أضاء متظاهرون سودانيون الشموع وأطلقوا بالونات في الهواء السبت خلال مسيرات حاشدة في أرجاء البلاد لتأبين عشرات المتظاهرين الذين قتلوا في فض دام لاعتصام أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم الشهر الفائت، على ما أفاد مراسلو وكالة فرانس برس.

وفرّق مسلحون في ملابس عسكرية اعتصاما لآلاف المحتجين أمام مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم في 3 حزيران/يونيو ما أدى إلى مقتل العشرات وإصابة المئات.

وكان المحتجون يشاركون حينها في اعتصام لمطالبة الجيش، الذي أطاح بالرئيس السابق عمر البشير في نيسان/ابريل الفائت، بتسليم السلطة للمدنيين.

ودعا تحالف الحرية والتغيير، المظلة المنظمة للاحتجاجات، لتنظيم مسيرات السبت تحت شعار "العدالة أولا" في أرجاء البلاد في الذكرى الأربعين لضحايا فض الاعتصام الذي أثار تنديدا دوليا.

وهتف المحتجون "الدم بالدم، لا نريد تعويضا"، فيما كانوا يجوبون شوارع منطقة بحري شمالي الخرطوم، أحد معاقل حركة الاحتجاج التي اندلعت في كانون الأول/ديسمبر الفائت ضد نظام البشير.

وقال مدرس اللغة الانجليزية عبد القادر عمر أثناء مشاركته في مسيرة في الخرطوم لفرانس برس "يجب أن نسترد حقوقنا. يجب أن نحرر السودان من ماضيها. نريد حكما مدنيا الآن".

وقال فتى يبلغ 11 عاما ملوّحا بعلم السودان "كل الأمهات بكين في بيوتهن حين تم قتل أبنائهن".

"العدالة للشهداء"

وجلس العديد من المتظاهرين على الأرض في دوائر حول أعلام السودان مشعلين شموعا في عدة أحياء في الخرطوم بعد غروب الشمس.

وتجمع مئات الرجال والنساء في ملعب كرة قدم في حي شمبات في الخرطوم حيث أضاء العديد منهم شموعا وهتفوا "حكم مدني. حكم مدني".

وأغلقت قوات الأمن كل الطرق المؤدية إلى القصر الرئاسي في الخرطوم وانتشر عناصر الأمن وعرباتهم على الطريق المؤدي إلى مطار العاصمة.

وشارك المئات في مسيرات في أم درمان، المدينة المجاورة للخرطوم، فيما خرج مئات المتظاهرين في مسيرات في الشوارع الرئيسية في مدينة بورتسودان على البحر الأحمر شرقي البلاد. 

ونظمت تظاهرات مماثلة في مدينة الأبيض (وسط) ومدينتي مدني وكسلا (شرق).

وأوضح شهود أنّ عددا كبيرا من المشاركين حملوا صورا للمتظاهرين الذين قتلوا في الهجوم ولافتات كتب عليها "العدالة للشهداء"، وهو أحد مطالب حركة الاحتجاج التي تريد محاسبة المسؤولين عن قتل المتظاهرين.

كذلك، شارك متظاهرون في مسيرات في شوارع عطبرة، التي شهدت أول مسيرة ضد قرار الحكومة رفع أسعار الخبز ثلاثة أضعاف في 19 كانون الأول/ديسمبر الفائت، قبل أن تتحول التظاهرات إلى حركة احتجاج واسعة ضد البشير في أرجاء البلاد.

وأطاح الجيش البشير في 11 نسان/ابريل الفائت منهيا حكمه الديكتاتوري الذي استمر ثلاثة عقود، بعدما اعتصم آلاف المتظاهرين خارج مقر القيادة العامة للجيش في وسط الخرطوم في 6 نيسان/ابريل.

لكن منذ إطاحته، رفض المجلس العسكري الذي تولى الحكم تسليم السلطة للمدنيين كما يطالب المحتجون وبعض الدول الغربية.

وجاء فض اعتصام المتظاهرين بعدما انهارت المفاوضات بين المجلس العسكري وقادة الاحتجاجات في أيار/مايو بسبب الخلاف على تشكيلة الإدارة التي ستحكم البلاد ومن سيقودها: مدني أم عسكري.

"شراكة حقيقية"

ويصر المجلس العسكري الحاكم على أنه لم يأمر بفض الاعتصام، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص في ذلك اليوم بحسب ما أعلن قادة الاحتجاج.

 وتصاعد التوتر بين الطرفين بعد فض الاعتصام، ولكن بعد وساطة مكثفة من الاتحاد الأفريقي وإثيوبيا أمكن التوصل لاتفاق لتقاسم السلطة مطلع الشهر الجاري.

ويلحظ الاتفاق تشكيل مجلس عسكري مدني مشترك لقيادة المرحلة الانتقالية التي ستستمر ثلاث سنوات.

وسيرأس "المجلس السيادي" في البداية عسكري لمدّة 21 شهراً، على أن يحلّ مكانه لاحقاً مدني لمدة 18 شهرا حتّى نهاية المرحلة الانتقاليّة.

وفي تجمع حاشد في بلدة حجر العسل في ولاية نهر النيل (حوالى 150 كلم شمال الخرطوم)، أكّد نائب رئيس المجلس العسكري الفريق محمد حمدان دقلو السبت أن الجيش وقادة الاحتجاج "شركاء". 

وقال دقلو المعروف بـ"حميدتي" في كلمة "نحن و(تحالف) الحرية والتغيير لسنا أعداء. نحن شركاء شراكة حقيقية ويجب أن نضع أيدينا في أيدي بعض".

وأعلن وسطاء الاتحاد الأفريقي وإثيوبيا أن جلسة مباحثات بين جنرالات الجيش وقادة الاحتجاج لمناقشة اللمسات الأخيرة على الاتفاق ستعقد الأحد. 

وكان من المقرر أن تعقد المباحثات مساء السبت لكنّ تم تأجيلها بناء على طلب قادة الاحتجاج. 

أ ف ب