زار رئيس الوزراء الإسباني بدرو سانشيز وزعيم المعارضة  بابلو كاسادو، الاثنين، برشلونة لعقد اجتماع مع قيادات الشرطة التي تعاني في التصدي لأعمال عنف يمارسها الانفصاليون الكاتالونيون، في أزمة قد تقلب الموازين في الانتخابات العامة المقررة الشهر المقبل.

وجاءت الزيارة في توقيت يواجه فيه سانشيز انتقادات متزايدة لطريقة تعامله مع الأزمة التي اندلعت قبل أسبوع حين أصدرت المحكمة العليا أحكاماً مشددة بالحبس بحق 9 قياديين انفصاليين على خلفية محاولة الاستقلال التي جرت في العام 2017.

وعلى مدى الأسبوع الماضي تعرّض أكثر من 600 شخص لإصابات، لا يزال اثنان منهم في حال حرجة جراء أعمال شغب شملت إحراق سيارات وعوائق ورشقا بالحجارة لعناصر الشرطة الذين ردوا بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع والأعيرة المطاطية.

وهيمنت أخبار أعمال العنف على نشرات الأخبار في إسبانيا، وتصدّرت عناوين الصحف حول العالم لكن مدريد تبدو حتى الآن غير مستعدة للتدخل المباشر، على الرغم من دعواتها المتكررة لرئيس الإقليم كيم تورا لإدانة العنف.

ولا تصب الأزمة في مصلحة الحزب الاشتراكي الحاكم وقد أفادت استطلاعات نُشرت، الاثنين، بتزايد التأييد للحزب الشعبي المحافظ المعارض.

وإذا ما أجريت الانتخابات اليوم، سينال الاشتراكيون 117 مقعداً من أصل 350 يتألف منها المجلس، أي أنه يخسر 6 مقاعد مقارنة بالنتيجة التي حققها في انتخابات نيسان/أبريل الماضي حين نال 123 مقعداً. في المقابل، سينال الحزب الشعبي 103 مقاعد أي أنه سيحصد 37 مقعداً إضافيا مقارنة بالنتيجة التي حققها في الانتخابات السابقة حين اكتفى بـ 66 مقعداً، بحسب استطلاع أجرته صحيفة "إلدياريو" الإسبانية.

عزل تورا وتعليق الحكم الذاتي

وفي كلمة ألقاها في مقر قيادة الشرطة أقر سانشيز بأن الأزمة لم تنته بعد لكنّه حذّر بأن الحكومة لن تتراجع.

وقبيل زيارته شرطيين مصابين في المستشفىـ قال سانشيز "من الواضح أن المتطرفين الذين يمارسون أعمال العنف قرروا أن يجعلوا من برشلونة مسرح عمليات للتعبير عن غضبهم للداخل والخارج".

وأضاف "صحيح أن الأزمة لم تنته، لكن علينا أن نستمر في المحاولة. يريدون أن يزيدوا الأمور سوءا لكننا أكثر إصراراً بكثير، وأكثر تصميماً بكثير".

واستغل زعيم الحزب الشعبي اليميني بابلو كاسادو زيارته إلى برشلونة لمطالبة الحكومة بـ"التشدد" في التصدي لمثيري الشغب وناشدها العمل على "استتباب الأمن فورا في شوارع كاتالونيا".

وتعرّض سانشيز مرارا لانتقادات من خصومه لتساهله مع الانفصاليين. والأحد طالب الحزب المناهض للانفصال "سيودادانوس" مدريد بعزل تورا وتعليق الحكم الذاتي في كاتالونيا، على غرار ما فعلت في العام 2017.

ويرفض سانشيز حتى الآن إجراء أي حوار مع تورا على الرغم من دعوة الأخير مدريد لإجراء محادثات "غير مشروطة" في ما يبدو محاولة منه لضمان إجراء استفتاء قانوني على الاستقلال، وهو ما ترفضه مدريد وتؤكد أن الدستور لا يجيزه.

فتح حوار

لكن نائب الرئيس السابق لإقليم كاتالونيا أوريول جونكيراس الذي حكم عليه بالحبس 13 عاما، وهي العقوبة الأشد بين تلك التي صدرت بحق القياديين الانفصاليين، قال إن المخرج الوحيد للأزمة هو بالحل السياسي.

وقال جونكيراس في تصريح مكتوب لمحطة "تي في 3" التلفزيونية إن "السياسية هي السبيل لإنهاء هذه المواجهات".

وتابع "على الدولة أن تجلس إلى طاولة (التفاوض) وأن تبحث في كيفية إيجاد حل سياسي".

وقال وزير داخلية إقليم كاتالونيا ميكيل بوش إن تجاهل سانشيز الانفتاح الذي يبديه تورا غير مقبول، وشدد على ضرورة الحوار قائلا إن "المشاكل السياسية تحل بالسياسية".

وعلى الرغم من أن الهدوء عاد نسبياً إلى برشلونة في نهاية الأسبوع، تظاهر نحو 500 ناشط الإثنين في وسط المدينة لمطالبة سانشيز بـ"فتح حوار".

وتجمّع مئات المحتّجين أمام مبنى تابع لوزارة الداخلية في برشلونة في تحرّك دعت إليه "لجان الدفاع عن الجمهورية"، وهي حركة متطرّفة. وألقى عدد منهم بالونات مملوءة بالطلاء على سيارات تابعة للشرطة متوقفة أمام المبنى.

أ ف ب