قالت تركيا، الخميس، إنّ الولايات المتحدة قد تسلمّها صواريخ باتريوت، وذلك بالتزامن مع مقتل جنديين تركيين في هجمات نسبت إلى الجيش السوري في منطقة إدلب شمال غرب سوريا.

وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، الخميس، في مقابلة مع محطة سي إن إن التركية "هناك تهديدات بضربات جوية وصواريخ تستهدف بلدنا (...) قد يكون هناك دعم من الباتريوت" إلا أنه استبعد أي مساندة برية من القوات الأميركية.

الخميس، أعلنت أنقرة مقتل اثنين من جنودها في غارة جوية نسبت إلى الجيش السوري، ما يرفع عدد العسكريين الأتراك الذين قتلوا في المنطقة منذ شباط/فبراير إلى 16.

وأجريت المقابلة، الخميس، قبل إعلان أنقرة مقتل جندييها.

وتدفع هذه التطورات نحو مزيد من التوتر في محافظة إدلب، وتهدد بتفاقم الوضع الإنساني المأساوي في ظل نزوح نحو مليون شخص منذ كانون الأول/ديسمبر.

وتثير المواجهات التي تزايدت في الآونة الأخيرة بين أنقرة ودمشق انقسامات تتزايد حدّتها بين تركيا، الداعمة لفصائل معارضة في إدلب، وروسيا الداعمة للحكومة السورية.

وفي المقابلة، أكد خلوصي أن "لا نية لدينا لخوض مواجهة مع روسيا"، مضيفا أن المحادثات ستستمر مع المسؤولين الروس.

والخميس، أشار الجيش الروسي إلى تنفيذه ضربات لوقف هجوم قادته فصائل مسلحة مدعومة من أنقرة باتجاه نقاط يسيطر عليها الجيش السوري، ودعا تركيا إلى "الكف عن دعم أنشطة الإرهابيين و(التوقف) عن مدّها بالأسلحة".

بدورها أعربت الخارجية الروسية على لسان المتحدثة باسمها ماريا زاخاروفا عن "قلقها العميق لدعم القوات المسلحة التركية للمقاتلين".

وقالت زاخاروفا بحسب ما نقلت عنها وكالة ريا نوفوستي للأنباء إنّ "مثل هذا الحادث ينتهك الاتفاقات الروسية-التركية (...) ويهدّد بتصعيد النزاع مجدّداً في هذا الجزء من التراب الوطني السوري".

من جهته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن فصائل معارضة شنّت بدعم من القوات التركية هجوماً على مواقع قوات سورية في بلدة النيرب الواقعة في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، ولفت إلى مقتل 27 مقاتلا من الطرفين.

وبحسب موسكو والمرصد، فإنّ المدفعية التركية قصفت مواقع للجيش دعماً للهجوم الذي تتعرض له.

ويأتي هذا الهجوم غداة تحذير الرئيس التركي رجب طيب اردوغان سوريا ودعوته إياها إلى الانسحاب من بعض المواقع في إدلب قبل نهاية شباط/فبراير، وهدد باللجوء إلى القوة في حال لم يتم ذلك.

وقالت تركيا الخميس إنّها ردّت على الضربة التي أسفرت عن مقتل عسكرييها، باستهداف مواقع للجيش. وأكدت تحييد نحو 50 جنديا سوريا وتدمير دبابات، في حصيلة لم يكن بالإمكان التأكد منها فوراً وبصورة مستقلة.

مفاوضات غير مثمرة

وتخضع إدلب لمقتضيات اتفاق لـ "خفض تصعيد" جرى التوصل إليه سابقا بين أنقرة وموسكو، ولكنّه تحوّل إلى اتفاق نظري إثر التطورات الأخيرة.

وفي كانون الأول/ديسمبر، أطلق الجيش السوري، هجوما واسعا لاستعادة آخر معقل للفصائل المعارضة، وحقق عدداً من المكتسبات في الأسابيع الأخيرة.

وسارعت تركيا في الأيام الأخيرة لإرسال تعزيزات عسكرية، ولكنّها لم تكن كافية حتى الآن لردع الجيش من مواصلة عمليته.

ولم تسفر مفاوضات بين مسؤولين أتراك وروس في الأيام الأخيرة عن خفض التوتر.

وأعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش اوغلو الخميس "ثمة تقارب طفيف (بالمواقف) خلال المفاوضات الأخيرة. رغم ذلك، لم نحصل بعد على ما نريده".

وتخشى تركيا أن تؤدي التطورات في هذه المنطقة الحدودية إلى تدفق موجة جديدة من اللاجئين نحو أراضيها. وهي تستقبل حالياً 3,6 ملايين سوري.

ويتواصل تدهور الوضع الإنساني في محافظة إدلب منذ بدء هجوم الجيش السوري شمال-غرب البلاد.

"إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية"

وقتل أكثر من 400 مدني، بينهم 112 طفلا، منذ بدء الجيش هجومه، بحسب المرصد السوري.

ومن جانبها، تشير الأمم المتحدة إلى أنّ نحو 900 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، فروا من أعمال العنف شمال-غرب سوريا منذ كانون الأول/ديسمبر.

وأضافت الأمم المتحدة، الخميس، أن 170 ألفاً منهم يقيمون في العراء رغم البرد القارس.

وإزاء هذا الوضع، حثت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الخميس تركيا والدول المجاورة لسوريا على استقبال مزيد من اللاجئين.

ودعت المفوضية إلى إتاحة الفرصة "للأشخاص الأكثر عرضةً للخطر بالوصول إلى بر الأمان".

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قال، لدى وصوله الخميس إلى بروكسل، حيث يشارك في قمة أوروبية، "منذ اسابيع عدة، (ما يحصل هو) احدى أسوأ الازمات الانسانية" في ادلب.

والخميس عبّرت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل والرئيس الفرنسي خلال محادثة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن "القلق" ازاء "الوضع الانساني الكارثي" في ادلب، بحسب بيان للمستشارية الألمانية جاء فيه أن ميركل وماكرون "عبرا عن رغبتهما في لقاء الرئيس بوتين والرئيس التركي اردوغان للتوصل إلى حل سياسي للأزمة" في سوريا.

أ ف ب + المملكة