قال البنك الدولي في تقرير جديد أصدره الثلاثاء، إن تحقيق النمو الشامل ورفع معدلات تشغيل الأردنيين، بمن فيهم النساء والشباب، يستلزم وجود وسائل نقل عام فعالة وموثوقة وآمنة وذات تكلفة معقولة.

وأضاف البنك أن التكلفة التقديرية التي تكبدها الأردن جراء أوجه القصور المتعلقة بالنقل العام بلغت حوالي 3 مليارات دولار سنويًا، أو ما لا يقل عن 6% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد، بدون احتساب تأثيرها على مشاركة المرأة في القوى العاملة.

وتضم هذه الأوجه 1.5 مليار دينار سنويا تأخيرات ووقود مهدور، 332-143 مليون دينار سنويا تدهور بيئي، 296 مليون دينار سنويا وفيات وإصابات بسبب حوادث الطرق، و54 إلى 160 مليون دينار سنويا جراء التلوث الضوضاني الناجم عن النقل.

وتعتبر الاستثمارات في النقل العام من العوامل المساعدة على تعزيز هذا القطاع. ويجب أن تتسق هذه الاستثمارات مع الإصلاحات الجارية لضمان نجاحها وتوسيع فوائدها وتمكين النمو الاقتصادي وشمول الجميع.

جاء هذا في تقرير البنك الدولي المعنون: "الدراسة التشخيصية والتوصيات الخاصة بالنقل العام في الأردن"، يحدد فيه التحديات والعوائق التي تقف في طريق نظام نقل عام يسهل الوصول إليه ويتسم بالفعالية والأمان وبأسعار معقولة، علاوة على استدامته ومراعاته للمرأة الأردنية. ويوضح التقرير ما ينتج عن هذه التحديات من عواقب سلبية، ويسوق نصائح عملية بناءً على تحليل نظام النقل الأردني والممارسات العالمية المحمودة في مجال النقل العام.

وتشكل النساء ثلث الركاب فقط في وسائل النقل العام في الأردن، وأن أقل من 50% يستخدمون وسائل النقل العام. ويؤدي القصور في وسائل النقل العام إلى صعوبة عمل النساء والشباب الذين ليس لديهم سيارات خاصة. وتعني المشاركة المنخفضة للمرأة في سوق العمل بالبلاد أن الاقتصاد الأردني يمكن أن يخسر حوالي 65 مليون دولار سنويًا في إنتاجيته بحلول عام 2030.

وعلى مدار الخمسة عشر عاماً الماضية، يتزايد الطلب على الاستثمارات في قطاع النقل في الأردن، حيث يتركز عدد السكان المتزايد بشكل أساسي في العاصمة عَمَّان.

ومع ذلك، لم تتم تلبية الطلب المرتفع بشكل كاف من خلال تحسين جودة النقل العام، مما أدى إلى انخفاض عدد الركاب والتحول إلى استخدام المركبات الخاصة. وتشير التقديرات إلى أن انبعاثات الغاز الدفيئة من قطاع النقل الأردني قد زادت إلى أكثر من 11 ألف جيجا غرام من ثاني أكسيد الكربون سنويًا خلال نفس المدة الزمنية، مما يكلف الاقتصاد ما بين 500 إلى 1000 مليون دولار أميركي سنويًا.

وقال المدير الإقليمي لدائرة المشرق بالبنك الدولي ساروج كومار جاه: "من شأن تحسين نظام النقل العام في الأردن أن يحقق مكاسب كبيرة في رأس المال البشري، وخاصة للمرأة الأردنية، ومكاسب للبيئة والاقتصاد. إن الأردن في وضع يسمح له بإنشاء نظام نقل عام يسهل الوصول إليه وموثوق به وبأسعار معقولة ومراعٍ للمرأة ويتيح للجميع الوصول إلى الخدمات وفرص العمل ويساهم في إزالة الكربون".

"لا يمكن تحقيق رؤية اقتصادية بدون رفع المشاركة الاقتصادية للمرأة في الأردن، التي وصلت نسبتها إلى 14%"، وفق جاه، الذي أكد أن البنك مستمر في تقديم المساعدة اللازمة لتطوير النقل العام في دول المنطقة.

