مع إدائه اليمين الدستورية الاثنين لولاية جديدة من خمس سنوات بصلاحيات معززة، من المتوقع ان يواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اسلوبه الصدامي في سياسة أنقرة الخارجية، ولو ان المراقبين لا يستبعدون ان يسعى الى تسويات.

وشهدت الاشهر التي سبقت فوزه في الانتخابات الرئاسية في 24 حزيران/يونيو توترا حادا بين أنقرة والدول الغربية بالتوازي مع تقارب بين أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

في ما يلي أبرز التحديات الخمسة التي تواجه أردوغان خلال ولايته الجديدة:

العلاقات مع الولايات المتحدة

العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، اللتين تملكان اكبر جيشين في حلف شمال الاطلسي، معقدة بسبب الخلافات حول الملف السوري، ومصير الداعية فتح الله غولن المقيم في المنفى في الولايات المتحدة، والذي تصر انقرة على تسليمه لها لاتهامه بالوقوف خلف الانقلاب الفاشل في تموز/يوليو 2016.

كما يؤدي دعم واشنطن لوحدات حماية الشعب الكردية الى توتر في  العلاقات مع انقرة التي تعتبر هذه المجموعة المسلحة منظمة "إرهابية" تهدد حدودها.

وقال الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى سونر كاغبتاي ان اردوغان قد يبقى على خطه المتشدد في هذه القضية إذ أنه بحاجة إلى دعم حلفائه  القوميين المتطرفين للاحتفاظ بغالبيته البرلمانية. 

ومع ذلك، يرى محللون ان الولايات المتحدة مستعدة لتقديم تنازلات رغم التوتر، كما يتضح من تسليم أول طائرة من طراز اف 35 الى تركيا في نهاية حزيران/يونيو.

روسيا

رغم قرون من التنافس الشديد بين القوتين التركية والروسية، اقام اردوغان والرئيس فلاديمير بوتين علاقة شخصية وثيقة في السنوات الاخيرة، وتخطيا أزمة دبلوماسية خطيرة في أعقاب اسقاط انقرة مقاتلة روسية فوق الحدود السورية في 2015.

وتوصلت انقرة وموسكو الى اتفاق بشأن شراء تركيا منظومة صواريخ اس-400 الروسية التي لا تتماشى مع منظومة الدفاع الخاصة بالحلف شمال الاطلسي.

وكان بوتين احد اوائل الزعماء الاجانب الكبار الذين هنأوا الرئيس التركي على اعادة انتخابه.

لكن  الباحث في برنامج الدراسات حول طريق الحرير غاريث جنكنز يعتبر انه "سيتعين على اردوغان الاختيار بين الولايات المتحدة وروسيا، وسيدفع ثمنا، مهما كان خياره".

سوريا

منذ بداية الأزمة التي تحولت إلى نزاع دام في سوريا المجاورة عام 2011، دعمت تركيا بقوة المعارضين ضد الرئيس بشار الاسد، رافضة أي حوار مباشر مع دمشق.

لكن بمواجهة اتساع بقعة النزاع لتصل إلى أراضيها مع تدفق اكثر من ثلاثة ملايين لاجئ وتمركز جماعات مسلحة على حدودها وخصوصا من الاكراد، تخوض أنقرة حاليا حملة عسكرية في سوريا وتسعى إلى تسريع عودة السوريين الى بلادهم.

ويقول آرون شتاين من مكتب "المجلس الأطلسي" (اتلانتيك كاونسل) ان تركيا توصلت الى "صيغة" مع الاسد تمر عبر موسكو، متخلية عن أي "مساع لتغيير النظام".

واضاف "يقبل الاتراك بقاء النظام في السلطة، لكنهم مصممون على اقامة منطقة نفوذهم الخاصة على طول الحدود لتكون بمثابة فاصل".

الاتحاد الاوروبي

تمر العلاقات بين تركيا والاتحاد الاوروبي بفترة صعبة خصوصا منذ محاولة الانقلاب على اردوغان في تموز/يوليو 2016، مع قيام انقرة مذاك بحملة تطهير واسعة، ما يثير قلق بروكسل.

الا ان الدبلوماسي التركي المخضرم  اوزدم سانبرك مقتنع بأن  عهدا من التسويات سيبدأ وأن "العلاقات سترتكز على اسس اكثر متانة".

ابرمت انقرة مع الاتحاد الاوروبي عام 2016 اتفاقا حول الهجرة ادى الى خفض كبير في اعداد المهاجرين الذين ينتقلون من تركيا الى اوروبا.

لكن اردوغان الذي لم يفاوض بشكل مباشر على الاتفاق هدد مرارا "بارسال ملايين المهاجرين" الى اوروبا.

طموحات عالمية

يعتمد اردوغان منذ سنوات سياسة خارجية متعددة الاتجاهات، فيسعى الى ابراز نفسه بطلا للقضية الفلسطينية ومدافعا عن الاقليات المسلمة في جميع أنحاء العالم.

وعندما اعترفت الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لاسرائيل، جمع اردوغان قادة كبرى الدول المسلمة في محاولة لتنسيق الرد على هذه الخطوة.

وكدلالة على موقف أنقرة الدبلوماسي، كان الرئيسان الفنزويلي نيكولاس مادورو والسوداني عمر البشير بين اوائل المهنئين لإردوغان بفوزه في الانتخابات، وهما منبوذان من الغرب.

ويعتبر جنكنز ان انقرة باتت من حيث موقعها هذا معرضة لارتكاب أخطاء دبلوماسية. ويرى أن على إردوغان أن "يبدأ بتعيين أشخاص يفهمون السياسة الخارجية وعلى استعداد لقول الأمور كما هي بصراحة له".

أ ف ب