أكد متخصصون اقتصاديون على أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الأردن وفلسطين، في ظل وجود مصالح اقتصادية مشتركة بين البلدين وفرص يمكن استثمارها بما يسهم برفع حجم التبادل التجاري بين البلدين.

وبين الاقتصاديون في حديثهم لـ "المملكة" أن القرب الجغرافي بين البلدين وتشابه النمط الاستهلاكي يساعد بزيادة النشاط التجاري وصولا للتكامل الاقتصادي.

وأشاروا إلى أن تسهيل التبادل التجاري يتطلب أيضا إعادة النظر باتفاق باريس الموقع بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل إضافة لإعادة بآليات التعامل مع الصادرات الأردنية عبر الحدود.

مصالح اقتصادية مشتركة

المتخصص في الاقتصاد السياسي، زيان زوانة، قال إن زيارة جلالة الملك إلى رام الله تأتي تعبيرا عن التنسيق بين القيادتين وعلى أعلى المستويات لما يربط الشعبين من شبكة المصالح العميقة المشتركة، وذلك بحكم الجغرافيا والتاريخ المشتركين.

ولفت زوانة في حديثه لـ "المملكة"، النظر لوجود مصالح اقتصادية مشتركة بين البلدين خاصة مع رفع سقف التبادل التجاري بينهما إلى 700 مليون دولار، وذلك بموجب اتفاق باريس بالرعاية الدولية، مما يحفز الفعاليات الاقتصادية شرقي النهر وغربه إلى ضرورة استثمار هذا السقف بما يخدم الشعبين.

وشدد زوانة على أن الزيارة الملكية تأتي انعكاسا وتجاوبا مع ديناميكية هيكل العلاقات والتحالفات الإقليمية والتي تسعى القيادتان الأردنية والفلسطينية لتوظيفها لخدمة القضية العربية الفلسطينية والشعبين.

مصلحة وطنية

رئيس غرفة تجارة عمّان خليل الحاج توفيق قال في تصريح لـ "المملكة" إن دعم الاقتصاد الفلسطيني واجب ومصلحة وطنية على الجميع، داعيا إلى بذل المزيد من الجهود للنهوض بالعلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين وتجاوز العراقيل التي تفرضها دولة الإحتلال الإسرائيلي.

وقال الحاج توفيق إن الغرفة حريصة على بذل الجهود في سبيل إحلال المنتجات الأردنية داخل السوق الفلسطينية مكان مثيلاتها المستوردة من دولة الاحتلال، وهذه رغبة فلسطينية أيضا بتعزيز المبادلات التجارية مع الأردن.
وشدد على ضرورة تكثيف الجهود من أجل تعديل بروتوكول "باريس" لتسهيل وزيادة حركة التبادل التجاري بين الأردن وفلسطين ومساعدة الاقتصاد الفلسطيني.

وبلغ أعداد الشركات الفلسطينية المسجلة لدى غرفة تجارة عمّان خلال العام الماضي وحتى منتصف الشهر الحالي آذار/مارس 86 شركة بحجم رؤوس أموال مسجلة بلغت قرابة 16 مليون دينار.

اتفاق باريس

ويتفق المتخصص في القطاع الصناعي موسى الساكت مع الحاج توفيق بخصوص المعيقات التي يسببها بروتوكول (اتفاق) باريس أمام تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

ينظم اتفاق باريس استيراد البضائع التي يحتاج إليها الفلسطينيون، ويفرض شروطا إسرائيلية على انسياب حركة البضائع من تلك الدول إلى السوق الفلسطيني.

وأشار الساكت إلى أن الاتفاق الذي وقّع بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل قلّص من حجم التبادل التجاري لفلسطين مع محيطها العربي والأهم مع الأردن بسبب القيود.

"منذ أكثر من 8 شهور سمعنا تصريحات إسرائيلية رسمية عن رفع سقف الصادرات الأردنية لفلسطين من 160 مليون دولار سنويا إلى نحو 700 مليون دولار سنويا وحتى الآن لم نرَ شيئا على أرض الواقع" وفق الساكت

ولفت الساكت النظر إلى أن الحكومتين الأردنية والفلسطينية وقعتا عام 2019 مذكرات تعاون اقتصادي ولكنها ما زالت "حبرا على ورق بعد 3 سنوات".

وشدّد على أن المعيق اللوجستي ما زال قائما امام حركة الصادرات الاردنية لفلسطين سواء فيما يتعلق بآليات تفتيش البضائع على المعبر الحدودي أو نقل البضائع من شاحنة إلى أخرى مما يزيد من الكلف وفرصة تلف البضاعة.
"السوق الفلسطيني يستورد سنويا نحو 6 مليارات دولار والتبادل التجاري مع الأردن قليل مقارنة بهذا الرقم مما يتطلب التعاون المشترك بين الحكومتين الأردنية والفلسطينية إضافة للجانب الإسرائيلي لزيادة الصادرات" بحسب الساكت.

