تعيش أوروبا والولايات المتحدة أوقاتاً عصيبة في مواجهة فيروس كورونا، بينما بدأت ووهان الصينية التي انتشر منها الوباء تخرج تدريجاً من العزل التام. وفي غياب لقاح أو علاج مثبت للمرض، فُرض على أكثر من ثلاثة مليارات شخص البقاء في منازلهم طوعاً أو قسراً.

وأوقع فيروس كورونا المستجدّ أكثر من 30 ألف وفاة حول العالم منذ ظهوره في كانون الأول/ديسمبر، بحسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس استنادا إلى مصادر رسمية حتى الساعة 19.00 ت غ من السبت.

وسُجّل ثلثا الوفيات التي بلغت حصيلتها الإجمالية 30.003 حالات، في أوروبا.

وتخلّى الرئيس الأميركي دونالد ترامب السبت، عن فكرة فرض حجر صحّي على ولايات نيويورك ونيوجيرسي وكونيتيكت، بعدما كان تطرّق في وقت سابق إلى هذه الفرضيّة في إطار مواجهة فيروس كورونا. وقال ترامب إنّه طلب من مراكز مكافحة الأمراض، وهي الهيئة الصحّية الوطنيّة، إصدار بيان "حازم" يمنع حركة الدخول إلى هذه الولايات، أو الخروج منها، دون أن يعني ذلك إغلاقاً لحدودها.

وتجاوز عدد الوفيات جرّاء فيروس كورونا في الولايات المتحدة الألفين السبت، بينما ارتفع عدد الإصابات إلى أكثر من 120 ألفًا، استنادا إلى إحصاء لجامعة جونز هوبكنز.

وسجّلت الولايات المتحدة 121.117 إصابة مؤكّدة بالفيروس. أمّا عدد الوفيات على أراضيها الذي بلغ 2.010، فقد تضاعف منذ الأربعاء.

وولاية نيويورك هي الأكثر تضررا من فيروس كورونا في الولايات المتحدة وقد سجّلت 52.318 إصابة، و728 حالة وفاة.

في بريطانيا، حذّر رئيس الوزراء بوريس جونسون السبت، من أنّ بلاده ستّتجه نحو الأسوأ بالنسبة إلى انتشار فيروس كورونا، قبل أن تبدأ مرحلة الانفراج، وذلك مع تخطّي حصيلة الوفيات عتبة الألف بعد تسجيل 260 وفاة في يوم واحد. 

وأطلق الزعيم المحافظ الذي أصيب بالفيروس هذا الأسبوع، التحذيرَ في منشور وزّع على كلّ المنازل في بريطانيا لحضّ السكّان على المساعدة في الحدّ من انتشار الفيروس من خلال اتّباعهم الإرشادات.

وكتب جونسون "نحن نعلم أنّ الأمور ستّتجه إلى الأسوأ، قبل أن تبدأ بالتحسّن". ووفق الحصيلة الرسمية الصادرة السبت التي تشير إلى تسارع واضح في تفشي الوباء، بلغ عدد الوفيات 1019، والإصابات 17089.

ويعيش جونسون حاليًا في العزل، لكنّه يقول، إنّ عوارضه خفيفة، وهو يُتابع جهود مواجهة الوباء.

من جهتها، سجّلت فرنسا 319 وفاة جديدة جراء فيروس كورونا في الساعات الأخيرة، مما يرفع الحصيلة الإجمالية للوفيات إلى 2314 منذ بدء الجائحة، وفق أرقام نُشرت السبت على الموقع الإلكتروني للحكومة الفرنسية.

كما سجّلت إسبانيا 832 وفاة بفيروس كورونا خلال 24 ساعة، في حصيلة يومية قياسية السبت، بينما أشار مسؤولون إلى أن الوباء اقترب على ما يبدو من بلوغ ذروته في البلاد.

إلى ذلك، تخطّت حصيلة الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا في إيطاليا عشرة آلاف حالة، مع تسجيل 889 وفاة خلال الساعات الماضية، وفق ما أعلن الدفاع المدني السبت.

وسجّلت قطر السبت أول وفاة بفيروس كورونا، في وقت تخطّى عدد المصابين في دول الخليج الستّ ثلاثة آلاف.

أما في الصين، فأعيد فتح مدينة ووهان التي رصدت فيها أول إصابة بالفيروس، في إجراءات تدريجية السبت بعد عزلها لشهرين ونصف شهر تقريبا، مع وصول أول قطار يقل مسافرين ظلوا بعيدين عنها كل تلك المدة.

