وعدت أبرز الدول المعنيّة بالنزاع الليبي الأحد باحترام حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على ليبيا وبعدم التدخّل في شؤونها الداخليّة، سعيًا منها إلى إعادة السلم إلى هذا البلد الذي تمزّقه حرب أهليّة.

برغم ذلك، فإنّ تداعيات هذا الالتزام على الميدان حيث تستمرّ هدنة هشّة بين طرفي النزاع، لا تزال غامضة، بخاصّة أنّ رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السرّاج والمشير خليفة حفتر رفضا أن يلتقيا خلال هذه القمّة الدوليّة التي انعقدت في برلين برعاية الأمم المتحدة.

واعتبر وزير الخارجيّة الروسي سيرغي لافروف أنّ هذه القمّة كانت "مفيدة جدّاً"، غير أنّه أقرّ بأنّ الفجوة بين الرجلين لا تزال واسعة. وأضاف لصحافيّين في برلين "واضح أنّنا لم ننجح حتّى الآن في إطلاق حوار جدّي ودائم" بين السرّاج وحفتر.

"خطوة صغيرة"

كذلك، تحدّثت المستشارة الألمانيّة أنغيلا ميركل، كما لافروف، عن "خطوة صغيرة إلى الأمام"، وسط الإقرار بأنّه لا يزال هناك عمل كثير ينبغي إنجازه قبل الوصول إلى السلام.

ويتمثّل أبرز تقدّم سجّلته قمّة برلين في أنّ مسؤولي 11 دولة، بدءًا من روسيا وتركيا اللتين تلعبان دورًا محوريًّا في ليبيا، أشاروا إلى أنّ "لا حلّ عسكريًّا للنزاع"، وفق ما قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

وأضاف غوتيريش أنّ "جميع المشاركين التزموا عدم التدخّل بعد اليوم في النزاع المسلّح أو في الشؤون الداخلية لليبيا".

وفي حين تلقى حكومة الوفاق الوطني دعمًا عسكريًا من تركيا، يُشتبه في أنّ روسيا تقدّم، رغم نفيها المتكرّر، الدعم لحفتر.

ووعد المجتمعون باحترام حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة عام 2011 على ليبيا ولكنّه بقي حبرًا على ورق إلى حدّ بعيد.

ومنذ استئناف المعارك في نيسان/أبريل بين المعسكرين، قُتل أكثر من 280 مدنيًّا إلى جانب 200 مقاتل، بحسب الأمم المتحدة التي أشارت إلى نزوح أكثر من 170 ألفا.

من جانبه، طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يتّهمه حلفاء أوروبيون بدعم حفتر، بالكفّ عن إرسال مقاتلين سوريّين موالين لتركيا وجنود أتراك إلى طرابلس دعمًا لحكومة الوفاق.

قلق شديد

وأعلن ماكرون خلال المؤتمر "يجب أن أقول لكم إنّ ما يقلقني بشدّة هو وصول مقاتلين سوريين وأجانب إلى مدينة طرابلس، يجب أن يتوقف ذلك".

وتأمل الأمم المتحدة في أن تعزّز هذه القمّة اتّفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ عند أبواب طرابلس في 12 كانون الثاني/يناير بمبادرة من روسيا وتركيا.

ومن المتوقّع عقد لقاء قريبًا بين ممثّلين عسكريّين عن الطرفين بهدف تحويل هذه التهدئة إلى وقف إطلاق نار "دائم"، كما تمنّى المشاركون في القمة.

وتحدّث وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن "تقدّم" أُحرز في برلين باتّجاه "وقف إطلاق نار شامل".

غير أنّ الخبير في "معهد الشرق الأوسط" للأبحاث عماد الدين بادي اعتبر أنّ نتائج القمة "مخيبة" نوعاً ما، وذلك بالنظر إلى "أهمية المسؤولين" الذين شاركوا.

درس إرسال قوة دولية

لكنَّ بعض الاشتباكات شبه اليوميّة سُجّلت منذ إعلان وقف إطلاق النار، وكذلك يوم المؤتمر، في جنوب طرابلس.

وبعدما سيطر على شرق ليبيا وجزء كبير من جنوبها، شنّ حفتر هجوماً للسيطرة على طرابلس لكنه يواجه منذ نيسان/أبريل مقاومة شرسة، كما أن فريقه اوقف تصدير النفط الليبي عشية قمة برلين.

من جهته، طلب السراج الأحد إرسال "قوة عسكرية دولية" إلى ليبيا، برعاية الأمم المتحدة، في حال استأنف حفتر القتال، تكون مهمتها "حماية المدنيين".

وأعرب رئيسا الوزراء الإيطالي والبريطاني بشكل خاص عن استعدادهما للمساهمة في مراقبة وقف إطلاق نار دائم في ليبيا في حال تم التوصل إليه.

وسيتوجب على الاتحاد الأوروبي أن يبدأ الاثنين في بروكسل نقاشا حول مساهمته في هذا المجال.

أ ف ب