سوريا الديمقراطية) وسبعة مدنيين".

وجاء في بيان لقوات سوريا الديمقراطية الأحد، أنها سيطرت "بشكل كامل على الوضع الاستثنائي الذي كان داعش يحاول الاستفادة منه للفرار". وأضاف "ليس بإمكان مرتزقة داعش المتبقين في أسوار السجن الفرار الآن".

"دروع بشرية؟"

وأشار التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الذي يدعم الأكراد بالسلاح والتدريب وعادة بالغارات الجوية، في بيان، إلى أن "قوات سوريا الديمقراطية احتوت الخطر"، فيما لاحظ المرصد أن حدة الاشتباكات تراجعت.

وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية مساءً، أن "العائق الكبير" أمام تقدمها "هو استخدام الإرهابيين للأطفال (...) المرتبطين بداعش والبالغ عددهم 700 قاصر، كدروع بشرية"، مشيرة إلى أن هؤلاء "كانوا موجودين في مهاجع خاصة منفصلة داخل مركز الاعتقال".

وأضافت أنها تحمّل "إرهابيي داعش مسؤولية إلحاق أي ضرر بهؤلاء الأطفال داخل السجن".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، عبرت عن قلقها إزاء مصير هؤلاء الأطفال، داعية الأحد إلى حمايتهم، ومشيرة إلى أن عددهم في سجن غويران نحو 850.

وجاء في بيان للمنظمة "مع تواصل المعارك يزداد خطر إصابة الأطفال أو المجندين"، داعية إلى الإفراج عنهم فورا.

وأدت المعارك إلى موجة نزوج واسعة من الأحياء المحيطة بالسجن. وأفادت السلطات الكردية بأن آلاف الأشخاص غادروا المنطقة وسط البرد القارس.

ومنذ إعلان هزيمته في آذار/ مارس 2019 وخسارته كل مناطق سيطرته، يشنّ التنظيم بين حين وآخر هجمات ضد أهداف حكومية وكردية في منطقة البادية المترامية الأطراف الممتدة بين محافظتي حمص (وسط) ودير الزور (شرق) عند الحدود مع العراق، وهي المنطقة التي انكفأ إليها مقاتلو التنظيم ضمن خلايا ومجموعات متعددة.

ويرى خبراء في الهجوم الأخير على السجن مرحلة جديدة في عودة ظهور التنظيم.

ليست "تهديداً كبيراً"

ونشر "داعش" الدولة الإسلامية عبر حساب وكالة "أعماق" على تطبيق "تلغرام" شريطا مصورا يُظهر عدداً من مقاتليه يرفعون علم التنظيم الأسود ويهاجمون السجن حيث يحاصرون ما يبدو أنه مجموعة من الحراس.

ونشر أيضاً شريطا مصورا ثانيا السبت يُظهر نحو 25 رجلاً قال التنظيم إنه اعتقلهم خلال هجومه على السجن، وبعضهم يرتدي الزيّ العسكري.

ولم يُتمكن من التحقق من صحة هذا الشريط من مصادر مستقلة.

لكن التحالف الدولي اعتبر أن "محاولة الفرار هذه" للتنظيم "لا تشكل تهديدا كبيرا"، نظراً إلى العدد الكبير من القتلى الذين سقطوا في صفوفه.

وأفاد المرصد بأن القوات الكردية تمكنت من القبض على أكثر من مئة من السجناء الذين حاولوا الفرار، لكنه أشار إلى أن كثراً منهم، لم يتضح عددهم، لا يزالون طليقين.

ودأبت السلطات الكردية على التحذير من أنها لا تتمتع بالقدرة الكافية على احتجاز الآلاف من مقاتلي التنظيم الذين اعتقلوا خلال النزاع، ناهيك عن محاكمتهم. وشكل الأكراد رأس حربة في الحرب على "داعش" في سوريا.

وتضم السجون الواقعة في المناطق الواسعة التي يسيطر عليها الأكراد في شمال سوريا نحو 12 ألفا من مقاتلي "داعش" من نحو 50 جنسية، وفق السلطات الكردية.

أ ف ب