انتقد متعاملون في التجارة الإلكترونية قرارا حكوميا يدخل حيز التنفيذ الخميس بفرض رسوم جمركية على مشتريات شخصية عبر الإنترنت، فيما قالت شركة في هذا القطاع إنها علقت عملها في الأردن بسبب القرار.

في نفس الوقت، قالت هيئة تنظيم قطاع الاتصالات أن القرار يدعم التجار المحليين والمنتج المحلي، بينما طالبت غرفة تجارة عمان ونقابة تجار الألبسة والأحذية بمساواة التجارة الإلكترونية والتقليدية "إما بنسبة الضرائب المفروضة، أو بحجم الإعفاءات الضريبية والجمركية لتحقيق العدالة".

الحكومة أعلنت الاثنين عن إطلاق منصة إلكترونية الخميس لتنظيم التجارة الإلكترونية، في خطوة "تصحيحية" تهدف إلى "إيجاد التوازن المطلوب" وحماية المنتج المحلي من "التغول".

هيئة تنظيم قطاع الاتصالات ذكرت في بيان ردا على استفسارات "المملكة" عن أثر القرار المتوقع على التجارة الإلكترونية في الأردن: "قرار فرض رسوم بدل الخدمات الجمركية على التجارة الإلكترونية يعتبر حماية للتجار المحليين ودعما للمنتج المحلي والذي سيؤدي بدوره إلى تعزيز المنافسة العادلة بين التجار التقليدين والتجار القائمين على خدمات التجارة الإلكترونية".

وتابعت الهيئة: "قد يطال تأثير القرار شركات البريد السريع لما تتطلبه الإجراءات التنظيمية الخاصة بالتخليص الجمركي كسرعة إنجاز خدمة التخليص الجمركي، حيث سيتم تخمين ومعاينة كل طرد وارد من خلال دائرة الجمارك الأمر الذي سيتطلب زيادة في عدد الموظفين لاستيعاب حجم العمل، بالإضافة إلى حاجة شركات البريد السريع إلى مساحات إضافية في المطار".

وفيما يتعلق بالتنسيق مع الهيئة بخصوص القرار الحكومي أشارت الهيئة إلى أنها "تلتزم بتنفيذ جميع القرارات المتعلقة بالمهام المنوطة بها بحسب القوانين والأنظمة ذات العلاقة وبما يخدم تنظيم قطاع البريد في الأردن، بما في ذلك تنفيذ السياسة العامة لقطاع البريد".

وقالت إنها "ستتابع مع الشركات ذات العلاقة مسؤولية تنفيذ القرار الحكومي الأخير وما ينجم عنه من تغذية راجعة تساهم في تقييم سلبياته وإيجابياته".

تعليق عمل

فؤاد جريس، شريك مؤسس في شركة متخصصة في مجال التجارة الإلكترونية، قال إن "الحكومة لم تنسق مع القطاع الخاص قبل فرض الرسوم الجمركية الجديدة على التجارة الإلكترونية".

وأشار إلى أن الشركة قررت تعليق عملها في السوق الأردني جراء القرار الأخير.

"لا يوجد لدينا مشكلة بمساواة الإعفاءات بين التجارة الإلكترونية والتقليدية ... نعمل بالتجارة الإلكترونية ويترتب علينا كلف منها موظفون وحملات إعلانية ومكاتب وتكاليف أخرى إضافة إلى أن هامش الربح أقل من المحلات التقليدية حيث لا يتجاوز 10%،" وفق جريس.

وقال إن الطريقة المقترحة من الحكومة المتعلقة بإيجاد منصة ستواجه صعوبات عند التطبيق لتحديد سقف الشراء وغير ذلك من تحديات.

وتوقع جريس تراجع الطلب على التجارة الإلكترونية لنحو 90% بحسب معطيات متوفرة للشركة التي أسهم في تأسيسها.

وتساءل عن مصير المبيعات التي جرت قبل إقرار القرار ولكن وصولها يتزامن مع تطبيقه.

ويرى أن "غياب استقرار التشريعات أكبر تحدي للشركات في الأردن".

ولم يتسن الحصول على تعليق من شركات أخرى تتعامل بالتجارة الالكترونية.

مليون طرد في 2018

بحسب بيانات هيئة تنظيم قطاع الاتصالات بلغ عدد الطرود البريدية الواردة للأردن عن طريق منصات التجارة الإلكترونية العالمية من خلال شركات البريد السريع الدولية عام 2017 نحو 706.092 طرد فيما ارتفع عام 2018 ليصل 1.360.402 طرد.

نقيب تجار الألبسة والأحذية منير دية قال لـ"المملكة" إن النقابة "لا تؤيد قرار الحكومة بفرض بدل خدمات جمركية على التجارة الإلكترونية"، مشيرا الى أن "مطلب النقابة هو تحقيق العدالة بإيجاد إعفاءات متساوية بين التجارة الإلكترونية والتقليدية أو فرض ضرائب متساوية على الطرفين".

