أعفى قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان الأربعاء، الأعضاء الخمسة المدنيين من عضوية مجلس السيادة الحاكم الذي يرأسه، بينما يواصل السودانيون المناهضون للحكم العسكري اعتصامهم منذ أسبوع في الخرطوم وضواحيها.

وأفاد بيان مجلس السيادة، بأن البرهان أصدر "مرسوما دستوريا بإعفاء أعضاء مجلس السيادة المدنيين"، ليصبح المجلس مشكلا من العسكريين وعلى رأسهم البرهان ونائبه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو وأعضاء حركات التمرد المسلحة الذين وقعوا على اتفاق السلام مع الحكومة في جوبا.

كذلك، أكد البيان أنه "سيتم حل مجلس السيادة وتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة من القوات المسلحة والدعم السريع لتولى القيادة العليا للقوات النظامية ويكون مسؤولاً عن مهام الأمن والدفاع"، بعد تشكيل الحكومة المدنية.

وأتى قرار البرهان بالإعفاء بعد يومين من إعلانه "عدم مشاركة المؤسسة العسكرية في مفاوضات (الحوار الوطني) الجارية حاليا لإفساح المجال للقوى السياسية والثورية... وتشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة تتولى إكمال... (متطلبات) الفترة الانتقالية".

وقابل كل من المعتصمين وقوى المعارضة الإعلان بالرفض.

وعلى منصات التواصل الاجتماعي، انتشرت منشورات تحمل وسم "الموكب النسوي" تدعو السودانيات إلى الخروج للتظاهر الأربعاء والانضمام إلى الاعتصامات.

ويتظاهر السودانيون كلّ أسبوع تقريبًا ضدّ الحكم العسكري لكن منذ 30 حزيران/يونيو الذي شهد سقوط أكبر عدد من الضحايا في صفوف المتظاهرين منذ أشهر، ويواظبون على الاعتصام في منطقة بحري شمال الخرطوم ومدينة أم درمان غرب العاصمة وأمام مستشفى الجودة في وسطها.

ومنذ الانقلاب العسكري الذي نفذه البرهان في الخامس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر العام الماضي، قُتل 114 متظاهراً، بينهم تسعة أشخاص في 30 حزيران/يونيو، حسب لجنة أطباء السودان المركزية المناهضة للانقلاب.

ومساء الثلاثاء، بدأ المحتجون اعتصاما وسط مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة التي تبعد 186 كلم جنوب الخرطوم، لتصبح نقطة الاعتصام الأولى خارج العاصمة. وقال محمود ميرغني أحد المعتصمين، "لن نغادر الاعتصام حتى تعود السلطة المدنية الكاملة ونضمن تقديم الذين قتلوا الشهداء إلى العدالة".

رفضت قوى الحرية والتغيير التي تمثل ائتلاف المعارضة الرئيسي في السودان إعلان البرهان ووصفته الثلاثاء، بأنه "خديعة" داعية إلى مواصلة الاحتجاجات.

وجاء في بيان للائتلاف المعارض أن "قرارات قائد السلطة الانقلابية هي مناورة مكشوفة وتراجع تكتيكي.. واجبنا جميعا الآن هو مواصلة التصعيد الجماهيري بكافة طرقه السلمية من اعتصامات ومواكب والاضراب السياسي وصولاً للعصيان المدني الذي يجبر السلطة الانقلابية على التنحي".

"فرصة للاتفاق"

خلال الفترة الماضية، مارست الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومجموعة دول شرق ووسط إفريقيا للتنمية (إيغاد) عبر ما يعرف باسم "الآلية الثلاثية"، ضغوطا لإجراء حوار مباشر بين العسكريين والمدنيين. إلا أن كتل المعارضة الرئيسية، مثل قوى الحرية والتغيير وحزب الأمة، رفضت خوض هذا الحوار.

بينما نقل بيان صدر الثلاثاء عن التحالف الذي يضم الموقعين على اتفاق جوبا للسلام بين بعض حركات التمرد المسلح والحكومة، انضمامهم "إلى الحوار الذي تسهله الآلية الثلاثية دون شروط ونطالب بالالتزام باتفاقية جوبا للسلام".

وفي واشنطن، أعلن المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، أنّ الولايات المتّحدة تعتبر أنّ "من السابق لأوانه" تقييم أثر قرار البرهان.

وأضاف أنّ واشنطن تناشد جميع الأطراف في السودان السعي للتوصّل إلى اتّفاق لتشكيل "حكومة يقودها مدنيون" وتنظيم "انتخابات حرّة ونزيهة".

ومن جهته، قال الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش، إنّه يأمل أن يؤدّي قرار البرهان إلى "إيجاد فرصة للتوصّل لاتّفاق".

ودعا غوتيريش في بيان إلى إجراء "تحقيق مستقلّ في أعمال العنف" في السودان.

لكن القيادي في الحرية والتغيير ياسر عرمان، نشر بيانا مساء الثلاثاء، أوضح فيه أن خطاب البرهان "استهدف على نحو رئيسي المجتمع الإقليمي والدولي الذي تبحث بعض أطرافه عن حلول سريعة، وتغلب أطراف أخرى الاستقرار على الديمقراطية".

وأضاف نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال، "يسعى الخطاب لتمرير صفقة عبر الآلية الثلاثية تشرعن للانقلاب وذلك باختيار رئيس وزراء من قبل المدنيين المؤيدين للانقلاب العسكري يتلقى أوامره من القيادة العامة".

أ ف ب