وأشار إلى أن "البنك يدعم اتباع نهج منظم لحل المشاكل المتعلقة بالنقل العام في الأردن عبر التنسيق بين المؤسسات لخلق ظروف تسمح بوصول المرأة إلى العمل، وخير دليل على ذلك العمل على دعم منظومة الباص سريع التردد".

ويورد التقرير بعضاً من التحديات الرئيسية التي تواجه هذا القطاع ومنها: (1) ضعف التغطية وبطء وتيرة النقل العام؛ (2) عدم تناسب الخدمات والأسعار، مما يؤدي إلى طول فترات التنقل وارتفاع تكاليف النقل؛ (3) الافتقار إلى جودة الخدمات، التي تميل إلى أن تكون غير موثوقة ويُنظر إليها على أنها غير آمنة، لا سيما من جانب النساء؛ (4) عدم توافر الخدمات للجميع. ومن الناحية التشغيلية والمؤسسية، فإن نظام النقل العام الأردني يعاني أيضاً من مشكلة التجزؤ.

الحكومة الأردنية أطلقت مبادرات مختلفة لتحسين قطاع النقل العام، وفي عام 2017 وضعَ قانونُ جديد إطارًا للإصلاحات، وهناك مشاريع تجريبية وجهود أخرى جارية. واستحدثت الحكومة الأردنية "مدونة قواعد السلوك" في عام 2019، وهي الأولى من نوعها في هذا القطاع، والتي تهدف إلى وضع معايير للسلوك العام للركاب والسائقين وجهات التشغيل، وتم تصميمها لتكون في صالح جميع مستخدمي وسائل النقل العام، وبشكل خاص لصالح النساء والفتيات.

وقال وزير النقل وجيه عزايزة: "النقل قطاع حيوي لاقتصاد المملكة وعنصر مهم في الحياة اليومية للأردنيين. ويُعد تعزيز النقل العام أولوية رئيسية كجزء من استراتيجيتنا المحدثة طويلة الأجل، والتي تهدف إلى تلبية الطلب على النقل في إطار الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية والمالية والبيئية لدعم التنمية الاقتصادية للبلاد بشكل كامل".

ويبين التقرير أن هناك حاجة إلى مزيد من الجهود لتحسين أنظمة الحافلات العامة وتوسيع شبكة النقل السريع بالحافلات في عَمَّان ومناطق أخرى بالتوازي مع نمو المدن وتمددها. ويحتوي التقرير على ست توصيات رئيسية وهي: (1) دمج جهات تشغيل الحافلات؛ (2) دمج تعريفات الركوب وتناسبها مع عمليات التشغيل؛ (3) تطبيق أنظمة النقل الذكية؛ (4) تطوير برنامج لإدارة حركة المرور بحيث يشمل إدارة مواقف السيارات، وتقييد السيارات، وفرض رسوم على التسبب في الازدحام؛ (5) وضع خطة وطنية للسلامة على الطرق، بالإضافة إلى المخططات الرئيسية لمسارات المشاة وراكبي الدراجات؛ (6) اقتران الاستثمارات في مشاريع النقل العام بعمليات التجديد والتطوير في المناطق الحضرية.

ويخلص التقرير إلى أن إصلاح قطاع النقل العام أمر ضروري لتحقيق النمو الأخضر والشمول في الأردن. ويمكن للاستثمارات في هذا القطاع الحيوي، مثل شبكة النقل السريع بالحافلات أن تعزز إنتاجية هذا القطاع، كما يجب أن تقترن هذه الاستثمارات بالإصلاحات الجارية لضمان نجاحها وتوسيع مظلة فوائدها لتشمل جميع الأردنيين.

أطلق التقرير في عمّان خلال ورشة عمل إقليمية حول تعزيز النقل العام المستجيب للنوع الاجتماعي في بلدان المشرق، والتي جمعت ممثلين من القطاع العام والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني والأكاديمي من العراق ولبنان والأردن. حيث ناقشت ورشة العمل نتائج وتوصيات تشخيصات النقل العام في الأردن ولبنان والعراق، مع التركيز بشكل خاص على اعتبارات النوع الاجتماعي في النقل العام. كما سلطت ورشة العمل الضوء على التحديات الرئيسية المتعلقة بالقطاع في البلدان الثلاثة والفرص المتاحة لتعزيز أنظمة النقل العام في كل منها، والبناء على الخبرة الدولية والدروس المستفادة، والتركيز على النوع الاجتماعي في وسائل النقل العام.

المملكة