قتل 25 مدنياً على الأقل الخميس في غارات استهدفت محافظة درعا، في حصيلة هي الأكثر دموية منذ بدء قوات النظام السوري هجومها ضد الفصائل المعارضة في هذه المنطقة الجنوبية.

وتشن قوات النظام منذ نحو عشرة أيام عملية عسكرية واسعة في محافظة درعا، انضمت اليها حليفتها روسيا قبل ايام وحققت بفضلها تقدماً سريعاً على حساب الفصائل المعارضة. 

وأجبرت العملية عشرات الآلاف على الفرار من بلداتهم وقراهم خصوصاً في الريف الشرقي، توجه معظمهم الى المنطقة الحدودية مع الأردن، الذي أكد أنه سيبقي حدوده مغلقة. 

وحضت الأمم المتحدة بدورها الخميس عمان على فتح الحدود.

وتواصل الطائرات الحربية السورية والروسية الخميس استهداف مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في ريفي درعا الشرقي والغربي بعشرات الضربات الجوية، كما تلقي مروحيات النظام البراميل المتفجرة.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الانسان الخميس عن مقتل 25 مدنياً على الأقل جراء غارات روسية استهدفت بلدات عدة. وكان افاد سابقاً عن مقتل 22.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس إن "17 مدنياً من هؤلاء، بينهم خمسة أطفال، قتلوا جراء غارة استهدفت قبواً كانوا يحتمون فيه في بلدة المسيفرة"، مشيراً إلى أن "أكثر من 35 غارة روسية استهدفت البلدة منذ الصباح" غداة خروج مستشفى فيها من الخدمة جراء غارات روسية أيضاً.

وتعد هذه الحصيلة "الأكثر دموية" منذ بدء التصعيد على محافظة درعا في التاسع عشر من يونيو، وفق عبد الرحمن.

وتأتي هذه الحصيلة غداة مقتل 21 مدنياً جراء الغارات، فيما ارتفعت حصيلة القتلى المدنيين منذ بدء التصعيد إلى 93 مدنياً، وفق المرصد.

- ادانة دولية -

وتستعد الطواقم الطبية في احدى مستشفيات غرب درعا لاستقبال الجرحى الوافدين من المسيفرة، وفق ما قال الطبيب بهاء محاميد مدير عمليات اتحاد المنظمات الطبية الاغاثية في جنوب سوريا.

وأوضح محاميد لفرانس برس "بسبب عدم توفر الخدمات الطبية في الريف الشرقي والوضع الأمني، فإن معظم الاصابات تتوجه نحونا في الريف الغربي". 

وفقدت تلك المنظمة، وفق قولها، احد العاملين في كوادرها في غارات ليل الاربعاء، الثالث من فريقها خلال اسبوع.

وباتت خمسة مستشفيات خارج الخدمة منذ بدء التصعيد جراء غارات طالت محيطها، ما تسبب بأضرار أجبرتها على إغلاق أبوابها.

وبدأت قوات النظام عملياتها العسكرية انطلاقاً من ريف درعا الشرقي، حيث حققت تقدماً ميدانياً مكنها من فصل مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في الريف الشرقي الى جزأين، قبل أن توسّع نطاق عملياتها لتشمل مدينة درعا وريفها الغربي.

وانضمت الطائرات الحربية الروسية يوم السبت إلى العملية العسكرية. 

وتمكنت قوات النظام منذ بدء هجومها من السيطرة على عدد من القرى والبلدات. كما تخوض اشتباكات مستمرة قرب قاعدة عسكرية في جنوب غرب مدينة درعا، من شأن السيطرة عليها أن تمكنها من فصل مناطق سيطرة الفصائل في ريف درعا الغربي عن تلك الموجودة في ريفها الشرقي.

وعادة ما تتبع قوات النظام استراتيجية عزل مناطق سيطرة الفصائل المعارضة عن بعضها في مسعى لاضعافها وتشتيت جهودها قبل السيطرة على مناطقها.

ودانت دول غربية عدة داعمة للمعارضة، على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، الهجوم، مطالبة موسكو بوقف قصفها للمنطقة التي ترعى فيها اتفاقا لخفض التصعيد منذ عام.

وتعد محافظات الجنوب احدى مناطق خفض التصعيد الأربع في سوريا. وقد أُعلن فيها وقف لإطلاق النار برعاية أميركية أردنية في تموز/يوليو الماضي.

- "افتحوا الحدود للأطفال" -

وتركز القصف الجوي الاربعاء على ريف درعا الجنوبي الشرقي. 

وأوردت منظمة الخوذ البيضاء في الجنوب، الدفاع المدني في مناطق المعارضة، على حسابها على تويتر أن عشرات الغارات الجوية استهدف بلدات عدة مثل بصرى الشام والحراك والكرك، "ما تسبب بحركة نزوح واسعة".

كما أفاد المرصد السوري بأن القصف يطال منذ الاربعاء مناطق ذات كثافة سكانية.

وأوضح الباحث السوري المتحدر من درعا أحمد أبازيد لفرانس برس أن "القصف الكثيف يهدف الى قطع مقومات الحياة، ودفع الناس للنزوح الجماعي وهذا ما يحصل فعلياً"، مشيراً إلى أن القصف "يركز على مناطق آهلة بالسكان والنازحين لايقاع اكبر عدد من الضحايا ودفع الفصائل او المناطق للاستسلام او المصالحة".

ويعيش نحو 750 ألف شخص وفق الأمم المتحدة، في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة التي تشمل سبعين في المئة من محافظتي درعا والقنيطرة. وفر 50 ألفاً من بلداتهم وقراهم، وفق الأمم المتحدة. ويتوجه غالبيتهم إلى المنطقة الحدودية مع الأردن الذي أعلن عدم قدرته على استيعاب موجة لجوء جديدة، مؤكداً أن حدوده "ستظل مغلقة".

وقال رئيس مجموعة الامم المتحدة للعمل الإنساني في سوريا يان ايغلاند في جنيف "نحض الاردن على فتح حدوده". 

وأشار إلى توقف القوافل الانسانية من الأردن نحو جنوب سوريا. وقال إن "طريق الامدادات من الحدود الاردنية، الشديد الفعالية حتى الان، قد توقف بسبب المعارك في الأيام الاخيرة"، موضحا "شدة المعارك ادت الى عدم وجود اتفاق لضمان مرور آمن للقوافل".

وفي مدينة درعا حيث يتواصل القصف على الأحياء الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة، قال المقاتل أحمد أبو حازم (26 عاماً) لفرانس برس "الأهالي ذهبواً جميعاً. لم يبق أي مدني".

أ ف ب