أعلن الكرملين في وقت متأخر الأربعاء، أنّ رئيسي الجمهوريتين المعلنتين من طرف واحد في شرق أوكرانيا طلبا من موسكو المساعدة العسكرية ضد كييف، في خطوة تمهد الطريق أمام دخول القوات الروسية المحتشدة إلى أوكرانيا.

وقال المتحدث باسم الرئاسة دميتري بيسكوف في بيان، إن الزعيمين الانفصاليين في دونيتسك ولوغانسك بعثا برسالتين منفصلتين إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يطلبان منه المساعدة "في صدّ عدوان القوات المسلّحة الأوكرانية".

ونشرت وسائل الأنباء الروسية الحكومية الرسالتين المؤرختين في 22 شباط/فبراير.

وأضاف المتحدّث باسم الكرملين، أنّه جاء في الرسالة أنّ "تصرفات نظام كييف تشهد على عدم الرغبة في إنهاء الحرب في دونباس"، وأنّ المسؤولَين طلبا مساعدة بوتين "على أساس" معاهدات الصداقة التي وقّعاها مع موسكو هذا الأسبوع.

ويتمركز عشرات الآلاف من العسكريين الروس بالقرب من حدود أوكرانيا، ويخشى الغرب استخدامهم لشن غزو في أي لحظة.

وأعلن بوتين الثلاثاء، أن بلاده تعترف بسيادة الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا على كامل منطقتي لوغانسك ودونيتسك وليس فقط على المناطق الخاضعة لسيطرتهم حاليا، ما يثير الخشية من أن يسيطر هؤلاء بالقوة على مناطق تسيطر عليها حاليا القوات الأوكرانية.

وأصدرت أوكرانيا الأربعاء، أمرًا بتعبئة جنود الاحتياط الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عاما، ودعت رعاياها في روسيا والبالغ عددهم نحو ثلاثة ملايين بحسب بعض التقديرات، إلى مغادرتها فورا.

"لحظة خطر"

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في وقت متأخر الأربعاء، إن روسيا حشدت "نحو 200 ألف عسكري" على حدود بلاده، محذرا من أن روسيا قد تبدأ قريبا "حربا كبيرة في أوروبا".

وأشار زيلينسكي في خطاب للأمة، إلى أنه طلب من دون جدوى الأربعاء إجراء محادثة هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين وسط مخاوف من غزو روسي وشيك.

وقال "بادرت اليوم بالاتصال هاتفيا مع رئيس الاتحاد الروسي، وكانت النتيجة: صمت".

من جانبه، أكد بوتين الأربعاء بمناسبة يوم المدافع عن الوطن، أنّ مصالح بلاده وأمنها "غير قابلة للتفاوض" رغم تأكيده أنه "منفتح على حوار مباشر وصريح" مع الغرب.

وفي كييف، لم يتخلَّ السكان بعد عن روتينهم اليومي.

لكن منذ الثلاثاء، يصدح على رأس كل ساعة النشيد الوطني الأوكراني في ساحة "ميدان" الهائلة.

وتستمرّ التكهّنات بشأن السيناريوهات الممكنة من إقامة وضع جديد في المناطق الانفصالية إلى حرب شاملة بين الروس والأوكرانيين.

ويخشى كثرٌ من أن تؤدي الأزمة إلى أخطر نزاع في أوروبا منذ 1945.

وبدأت روسيا بإجلاء موظفيها الدبلوماسيين من أوكرانيا ولم يعد علمها يرفرف فوق سفارتها. وسبق أن أغلقت الولايات المتحدة سفارتها في كييف.

واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأربعاء في مستهلّ اجتماع للجمعية العامة للمنظمة الدولية، أنّ العالم يواجه "لحظة خطر" بسبب الأزمة الأوكرانية-الروسية، مستنكراً من جديد "الانتهاكات" التي ارتكبتها موسكو بحقّ كييف.

دفعة أولى من العقوبات

وأكّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لبوتين في مكالمة هاتفية الأربعاء، أنّ "تركيا لن تعترف بأيّ إجراء يؤثّر على سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها"، مشيرًا إلى أن "نزاعًا عسكريًا لن ينفع أحدًا".

وصرّحت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس الأربعاء، أن هناك "احتمالا كبيرا" بأن يشن الرئيس الروسي غزوا شاملا على أوكرانيا ويهاجم كييف.

أما البابا فرنسيس فقال الأربعاء، إن "سيناريوهات مقلقة بشكل متزايد" تظهر في أوكرانيا تهدد "سلام الجميع".

وعمدت الدول الغربية إلى إقرار دفعة أولى من العقوبات ردّاً على الاعتراف بالمنطقتين الانفصاليتين.

وفرض الاتحاد الأوروبي الأربعاء، عقوبات على وزير دفاع روسيا سيرغي شويغو وقادة الجيش الروسي ضمن حزمة تدابير ردا على اعتراف موسكو باستقلال منطقتين أوكرانيتين انفصاليتين.

وأعلنت ألمانيا تعليق خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا.

كما أعلن بايدن الأربعاء، فرض عقوبات على الشركة المشغلّة لـ"نورد ستريم 2"، قائلا أنّ "هذا التدبير هو جزء من الدفعة الأولى من العقوبات ردًا على خطوات روسيا في أوكرانيا".

وتوعّدت روسيا بردّ "قوي" و"مؤلم" على العقوبات الأميركية.

إلا أنّ هذه التدابير تبقى متواضعة مقارنة بتلك التي توعّدت بها الغرب روسيا إذا غزت قواتها أوكرانيا.

وأعلن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال الأربعاء، أنّ قمة طارئة لقادة الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ستُعقد حضوريًا الخميس اعتبارًا من الساعة 20:00 (19:00 ت غ) في بروكسل للبحث في الأزمة الروسية-الأوكرانية.

وقالت الرئاسة الفرنسية الأربعاء إن القمة الأوروبية الطارئة التي ستعقد الخميس في بروكسل يجب أن تظهر "وحدة" أوروبية فيما يتعلق بالردّ على الخطوات الروسية في أوكرانيا.

وأوصت فرنسا جميع رعاياها بـ"مغادرة أوكرانيا دون تأخير" وبعدم السفر إلى المناطق الحدودية في شمال وشرق البلاد الأكثر عرضة لخطر الحرب، وفق ما جاء في بيان للخارجية مساء الأربعاء.

"أشعر بالخوف"

وعلى الجبهة في الشرق الأوكراني، لم تتوقف المعارك بين الجيش والانفصاليين في الأيام الأخيرة. ولا يزال كلّ من الطرفين يشنّ عمليات قصف كما أنّهما يتبادلان التهم.

وقال دميتري ماكسيمينكو وهو قاصر يعيش في قرية كراسنوغوريفكا القريبة من خط الجبهة من الجانب الأوكراني، "بدأوا القصف بشكل قوي جدًا".

وأعرب عن "صدمته" عندما علم أنّ روسيا اعترفت باستقلال المنطقتين الانفصاليتين، وقال "أشعر بالخوف قليلًا".

وأعلن الجيش الأوكراني مقتل جندي الأربعاء، في قصف شنّه انفصاليون موالون لموسكو على خطّ الجبهة في شرق البلاد. كما أعلن الانفصاليون في لوغانسك مقتل مقاتل بنيران "قناص" أوكراني. كما قتل مدني في قصف ليلي، بحسب الانفصاليين.

أ ف ب