أكّدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الأربعاء إحراز "تقدّم" في مباحثاتها مع بروكسل، لكنّ اجتماعها برئيس المفوضية الأوروبية لم يتح إبعاد شبح خروج كارثي للمملكة المتحدة من الاتّحاد الأوروبي بعد ستة أسابيع.

وعادت ماي إلى بروكسل بأمل معلن في الحصول على "تعديلات ملزمة قانونيا" لاتفاق بريكست المبرم مع الاتحاد الأوروبي والذي رفضه البرلمان البريطاني في يناير في حين من المقرر أن يقع الطلاق بين لندن وبروكسل في 29 مارس 2019.

وقالت ماي بعد لقائها رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر على مدى ساعة ونصف الساعة في مقرّ المفوضية "أجريت مقابلة بناءة"، مضيفة "حقّقنا تقدّماً".

واتّسمت لهجة البيان المشترك الذي صدر إثر الاجتماع بالتفاؤل. وجاء في البيان "اتفق المسؤولان على أن المباحثات كانت بنّاءة، وقد حضّا فريقيهما على مواصلة استكشاف الخيارات بروح إيجابية"، مشيرا إلى أن ماي ويونكر "سيتباحثان مجدّدا قبل نهاية الشهر".

لكنّ ماي لم تحصل على إعادة النظر في مسألة "شبكة الأمان" الإيرلندية المثيرة للجدل الهادفة إلى منع عودة حدود مادية داخل جزيرة إيرلندا، الأمر الذي تحتاج إليه للحصول على موافقة البرلمان البريطاني.

واكتفى البيان بالإشارة إلى أن الطرفين اتفقا على بحث "ماهية الضمانات" التي يمكن تقديمها لضمان أن تكون "شبكة الأمان" موقتة، وطبيعة "تفاهمات أخرى" يمكن أن تحل محلها مستقبلا.

ولم يكن واردا إعادة التفاوض حول اتفاق الطلاق الذي كانت ماي بحثته مع بروكسل لنحو عام ونصف عام مقابل إمكانية "تعديلات" في البيان السياسي المرافق لاتفاق الخروج من الاتحاد.

ويحدد الإعلان السياسي الخطوط الكبرى للعلاقة التي يريد الطرفان إقامتها بعد الطلاق، مع إمكان انتفاء الحاجة إلى شبكة الأمان إذا توصلا مستقبلا إلى شراكة تجارية طموحة مع نهاية المرحلة الانتقالية لما بعد بريكست.

وتثير مسألة "شبكة الأمان" التي تنص على إبقاء بريطانيا ضمن وحدة جمركية مع الاتحاد الأوروبي، معارضة قوية من أنصار خروج المملكة من الاتحاد.

وأدخل هذا البند على اتفاق بريكست كحل أخير لتفادي عودة الحدود في جزيرة إيرلندا. وينص على بقاء المملكة المتحدة ضمن اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي، وبقاء مقاطعة إيرلندا الشمالية البريطانية ضمن السوق الأوروبية المشتركة للسلع، وذلك لتفادي كل رقابة جمركية وتنظيمات مادية بين شطري إيرلندا.

لكن في بريطانيا يرى أنصار بريكست في هذا البند "فخا" قد يبقي بلادهم مرتبطة بشكل دائم بالاتحاد الأوروبي. وتسعى ماي إلى الطمأنة من خلال الحصول على ضمانات من بروكسل حول الطابع المشروط والمؤقت لهذا الإجراء الذي وافقه عليه.

لكن كبير المفاوضين الأوروبيين في ملف بريكست ميشال بارنييه "أكد أن الدول الـ27 لن تعيد التفاوض في الاتفاق" المبرم مع ماي كما قال الثلاثاء المتحدث باسم المفوضية مرغريتيس سكيناس. وأعلن أنه لا يمكن للاتحاد الأوروبي "القبول بتحديد مهلة زمنية لشبكة الأمان، ولا بند الخروج الأحادي منها".

لكن الاتحاد الأوروبي مستعد لـ"مراجعة" الإعلان السياسي المرفق بمعاهدة الخروج والهدف منه وضع الخطوط العريضة للعلاقة التي سيقيمها الطرفان بعد بريكست.

وذكر مصدر دبلوماسي أن "المشكلة الجوهرية هي أن تيريزا ماي لا تحمل تفويضا برلمانيا. ولن نتمكن من التفاوض معها فعليا إلا بعد حصولها على تفويض ما يعني أننا وصلنا إلى شهر مارس".

وأعلن مصدر دبلوماسي آخر أن "ماي لا تملك غالبية لأي شيء" في بلادها. وتابع "لا تزال تعم بريطانيا حالة من الفوضى، ومن ثم لا يرى الاتحاد الأوروبي ضرورة في اتخاذ خطوة حيال البريطانيين في هذه المرحلة".

والأربعاء، أعلنت ثلاث نائبات يؤيدن إجراء استفتاء ثان حول بريكست استقالتهن من الحزب المحافظ؛ بسبب رفضهن سياسة الحكومة.

وستنضم المستقيلات إلى "المجموعة المستقلة" التي أسسها الاثنين سبعة نواب عماليين بعدما استقالوا من حزبهم.

وبعد زيارة ماي الأربعاء يزور زعيم المعارضة العمالية البريطانية جيريمي كوربن بدوره الخميس بروكسل إذ سيجتمع بكبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه.

كما أعلن أن وزير الدولة البريطاني المكلف بريكست ستيفان باركلي والنائب العام النافذ جيفري كوكس المكلف تقديم الاستشارة القانونية للحكومة البريطانية سيزوران بروكسل.

أ ف ب