عبّر نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، الجمعة، عن أمله في نزع فتيل الأزمة في أوروبا في ظل مخاوف من تدخل عسكري روسي في أوكرانيا.

وقال الصفدي في مؤتمر صحفي مع وزيرة الخارجية الألمانية آنالينا بيربوك، "نحن جوار واحد، وكل ما يجري في المنطقة ينعكس على أوروبا، وكل ما يجري في أوروبا ينعكس على منطقتنا، هذا هو الدرس الذي تعلمناه جميعا من التاريخ".

وأضاف وزير الخارجية، "نأمل في نزع فتيل الأزمة في أوروبا عبر الحوار المستند إلى القانون الدولي. ونأمل بأن تنجح الجهود المكثفة التي تُبذل الآن من أجل إنهاء التوتر والعودة إلى الهدوء ومعالجة القضية بالطرق الدبلوماسية".

وبحث الصفدي وبيربوك، خلال زيارة وزيرة الخارجية الألمانية الأولى للأردن، منذ استلامها موقعها في كانون الأول/ديسمبر الماضي التطورات في المنطقة وأوروبا وقضية اللاجئين.

وأكّد الصفدي، الذي التقى بيربوك بعد أسبوع من توليها مسؤولياتها على هامش اجتماعات مجموعة استوكهولم للحد من الانتشار النووي في السويد نهاية العام الماضي، أهمية التطور الذي شهدته العلاقات الثنائية على مدى السنوات الماضية، والذي تبدى إلى تعاون أوسع وتنسيق مستمر إزاء القضايا الإقليمية.

لقاء قريب

وشدّد الصفدي على أهمية لقاء القمة الذي سيجمع جلالة الملك عبدالله الثاني والمستشار الألماني أولاف شولتز قريبا في إعطاء المزيد من الزخم لمسار تعزيز الشراكة المتجذرة بين البلدين.

وأضاف الصفدي: "علاقاتنا علاقات قوية، التواصل بيننا مستمر على مستوى الملك والمستشار الألماني، ونحن نثمن عاليا الشراكة التي تجمعنا بألمانيا، ونشكر ألمانيا أيضا على الدعم الذي تقدمه".

وأكدَت الوزيرة الألمانية على أهمية الأردن كشريك رئيس لألمانيا في المنطقة، وقالت إن ألمانيا ستبقى شريكا موثوقا يعتمد عليه الأردن.

وأشار الصفدي إلى أن ألمانيا أقرت العام الماضي دعما للأردن بحوالي 483 مليون يورو، لافتا إلى أن هذا الدعم سيسهم في المساعدة في مواجهة التحديات التي جاء الكثير منها "انعكاسا للأزمات الإقليمية التي عانى الأردن تبعاتها".

وقال الصفدي إن التعاون المكثف يشكل قطاعات الطاقة والمياه والدفاع.

وأضاف "أكدّت والوزيرة اليوم أننا مستمرون في العمل على تعزيز هذا التعاون وعلى زيادته في المجالات المتعددة، اقتصاديا واستثماريا ودفاعيا، وفي مواجهة الإرهاب وفي غيره من القضايا التي نتفق عليها وهي كثيرة."

"سنبقى إلى جانبكم شريكا يعتمد عليه"

وشكر الصفدي نظيرته الألمانية على الدعم المستمر الذي تقدمه بلادها إلى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، لافتا إلى أن ألمانيا هي ثالث أكبر دولة مانحة للوكالة، حيث بلغ دعمها في العام 2020 حوالي سبعين مليون دولار، وفي العام 2021 حوالي أربعين مليون دولار.

وقالت "نحن نكنّ للأردن عظيم الاحترام لجهودكم في استقبال وتأمين عيش اللاجئين، سواء الفلسطينيين أو السوريين، الذين لجأوا الى الأردن في الأعوام والعقود السابقة."

وأشارت إلى أنها زارت مخيم الطالبية للاجئين الفلسطينيين "وتمكنت من الاطلاع بشكل شخصي على حياة الناس هناك ورغباتهم ومخاوفهم، خاصةً الطالبات وطلبة المدارس والأسر التي تعيش هناك".

وأضافت "الفتيات والأولاد الذين تحدثت معهم اليوم أثاروا انبهاري في الحقيقة بتعطشهم للحياة، باهتمامهم وأملهم في مستقبل جديد، وهذا رغم الظروف الصعبة التي يعيشونها. ويقع على عاتقنا نحن من في السياسة مسؤولية إتاحة فرصة مستقبلية للشباب أيا كان المكان الذين ينحدرون منه، أيّا كانت الظروف السياسية التي يعيشون ويتربون فيها."

وقالت إنه من دون "مستقبل يحمل الأمل لن يكون هناك استقرار على المدى الطويل."

وأضافت بيربوك إلى أن بلادها التي تمثل ثاني أكبر شريك تنموي مستمرة في تقديم المساعدة وإيجاد الافاق للاجئين أيضا. وأكدت "سنبقى إلى جانبكم شريكا يعتمد عليه."

وأكّد الصفدي أن "ألمانيا لها دور رئيس في دعم الوكالة. ألمانيا من أكبر ثلاث دول داعمة لموازنة الوكالة. ألمانيا لم تغب عن أي من المؤتمرات التي كنا نظمناها سابقا، وبالتعاون مع السويد، لدعم الوكالة وتوفير الأموال لسد العجز الذي عانت منه لفترات طويلة".