أمر عسير

دفع انتشار الفيروس الرئيس الأميركي إلى إصدار مرسوم يلزم مجموعة صناعة السيارات "جنرال موترز" بإنتاج أجهزة تنفس اصطناعي أساسية لمرضى كوفيد-19 مع ارتفاع أعداد الذين يتم إدخالهم إلى المستشفيات، وذلك فيما بدأت هذه الأجهزة تنفد بعد أسابيع من تفشي الوباء.

وقالت ديانا توريس (33 عاما) الممرضة المتخصصة بإعادة التأهيل في مستشفى في نيويورك، إنهم "يقومون بترشيد استهلاك التجهيزات. هذا يُلزمنا بارتداء كيس نايلون فوق بزتنا لنستخدمها فترة أطول".

أما رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو فأعلن السبت، أن مواطني بلاده الذين تظهر عليهم عوارض الإصابة بفيروس كورونا سيمنعون من السفر عبر الطائرات أو رحلات القطارات بين المدن، في إجراء يدخل حيز التنفيذ الاثنين.

على الضفة الأخرى، صرح المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غبرييسوس أن "النقص العالمي المزمن في معدات الوقاية الفردية" للفرق الصحية يشكل "التهديد الأكثر إلحاحا" لهم.

وفي إعلان يعكس أهمية هذه المسألة، أعلن وزير الصحة الفرنسي أوليفييه فيران أنّ بلاده طلبت "أكثر من مليار" كمامة واقية لمواجهة تفشي الوباء.

وتسارعت السبت، وتيرة نقل الجيش الألماني لفرنسيين وإيطاليين مصابين بفيروس كورونا إلى ألمانيا لتلقي العلاج.

أما روسيا آخر قوة كبرى لم تتخذ حتى الآن أي إجراء للعزل العام، فقررت إغلاق المطاعم، ومعظم المتاجر اعتبارا من السبت. 

كما أعلنت السلطات أنّ روسيا ستقيّد الحركة عبر كامل حدودها بدءاً من الاثنين لمكافحة الفيروس.

من أجل البقاء

أغلقت إيران الدولة الرابعة الأكثر تضررًا من حيث عدد الوفيات التي تجاوزت 2500 لديها، أماكن الزيارات الدينية، وعلقت صلاة الجمعة في المساجد. 

وفي الدول الأكثر فقراً، ولا سيما في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث تهدد القيود المفروضة على الحركة سبل عيش الناس الذين يكسبون قوتهم يوماً بيوم، لا تعد إجراءات العزل أمراً بديهياً. 

ومع تسجيل نحو 3300 إصابة وأكثر من 90 وفاة في إفريقيا، حذر المسؤول الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية ماتشيديسو ريبيكا مويتي من أن انتشار الفيروس في القارة سيتبع "تطورا دراماتيكيا".

في لاغوس، العاصمة الاقتصادية لنيجيريا، والمدينة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في القارة، حيث اكتفت السلطات في الوقت الحالي بإغلاق المدارس والأماكن العامة والحانات وأسواق السلع غير الغذائية، وبتوجيه تعليمات بشأن البقاء في المنزل، تطرح مسألة عدم الاختلاط الاجتماعي إشكالية. 

وقال روتيمي أويديبو، بائع المنتجات الكيميائية الذي أغلق متجره بأمر من الشرطة "بحلول الاثنين أو الثلاثاء، في غضون أيام قليلة، سيغادر الجميع منازلهم ويفعلون ما يتعين عليهم القيام به من أجل البقاء".

وفي أحد أحياء جوهانسبرغ الفقيرة، أطلقت شرطة جنوب إفريقيا الرصاص المطاطي السبت لتفريق مئات الأشخاص الذين تجمعوا أمام أحد المتاجر في انتهاك لتعليمات العزل.

كوابيس 

حذرت جمعية الصليب الأحمر من الآثار النفسية للعزل من خلال زيادة مستويات الاكتئاب والقلق وغيرها من المشكلات النفسية. من جانبه، تحدث طبيب قلب إيطالي بالغ من العمر 65 عامًا قضى 8 أيام "معزولًا عن العالم" في وحدة العناية المركزة بمستشفى في روما عن "الكوابيس الليلية" التي تراود المرضى.

في مواجهة الكارثة الاقتصادية التي بدأت تشعر دول العالم بوطأتها، تحاول الأسرة الدولية ضخ مبالغ هائلة في النظام المالي.

وفضلا عن اعتماد الولايات المتحدة خطة إنعاش هائلة تتجاوز قيمتها الألفي مليار دولار لإنقاذ اقتصادها المهدد بالشلل، تعهدت دول مجموعة العشرين ضخ 5 تريليونات لدعم الاقتصاد العالمي.

وصرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لثلاث صحف إيطالية السبت "لن نتجاوز هذه الأزمة من دون تضامن أوروبي قوي على مستويي الصحة والموازنة".

أ ف ب