انطلقت في عمّان، الخميس، أعمال مؤتمر "واقع ومستقبل المسيحيين في الشرق"، الذي ينظمه المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، بالتعاون مع مؤسسة كونراد أديناور الألمانيّة، ويستمرّ ليومين بمشاركة محليّة وعربيّة وأجنبيّة.

مدير المركز الكاثوليكي الأب رفعت بدر قال في بيان صحفي: "نجتمع اليوم في مملكة الاستقلال، وفي دولة الاستقبال، بمشاركة نخبة من المثقفين القادمين من بلدان متعدّدة لنصل إلى نتيجة قالها صاحب الوصاية الهاشميّة على المقدسات جلالة الملك عبدالله الثاني قبل أيام في واشنطن ونيويورك: المسيحيون جزء لا يتجزأ من أبناء هذه المنطقة".

وتابع: "لعلّ دماء الشهيدة شيرين أبو عاقلة المقدسيّة، حاملة وسام الاستقلال من الدرجة الأولى، ما هي إلا دليل ساطع على أنّ المسيحيين ما كانوا أبدًا متفرجين على أحداث أمتهم وقضاياها العادلة، بل أسهموا حتى بالدماء بشقّ درب الشهادة والاستشهاد، لبناء مستقبل أفضل، ليس لهم وحدهم، بل لجميع المواطنين، وبالأخص لشركاء الحضارة معهم المسلمون".

من جهته، غبطة البطريرك بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، قال: "تختلف التحدّيات التي تواجه المسيحيين في الشرق من دولة لأخرى، إلا أنّ هذه التحدّيات هي جزء لما يعيشه أبناء المنطقة ككلّ".

وأوضح بأنه لا نستطيع الحديث عن المسيحيّة في الشرق من دون الحديث عن مدينة القدس بشكل خاص، مشدّدًا أنه لا توجد مسيحيّة من دون المدينة المقدسة، راجيًا أن يقدّم المؤتمر إضاءات إيجابيّة بشأن كيفيّة دعم الحضور المسيحيّ عبر المؤسسات الروحيّة والتعليميّة والاجتماعيّة.

وخلال المؤتمر أعرب السفير الألماني لدى الأردن بيرنهارد كامبمان عن امتنانه للمملكة الأردنيّة الهاشميّة على رعايتها للشؤون الدينيّة، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، مؤكدًا أن الأردن هو جزء أصيل من الأرض المقدّسة، وأنّه المكان المناسب في هذه المنطقة لمناقشة مثل هذه القضايا المهمّة.

وشدّد على أن القيم التي تحملها الأديان من سلام وأخوّة وتضامن وتعاضد يمكن لها أن تكون سندًا حقيقيًّا أمام التحدّيات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة التي يواجهها أبناء المنطقة.

وتطرّق نائب رئيس مؤسسة كونراد أديناور والنائب في البرلمان الألماني هيرمان غروهيه إلى وضع المسيحيين في منطقة الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن المسيحيين في الأردن ينعمون بالحريّة الدينيّة ويسهمون بإخلاص في نمو مجتمعهم وازدهارهم.

وأشار إلى أن جلالة الملك عبدالله الثاني قد أكد في أكثر من مناسبة بأنّ العرب المسيحيين هم جزء لا يتجزأ من ماضي وحاضر ومستقبل المنطقة، معبّرًا عن تقديره بالإسهامات التي قدّمها الأردن ولا يزال في تدعيم الوجود المسيحي في المنطقة، وفي تعزيز قيم العيش المشترك والتعدديّة والوئام بين المسلمين والمسيحيين.

المدير التنفيذي للصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة وصفي كيلاني تطرّق إلى أهميّة الوصاية الهاشميّة في الحفاظ على المقدسات، وعلى المقدسات المسيحيّة في مدينة القدس الشريف على وجه الخصوص، فهي تمثّل حالة استمراريّة للوضع التاريخي القائم، وتقوم على دعم حقوق الكنائس وتكفل حريّة العبادة، وتحمي وضعها القانوني، وبالتالي تحفظ الهويّة المسيحيّة في المدينة المقدسة. وأكد على أنّ الوصاية تعكس العلاقة التاريخيّة بين المسلمين والمسيحيين والمبنيّة على العيش المشترك والاحترام المتبادل.

وأكد أن الوصاية الهاشميّة ليست شعارات إنما تطبيق على أرض الواقع، مشيرًا في هذا السياق إلى الجهود التي بذلها الملوك الهاشميون على مدار سنوات في إعمار المقدّسات الإسلاميّة والمسيحيّة في مدينة القدس، لافتًا إلى أنّ جلالة الملك عبدالله الثاني قد تبرّع عام 2018 لمشروع ترميم كنيسة القيامة وهو ما يعد تطبيقًا عمليًّا للوصاية الهاشميّة، ويعكس التزام جلالته الشخصي بصفته صاحب الوصاية الهاشمية على مقدساتها.

من جهته، تطرّق الأمين العام لمجلس رؤساء الكنائس في المملكة الأب إبراهيم دبور إلى التحديات التي يواجهها المقدسيين، لا سيما من قبل الجماعات الصهيونيّة المتطرّفة التي تسعى جاهدة إلى تغيير هويّة القدس وإفراغها من أهلها العرب، سواء مسلمين أم مسيحيين.

المملكة