يحيي العراق الاثنين الذكرى الأولى لتحرير البلاد من "تنظيم الدولة" الإرهابي المعروف بـ "داعش"، مع تعهد رئيس الوزراء الجديد عادل عبد المهدي في محاربة الفساد وإعادة الإعمار رغم الأزمة السياسية التي تواجهها حكومته.

ومن المرتقب أن تتمّ إعادة افتتاح جزئي للمنطقة الخضراء المحصنة في وسط العاصمة، تزامنا مع هذه الذكرى، وفق فرانس برس.

وتضم المنطقة الخضراء مقار البعثات الدبلوماسية، وتحظى بتدابير أمنية مشددة، وهي مغلقة أمام حركة السير إلا بأذونات للقاطنين أو العاملين داخلها. ويساهم إغلاقها في زحمة سير خانقة في العاصمة.

وقالت وكالة رويترز إن الحكومة العراقية بدأت "في إزالة الأسلاك الشائكة والجدران الخرسانية المحيطة بالمنطقة الخضراء في بغداد ، وافتتاحها جزئياً للمقيمين كجزء من الذكرى الأولى لانتصار البلاد على الجماعات المتطرفة وفي محاولة لإصلاح علاقتها مع السكان المحليين".

وقال اللواء حامد اللامي رئيس أركان قيادة عمليات بغداد أنه "سيتم إعادة فتح المباني والحدائق بداخل المنطقة، بعد أن تم إغلاق الطريق المحيط منذ عام 2003 ، والآن نريد إعادة فتحها لتخفيف الازدحام المروري".

 

وأعلن العراق في ديسمبر 2017، دحر الجهاديين بعد أكثر من 3 سنوات من المعارك الدامية في غرب العراق وشماله.

وقال رئيس الوزراء العراقي في كلمة لهذه المناسبة خلال احتفال في وزارة الدفاع العراقية إن العراق سجل "أكبر نصر على قوى الشر والإرهاب، وانتصرنا بشرف عظيم".

وتعهد عبد المهدي بالعمل على "عودة النازحين وإعمار مدنهم"، إضافة إلى تقديم "الخدمات وفرص العمل للمحافظات التي أسهمت بتحقيق النصر".

وأكد عبد المهدي على أن "النصر النهائي الذي نصبو إليه هو تحقيق الرفاه لشعبنا والقضاء على الفساد. ما لم ننتصر على الفساد، سيبقى نصرنا منقوصا".

وسبق لسلفه حيدر العبادي أن أعلن في أعقاب إعلان "النصر"، أن الحرب المقبلة ستكون ضد الفساد "الوجه الآخر للإرهاب"، في بلد يحتل المرتبة الـ12 في لائحة الدول الأكثر فسادا في العالم.

لكن مشكلة تفشي الفساد والتحاصص السياسي كان لها دور أساسي في الإطاحة بالعبادي.

واعتبر رئيس الجمهورية برهم صالح في تغريدة عبر حسابه على "تويتر" اليوم أن العراق حقق "النصر العسكري بأثمان عظيمة، ما يتوجب علينا إنجاز النصر النهائي بنصر سياسي ومجتمعي وثقافي ننهي به عوامل وبيئة نشوء العنف والإرهاب والجريمة".

مسيرات واحتفالات

وسيطر "داعش" الإرهابي منذ العام 2014 على أكثر من ثلث مساحة العراق، وجعل من مدينة الموصل شمالي البلاد ما يشبه "عاصمة" لـ"الخلافة" التي أعلنها بعد انتشاره في مساحات شاسعة من سوريا والعراق.

وعلى مدى أكثر من 3 سنوات، خاضت القوات العراقية مدعومة بفصائل الحشد الشعبي وطائرات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، معارك دامية لدحر المسلحين.

وستشهد بغداد ومدن عراقية عدة احتفالات متفرقة الاثنين في ذكرى إعلان النصر، إلى جانب استعراضات عسكرية.

ومنذ مساء الأحد، بدأت مسيرات سيارت رافعة الأعلام العراقية، تجوب شوارع بغداد. كما زينت سيارات الشرطة بأشرطة ملونة.

ولكن خلف تلك الاحتفالات، لا تزال الأزمات قائمة في بلد عاش حروبا متواصلة على مدى أكثر من أربعين عاما.

فتأتي هذه الذكرى في وقت لا تزال البلاد وسط أزمة سياسية، في انتظار استكمال التشكيلة الحكومية، وأمام تحديات عدة، أبرزها إعادة إعمار المناطق المتضررة وإعادة النازحين.

وحتى اليوم، لا يزال "أكثر من 1.8 مليون عراقي نازحين في جميع أنحاء البلاد، وحوالى 8 ملايين شخص بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية"، وفق تقرير صادر عن المجلس النرويجي للاجئين.

 رهينة المصالح

ولذلك، وبعد أكثر من 5 أشهر من الانتخابات التشريعية التي شهدتها البلاد في مايو الماضي، ينتظر إتمام التشكيلة الحكومية التي يقوم بها عبد المهدي، في وقت يواجه معارضة عدد من أعضاء البرلمان لبعض مرشحيه، وخصوصا لحقيبتي الداخلية والدفاع الأساسيتين.

وفي هذا الإطار، قال الخبير في الشأن العراقي بجامعة سنغافورة فنر حداد لوكالة فرانس برس إنه "في غياب القاعدة السياسية والشعبية، وجد عبد المهدي نفسه رهينة للمصالح والقوى السياسية التي كان العراقيون يأملون أن تتصدى لها حكومته".

وأضاف أن "عملية تشكيل الحكومة المطولة، شهدت الكثير من الصفقات المعتادة، بالنسبة للسكان الذين كانوا يتوقعون بل ويطالبون، ببداية جديدة في أعقاب هزيمة داعش".

لكن رغم ذلك، يحذر المتابعون اليوم من خطر آخر، هو اندلاع حرب داخلية بين الأحزاب الكبيرة المسيطرة على المشهد السياسي، والتي كانت بالأمس تحت راية واحدة باسم قوات الحشد الشعبي وساهمت بشكل كبير في دحر "داعش" الإرهابي.

المملكة