"ندفع أكثر من 50% ضرائب على قطاع الألبسة و 60% على قطاع الأحذية في المقابل التجارة الإلكترونية معفاة من تلك الضرائب" وفق أبو دية.

وحول التنسيق بين النقابة والحكومة حول القرار أشار أبو دية إلى أن القرار "مفاجئ".

وبين أبو دية أن النقابة ليست ضد التجارة الإلكترونية المحلية، لأنها مرتبطة ببضائع مستوفية الضرائب والرسوم.

"ندعو للمساواة بين التجارة الإلكترونية والتقليدية من حيث الدعم والإعفاءات الضريبية وترك الخيار للمواطن" بحسب أبو دية.

حجم مشتريات الأردنيين عن طريق التجارة الإلكترونية فاقت 150 مليون دينار العام الماضي، فيما بلغ حجم الإعفاء من الضرائب والرسوم الجمركية 100 مليون من إجمالي هذه التجارة، وفق مدير مركز جمرك مطار الشحن "التخليص" مفلح أبوعليم.

"تسونامي"

المختص الاقتصادي حسام عايش قال لـ"المملكة" إن التجارة الإلكترونية "تسونامي" يغزو العالم.

"فرض رسوم جمركية سيؤدي لزيادة الكلف على المستهلكين،" وفق عايش.

وأشار عايش إلى أن المشكلة الاقتصادية محليا بضعف القدرة الشرائية للمواطنين وليس التجارة الإلكترونية.

رئيس غرفة تجارة عمان خليل الحاج توفيق قال في منشور عبر صفحته على موقع "فيسبوك" إن التجارة الإلكترونية أمر واقع ومعمول به عالميا ولا يمكن وقفه.

"هناك إقبال من الأردنيين على التجارة الإلكترونية لأسباب عديدة،" وفق الحاج توفيق.

وتساءل الحاج توفيق، "هل يعقل أن يتم إعفاء الطرود البريدية القادمة من الخارج وبالتالي ندعم الشركات الأجنبية على حساب الشركات المحلية التي تدفع جمارك وضرائب تصل إلى 55 % دون أن يتم فحصها أو إخضاعها للرقابة على غرار ما يحصل مع المستورد الأردني؟".

"نحن نطالب بتعديل القرار ليكون هناك عدالة أكبر بين التاجر الملتزم بدفع الجمارك وضريبة المبيعات والدخل والضمان الاجتماعي ورسوم المهن ويشغل شبابنا ويدفع كهرباء ومياه وخدمات وبين من يستخدم التجارة الإلكترونية كوسيلة لتجارة غير عادلة ويحصل من خلالها على إعفاءات بدون وجه حق،" وفق الحاج توفيق.

وقال الحاج توفيق إن الغرفة قدمت مذكرة للحكومة للمطالبة بتوفير العدالة بين التاجر المستورد وبين من يشتري عن طريق الطرود البريدية من الخارج من خلال مساواة الطرفين في الرسوم والضرائب قدر الإمكان.

أراء مختلفة

لكن لبعض الناس أراء مختلفة.

"معظم مشترياتي إلكترونيا تهدف لتوفير الوقت والتخلص من معاناة التسوق وتحقيق جدوى اقتصادية من حيث السعر والجودة، وهي أمور لا تتوفر في السوق التقليدي،" تقول فرح محمد، ربة منزل، في منتصف العقد الثاني من عمرها.

"لم أفهم القرار الحكومي ... سأتوقف عن الشراء إلكترونيا إذا غابت الجدوى الاقتصادية،" بحسب محمد، وهي أم لطفل.

أما بالنسبة، لأسماء، فهي ترى أن القرار الحكومي "لا يمس الأدرنيين فقط وإنما الأجانب الذي اعتادوا على شراء السلع عبر الإنترنت، بهدف الحصول على الجودة التي اعتادوا عليها في بلادهم".

وتبين: "شراء احتياجاتي إلكترونيا فيه توفير المال والوقت والجهد، وضمان الجودة".

"ذهبت لسوق في عمان لشراء قميص من محل معروف، لكني لم أتمكن من شرائه لأن ثمنه كان 75 دينار. وجدت نفس القميص في متجر إلكتروني بـ 15 دينار، بذات الجودة، فقمت بشرائه،" تقول أسماء.

بلغ عدد شركات البريد السريع المرخص لها استقبال البعائث البريدية من الخارج 8 شركات مرخصة إلى جانب شركة البريد الأردني، بحسب هيئة تنظيم قطاع الاتصالات.

رئيس هيئة المديرين في جمعية "إنتاج" التي تضم تحت مظلتها عشرات الشركات التي تعمل بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بشار حوامدة، قال إن فرض رسوم جمركية يضر بقطاع التجارة الإلكترونية.

وأضاف أن القرار الحكومي في رأيه لا يخدم التحول الإلكتروني في الأردن ولا الريادة والإبداع.

"أتوقع إغلاق عدة شركات تعمل بهذا المجال بسبب القرار" وفق حوامدة.

المملكة