- نمط استهلاكي -

المتخصص الاقتصادي، خالد الربابعة، قال في تصريح لـ"المملكة" إنّ هنالك فرصة كبيرة لزيادة العلاقات التجارية والاقتصادية والاستثمارية بين الأردن وفلسطين في ظل زيارة جلالة الملك إلى رام الله، والتي يمكن استثمارها في رفع التبادل التجاري بين البلدين وغيرها من الملفات الاقتصادية.

"العلاقات التجارية الأردنية الفلسطينية قائمة بالفعل ولكن بمستويات متواضعة وهذا ما أظهرته أرقام الميزان التجاري بين الجانبين إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 179 مليون دينار العام الماضي مرتفعا من 144 مليون دينار في العام 2020 الذي بدأ به انتشار فيروس كورونا مما أسهم بتراجع التبادل التجاري" بحسب الربابعة.

ويرى الربابعة أن مستوى النشاط التجاري بين البلدين بمستويات متواضعة جدا لا تلبي الطموح، داعيا لتعزيز العلاقات يما يخدم البلدين والشعبين.

"نقاط مضيئة وقوية عديدة من شأنها أن تحسن من الصادرات والواردات بشكل خاص بين الأردن وفلسطين أهمها النمط الاستهلاكي المتشابه والمتقارب الذي سيعزز الطلب بشكل تبادلي وتكاملي على السلع الاستهلاكية والخدمية والصناعية" وفق الربابعة.

ولفت الربابعة النظر إلى أن القرب الجغرافي بين الأردن وفلسطين يسهم بتوفير تكاليف كبيرة متعلقة بسلاسل التوريد بين البلدين إضافة إلى أنه سيزيد من انسيابية وسرعة التبادل التجاري بينهما.

التبادل التجاري

وبلغ التبادل التجاري (صادرات ومستوردات) بين الأردن وفلسطين العام الماضي 179.4 مليون دينار موزعة 132.2 مليون صادرات و47.2 مليون مستوردات حيث يميل الميزان التجاري لصالح الأردن بـ 85 مليون دينار، وفق بيانات لغرفة تجارة عمّان تستند لدائرة الإحصاءات العامة.

ويعبر الميزان التجاري عن قيمة الفرق بين المستوردات والصادرات، وعند تفوق الصادرات على المستوردات يُعد ذلك فائضاً ومؤشراً إيجابياً للاقتصاد.

وكانت أعلى سلعة تم تصديرها إلى فلسطين العام الماضي هي الإسمنت بقيمة 37.2 مليون دينار بينما أهم سلعة تم استيرادها هي خردة حديدية بقيمة 29.2 مليون دينار.

كما بلغ التبادل التجاري (صادرات ومستوردات) بين الأردن وفلسطين عام 2020 نحو 143.6 مليون دينار موزعة 107.8 مليون صادرات و35.8 مليون مستوردات حيث يميل الميزان التجاري لصالح الأردن بـ 72 مليون دينار.

وكانت أهم المستوردات الأردنية من فلسطين حسب القيمة المستوردة للعام 2020 معادن (خردة حديدية) وصناعات أغذية (مياه بما فيها المياه المعدنية والغازية) ومنتجات نباتية (البن)، فيما أهم الصادرات الأردنية إلى فلسطين للفترة ذاتها وحسب القيمة المصدرة معادن (ألمنيوم ومصنوعاته) ومنتجات صناعة أغذية (بطاطا، فواكه) ومنتجات كيماوية وبلاستيك ومواد نسيجية.

وفي شهر تموز/ يوليو 2021 عقد لقاء بين نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي ووزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد على الجانب الأردني من جسر الملك حسين لاستكمال اتفاق ضمن بروتوكول باريس سيرتفع بموجبه سقف الصادرات الأردنية إلى الضفة الغربية المحتلة من 160 مليون دولار سنويا إلى نحو 700 مليون دولار سنويا، منها 470 مليون دولار للمنتجات المطابقة للمواصفات الفلسطينية.

كما وُقع في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 في منطقة البحر الميت على محضر اجتماع وزاري بين الجانبين الأردني والإسرائيلي، لتسهيل نفاذ قائمة من السلع ذات الأولوية التصديرية الأردنية إلى السوق الفلسطينية، في إطار سعي الحكومة الأردنية لتعزيز التبادل التجاري مع السوق الفلسطينية، وبتنسيق مع الجانب الفلسطيني.

وكانت الحكومتان الأردنية والفلسطينية وقعتا في العام 2019، مذكرات لجداول زمنية لتنفيذ اتفاقيات زيادة حجم التبادل التجاري، وتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.

المملكة