ولدت اللاجئة السورية ولاء البالغة من العمر 24 عاماً وهي تعاني من مرض خلقي في القلب يقلل من نسبة الأكسجين في جسمها مما يجعلها ضعيفة جداً وشاحبة اللون، وقد أمضت جزءاً كبيراً من حياتها في زيارة المستشفيات.

منذ 3 أعوام، بعدما اضطرت عائلتها إلى الفرار من سوريا وسط قصف شديد وبعد عامين من النزوح الداخلي، وبعد قيامها برحلة شاقة إلى بر الأمان في الأردن، شعرت ولاء بإرهاق شديد وتم نقلها بسرعة إلى غرفة الطوارئ لدى عبورهم الحدود.

ومنذ ذلك الوقت، تحتاج ولاء إلى فحوصات طبية منتظمة في المستشفى الحكومي المحلي في الزرقاء، وهي مدينة تبعد 25 كلم شمال شرق العاصمة عمّان حيث تعيش العائلة حالياً.

ولكن في وقت سابق من 2018، ومع الارتفاع الكبير في التكاليف الطبية الخاصة باللاجئين السوريين، اضطرت ولاء للمخاطرة بصحتها.

وتشرح والدتها ريما، البالغة من العمر 45 عاماً، قائلةً: “تحتاج ابنتي للعلاج في المستشفى ولكننا لا نستطيع تأمين هذه التكاليف في كل مرة. في الماضي، كنا ندفع رسماً بسيطاً في المستشفى ولكن يتعين علينا الآن تسديد مبلغ كبير”.

يستضيف الأردن أكثر من 673 ألف لاجئ سوري مسجل، عدد كبير منهم وصلوا خلال المراحل الأولى من الصراع الدامي في سوريا والذي يسير في عامه الثامن.

إلى جانب هؤلاء اللاجئين، يستضيف الأردن حالياً حوالي 86 ألف لاجئ من جنسيات أخرى، من بينهم عراقيون وسودانيون ويمنيون وصوماليون.

وقد فرض العبء المالي المترتب على استضافة عدد كبير من اللاجئين لفترة طويلة ضغطاً كبيراً على البلاد وبناها التحتية بما في ذلك المستشفيات العامة والعيادات.

وبعد أعوام من تقديمها خدمات صحية للاجئين السوريين ودعم لتكاليف الخدمات الطبية بشكل كبير، اضطرت الحكومة في فبراير 2018 لرفع الرسوم المتعلقة بالمرافق التابعة لوزارة الصحة، وبالتالي ارتفعت التكاليف إلى حوالي 5 أضعاف مما كانت عليه في السابق.

اللاجئون لا يستطيعون تأمين التكاليف

ونظراً لأنها لم تعد قادرة على تأمين تكاليف الفحوصات المنتظمة المطلوبة لولاء في المستشفى، بدأت العائلة بزيارة طبيب محلي لوصف الدواء مباشرةً في محاولة للتوفير.

لكن مخاطر هذه الخطوة ظهرت عندما ذهبت أخيراً إلى المستشفى لأول فحص لها منذ ارتفاع التكاليف.

أظهرت النتائج أن مستويات الأكسجين في دمها كانت متدنية بشكل كبير وأنها تعرضت لالتهاب في الصدر وتم نقلها إلى وحدة للرعاية المتخصصة في الليل.

وقالت والدتها ريما: “بعدما فحصها الأطباء اليوم، قالوا بأنه يجب دائماً مراقبتها في مستشفى”.

سناء البلبيسي، المديرة المالية في مستشفى الرزقاء، قالت بأن تكاليف الفحص الطارئ ارتفعت من أقل من نصف دينار أردني  إلى 6.40 ديناراً أردنياً، كما أن تكاليف صور الأشعة السينية واختبارات الدم غالباً ما تجعل التكاليف أعلى بكثير.

وأضافت، "كان لهذه الزيادة تأثير كبير على العديد من السوريين الذين يزورون المستشفى".

وقالت البلبيسي: “أدى التغير في التكاليف إلى تراجع عدد السوريين الذين يأتون إلى الطوارئ لأنه بات يتعين عليهم الآن دفع المزيد من المال، وكلاجئين، فإنهم لا يستطيعون تأمين التكاليف”.

أكثر من 85% من اللاجئين السوريين الموجودين في القرى والبلدات في الأردن يعيشون تحت خط الفقر، أي بأقل من 3 دولارات أميركية في اليوم.

ونظراً لأن عدداً كبيراً من العائلات تصارع من أجل تأمين الاحتياجات الملائمة من الغذاء والمياه والمأوى، فإن عدداً قليلاً فقط يمكنه تلبية التكاليف الطبية الإضافية.

نتيجة لذلك، سعت المفوضية لسد هذه الثغرة وتوفير التمويل الإضافي لضمان حصول اللاجئين على الرعاية الصحية الأساسية التي يحتاجون إليها.

ورفعت المفوضية طلب تمويل الرعاية الصحية بثلاثة أضعاف لعام 2019 للحصول على 65.5 مليون دولار أميركي للاجئين السوريين بالإضافة إلى 4.8 مليون دولار أميركي لغير السوريين.

في موازاة ذلك، كثفت المفوضية حشد دعم الجهات الفاعلة في المجال الإنمائي لدعم احتياجات وزارة الصحة على المدى الطويل.

لا أستطيع أن أعيش كباقي الأشخاص العاديين

ووفقاً لدينا جردانة، وهي مساعدة مسؤول الصحة العامة في المفوضية في الأردن، فإن تجربة ولاء هي جزء من حالة منتشرة ومضرة بين اللاجئين السوريين بعد التغير الذي طرأ على الإجراءات المتعلقة بتكاليف الرعاية الصحية.

وقالت: “وضع ولاء هو مثال واضح عن أن هذه الإجراءات دفعت باللاجئين إلى الحد من زياراتهم إلى مرافق وزارة الصحة نتيجة لارتفاع التكاليف، وقد أثر ذلك على حياتها حيث أنها وصلت إلى مرحلة يتعين عليها البقاء في المستشفى”. 

بالنسبة لولاء، وعلى الرغم من أن المفوضية سوف تغطي تكاليف مبيتها الليلي في المستشفى، إلا أنها قلقة من أن لا تتمكن عائلتها من تأمين تكاليف الفحوصات المنتظمة التي كانت تقوم بها مجاناً وهي تخاف من تأثير ذلك على صحتها.

“لا أحب أن تدفع عائلتي أي تكاليف حيث لديها مسؤوليات أخرى كثيرة كإيجار المنزل والفواتير ووضعنا المالي سيء”، تقول ولاء.

وأضافت، “لا أستطيع العيش كباقي الأشخاص العاديين، كأولئك الذين يركضون ويمشون... لا يمكنني القيام بأي شيء من ذلك، آمل أن أتعافى من مرضي وأن لا أشعر بالتعب من جديد وأن أعيش كأي فتاة طبيعية”.

تشارلي دنمور / ريما شري 

المفوضية السامية لشؤون اللاجئين