وقال "تحدثت مع معالي الوزيرة عن أونروا، وندرك أهمية العمل معا من أجل ضمان استمرار الوكالة في القيام بدورها وتأدية واجباتها وفق تكليفها الأممي إلى اللاجئين الفلسطينيين، لأن أي تراجع في دور أونروا سيكون له انعكاسات كارثية، على متلقي خدماتها".

وقال "تذكروا أن في غزة وحدها أكثر من 260 ألف طالب يذهبون إلى مدارس أونروا، وأكثر من 560 ألف طالب فلسطيني يعتمدون على الوكالة في تعليمهم. الملايين يعتمدون على الوكالة في توفير الخدمات الصحية لهم، وكلنا نذكر الدور الرئيس الذي قامت به الوكالة خلال الحرب على غزة العام الماضي، ولذا لابد من الحفاظ على أونروا ليس فقط فيما يتعلق بقدرتها على توفير خدماتها للاجئين الفلسطينيين، ولكن أيضا بما تمثله من التزام دولي بحقوق اللاجئين والاستمرار في دورها لحين حل قضية اللاجئين وفق قرارات الشرعية الدولية وفي إطار حل كلي للقضية الفلسطينية."

وعن اللاجئين قال الصفدي "نحن قلقون من تراجع الدعم الدولي للاجئين وللدول المستضيفة للاجئين. وكما قلت في بداية الحديث، اللاجئون مسؤولية دولية ولا يمكن أن تترك للدول المستضيفة وحدها. الكل عليه أن يتحمل مسؤوليته في هذا الصدد. نحن نثمن عاليا الدعم الذي قدمه المجتمع الدولي وأوروبا وألمانيا تحديدا للاجئين وللمملكة من أجل مساعدتها على تلبية حق اللاجئين في العيش الكريم، ونقلق من تراجع الاهتمام بقضية اللاجئين دوليا وتراجع الدعم، لأن ذلك سيضع المزيد من الضغوط علينا، وسينعكس سلبا على قدرتنا على توفير احتياجات اللاجئين."

وأضاف "في الأردن، هنالك 1.3 مليون سوري، 10% منهم فقط يعيشون في مخيمات اللجوء، و90% منتشرون في كل مناطق المملكة، 133 ألف طالب سوري يدرسون في مدارسنا الرسمية. كل هذه أعباء كبيرة، لكننا ملتزمون في الأردن بتقديم كل ما نستطيع لدعم اللاجئين ليتمكنوا من العيش بكرامة، وليحصلوا على حقهم في التعليم وفي الخدمات الصحية وغيرها، لأن الاستثمار في اللاجئين هو استثمار في مستقبل المنطقة ومستقبل أوروبا أيضا. وترك اللاجئين للعوز والجهل والغضب سيكون له انعكاسات سلبية ليس فقط على المنطقة، ولكن على أوروبا أيضا."

وأشار الصفدي "أوروبا قلقة من موضوع هجرة اللاجئين إليها، ونحن نقول إنه إذا حصل اللاجئون على الحياة الكريمة في المنطقة، لن يغامروا باللجوء إلى أوروبا. وبالطبع فإن الحل الأساس لقضية اللاجئين والحل الذي نسعى إليه جميعا هو إيجاد الظروف التي تسمح بالعودة الطوعية لهم إلى بلادهم، ومن هنا نحن نعمل في المملكة بشكل مكثف على إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، لتنتهي هذه الكارثة وكل ما أنتجته من خراب ودمار وليتمكن اللاجئون من العودة إلى ديارهم. لكن إلى حين أن يحدث ذلك يجب أن نتحمل جميعا مسؤولياتنا، وأن نوفر العيش الكريم لهم".

وقال الصفدي إنه بحث ووزيرة خارجية ألمانيا أيضا الجهود المبذولة للتوصل إلى حلٍ سياسيٍ للأزمة السورية. وأكد الصفدي أن هذا الحل يجب أن يحفظ وحدة سوريا وتماسكها ويخلصها من الإرهاب، ويهيئ الظروف التي تسمح بالعودة الطوعية للاجئين.

وشكر الصفدي ألمانيا على الدعم الذي تستمر في تقديمه للاجئين، ولمساعدة الدول المستضيفة وبينها الأردن، على مواجهة هذا العبء.

وقال الصفدي: "إننا متفقون على أن توفير العيش الكريم للاجئين هو أولوية، ومسؤولية مشتركة، ليس فقط مسؤولية الدول المستضيفة، ولكن مسؤوليتنا جميعا في المجتمع الدولي".

وقال الصفدي إن المباحثات غطّت أيضا التطورات في المحادثات بشأن الملف النووي الإيراني والأوضاع في اليمن، مشيرا إلى أن الأردن يؤكد حل الأزمة اليمنية ويدين الهجمات الحوثية "الإرهابية "على الإمارات وعلى السعودية.

وأشارت الوزيرة إلى دعم بلادها للتعاون الإقليمي في مجالات الطاقة والمياه، لافتةً إلى مذكرة التفاهم التي وقعها الأردن وإسرائيل في الإمارات لدراسة جدوى تبادل الطاقة والمياه مع إسرائيل.

وغادرت الوزيرة الألمانية الأردن إلى مصر لاستكمال جولتها الإقليمية التي شملت فلسطين وإسرائيل.

المملكة